رمز الخبر: ۳۱۹۲۳
تأريخ النشر: 12:20 - 04 September 2012
ويوجد ايضا هكذا توجه خاطئ في تحليل الازمة السورية. وكما اسلفنا فان الكثير من الاسلاميين السنة ينظرون الى هذه الازمة بنظرة مذهبية. ومن وجهة نظرهم يقوم النظام العلوي لبشار الاسد مدعوما من ايران الشيعية بقتل السنة في سورية.
عصر ايران ؛ علي قادري – اعلن الدكتور علي ياسر المتحدث باسم الرئاسة المصرية ان اللقاء بين محمد مرسي والرئيس الايراني لم يتطرق الى موضوع تطبيع العلاقات الثنائية واعادة افتتاح سفارتي البلدين بل ان المحور الرئيسي للمحادثات تركز على تسوية الازمة السورية.

ومن دون ان نريد في الظروف الحالية التقليل من القيمة الدبلوماسية لزيارة الرئيس المصري الى ايران ومشاركته في قمة عدم الانحياز بطهران ، يجب الاعتراف بانه على الرغم من كون قنوات الاتصال بين ايران ومصر مفتوحة، فان تحسين العلاقات الثنائية يواجه عقبات جادة تشكل الازمة السورية احداها فحسب.

وخلال الاسبوع المنصرم، لم تتوقف مدفعية السلفيين عن الاطلاق حتى في محافظة مطروح مسقط راس مرسي اذ اتهم الشيخ علي غلاب امام مجموعة "الدعوة السلفية" في صلاة الجمعة، الرئيس المصري بخيانة دماء الثوريين السوريين بسبب زيارته الى "طهران".

كما وجه الدكتور احمد خليل عضو الهيئة العليا لحزب "النور" السلفي الذي يعد الحليف السياسي الرئيسي للاخوان المسلمين في مصر، انتقادا لاذعا لمرسي لزيارته الى طهران وقال ان التقارب بين ايران ومصر سيؤدي الى اندلاع موجة من الغضب لدى السلفيين ضد الاخوان المسلمين.

ونقلت صحيفة "الاخبار" البيروتية عن خليل اعلانه في مقابلة صحفية غضب السلفيين من هذه الزيارة وقال ان من غير المقبول ان تقدم مصر على اقامة علاقات مع بلد يدعم العسكريين الذين يسفكون دماء اهالي السنة في سورية. وذهب هذا العضو السلفي البارز في معاداة ايران الى ابعد من ذلك عندما اشاد بنظام مبارك لعدم اقامته علاقات دبلوماسية مع ايران.

وكانت نيران السلفيين كافية لكي تدفع مرسي وقبل وصوله الى طهران للقول في مقابلة مع رويترز بان حل الازمة السورية يكمن فقط في تنحي النظام السوري ليدق بذلك مسمار نعش المشروع الايراني المصري المشترك لتسوية الازمة السورية، قبيل وصوله الى طهران.

واظهرت كلمة الدكتور مرسي في افتتاحية قمة طهران، بوضوح الحساسيات المذهبية للطرف المصري. وكان واضحا من كيفية بدء كلمته بان الرئيس المصري يحاول من خلال الترضي عن الخلفاء الراشدين و "جميع صحابة" الرسول الاكرم (ص) ان يطرح هويته السنية في طهران لكي يتم تلقي رسالتها داخل مصر. وسبب هذه الحالة المذهبية لمرسي يجب البحث عنه في "تصور" الرئيس المصري هذا من انه يلقى كلمة حاليا في عاصمة بلد يرفع راية التوسعية الشيعية ومعاداة السنة (!).

وقد يكون هذا التحليل غريبا جدا بالنسبة للكثير من المتلقين الايرانيين، لكن الحقيقة ان هذا التصور ليس سائدا لدى السلفيين والجماعة الاسلامية والعديد من اعضاء الاخوان المسلمين في مصر – واحدهم الدكتور مرسي – فحسب بل ان نظراء هذه المجموعات من الاسلاميين في سائر البلدان العربية يحملون نفس الانطباع تجاه ايران.

وطبعا فان هؤلاء الاسلاميين يفضلون اللجوء الى الصمت تجاه الدعم اللامحدود الذي قدمته ايران وحزب الله على مدى العقد الماضي لحماس السنية. وحتى ان البعض منهم ينسى سريعا كيف ان العمليات التي انتهت خلال الثورة ضد مبارك الى خروج سامي شهاب من مصر، ترافقت مع تحرر بعض زملائهم الاسلاميين من سجون النظام السابق!

ويوجد ايضا هكذا توجه خاطئ في تحليل الازمة السورية. وكما اسلفنا فان الكثير من الاسلاميين السنة ينظرون الى هذه الازمة بنظرة مذهبية. ومن وجهة نظرهم يقوم النظام العلوي لبشار الاسد مدعوما من ايران الشيعية بقتل السنة في سورية.

ومن دون ان نريد الخوض في جذور اندلاع الازمة السورية واستمرارها او انكار الدعم الايراني للنظام السوري يجب القول بان ركيزة هكذا استدلال مهتزة بدليل ان وزير الدفاع والعديد من قادة وضباط وجنود الجيش السوري ممن يحاربون حاليا المعارضين المسلحين السوريين وغير السوريين في مختلف المناطق السورية، هم من اهل السنة لا علويين ولا مسيحيين.

والم يكن معظم ضحايا تفجيرات القاعدة في جنوب دمشق او حلب هم من السنة؟ ولماذا لا يتحدث الاسلاميون في مصر عن ابادة السنة في سورية على يد القاعدة عندما يقوم المجاهدون السنة من تنظيم القاعدة بتفجير القنابل وقتل العديد من المواطنين السوريين السنة؟!

ورغم كل الانتقادات الموجودة تجاه السلوك السياسي والامني للنظام السوري لا يمكن تجاهل حقيقة ان السياسات العامة لهذا النظام هي علمانية وحتى ان اخطاءه تفتقد الى الجذور والتوجهات المذهبية.

فعلى سبيل المثال ، هل كان النظام السوري يسال حماس عن مذهبها السني عندما كان يضع في تصرفها الصواريخ المضادة للدورع وفقا لاستراتيجية امنه القومي؟ وهل يميز هذا النظام في تعامله البوليسي مع معارضيه السياسيين بين هيثم المناع السني وميشيل كيلو المسيحي؟

والهدف ليس طبعا الدفاع عن النظام في سورية، بل يجب النظر الى الحقائق كما هي وتجنب النظرية الاحادية سواء كانت لحساب الاسد او لحساب معارضيه.

ان تكون جذور هذا العداء المذهبي للاسلاميين المصريين، في الرياض او تل ابيب او كما يقول القدماء، لندن، فالامر لا يختلف كثيرا. فلنترك سورية حيث ان العداء بين الطرفين اكثر تجذرا من هذه الازمة، لكن فيما يتعلق الامر بايران فان الكثير من الاسلاميين المصريين بمن فيهم سلفيو حزب النور والدعوة واعضاء الجماعية الاسلامية وبعض اعضاء الاخوان المسلمين اصيبوا بسوء فهم كبير، سوء الفهم الذي يتعمق يوما بعد يوم في غياب حوار ثنائي.

ومن دون ان نريد انكار خلافاتنا مع هؤلاء الاسلاميين في مصر يجب القول بان من المستبعد كثيرا ان يكون هناك في الجانب الايراني من يريد عرقلة بدء هذا الحوار. وعندما يزور الرئيس المصري ايران ستحدث امكانية توسيع الاتصال بين الطرفين بما في ذلك امكانية الحوار مع هذه الاحزاب الاسلامية تحت اشراف الحكومة المصرية. وطبعا ان جميع هذه الاحتمالات رهن بخيار هذه الاحزاب وافاق نظرتها الى ايران والتي تبدو انها غير بناءة المرة ومستبعد جدا ان تؤيد هكذا رؤى الى تحسين العلاقات الثنائية فضلا عن الضغوط الخارجية التي تمارس للحد من توسيع العلاقات بين ايران ومصر.

وكان احد الكبار قد قال يوما متوجها الى مثل هذه المجوعات: ان الانتخاب يعود اليكم. فان اردتم الحب فاننا سنحبكم وان اردتم نسياننا فاننا سننساكم لكن ان اردتم معاداتنا فاننا سنعاديكم بالمقابل!