رمز الخبر: ۳۱۹۴۵
تأريخ النشر: 15:14 - 11 September 2012
السبب الاول هو ان طهران كواحدة من خنادق المقاومة المهددة للظروف الضامنة لهیمنة الدول الغربیة علي العالم، باصرارها علي مواقفها للوصول الي حقوقها النوویة المشروعة، برزت كتحد اساسی فی وجه اغراض ومطامع نظام الهیمنة.
انعقاد اجتماع القمة للدول الاعضاء فی حركة عدم الانحیاز فی طهران واستمرار انشطة الحركة برئاسة ایران، یوفران الفرصة لتحقیق الامال والاهداف الاساسیة التی تبلورت الحركة علي اساسها وتتابع تغییر مسار التطورات وصورة مستقبل النظام الدولی.

ومع انتهاء اعمال القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحیاز فی طهران، فقد توفرت الفرصة لتجدید ادارة ورئاسة حركة لم تتمكن بصورة كاملة علي مدي اعوام طویلة رغم القوة الكامنة التی تمتلكها من تفعیل اهدافها الاساسیة.

** حركة عدم الانحیاز من البدابة الي الان لایجاد نظام اكثر عدالة فی العلاقات الدولیة

---------------------------------------------------------------------------------

بعد انتهاء الحروب والنزاعات التی واجهتها الكثیر من دول العالم قبل منتصف القرن الماضی، تاسست منظمة الامم المتحدة علي اطلال الاتفاقات الدولیة، بمیثاق یضمن الحقوق المبدئیة للبشریة والحقوق العادلة والمتساویة للدول تحت مظلة السلام والاستقرار العالمی.

ولكن منذ البدایة ادي استقطاب القوتین الخارجتین من قلب الحرب الي تكتلات عالمیة وانشاء معسكرات دولیة متناحرة تحت قیادة امیركا والاتحاد السوفیتی السابق واصبحت اهداف كتحقیق السلام والاستقرار الدولی العادل وحق الشعوب بتقریر المصیر تحت ظلال منافسات واطماع القوي الكبري.

وفی الظروف التی كانت فیها ظاهرة الاستعمار اللاانسانیة والبغیضة من قبل القوي الكبري تضیق الخناق علي المجتمع العالمی، بادر قادة مستقلون لایجاد تیار ثالث فی النظام الدولی لیكون قاعدة لتحول جوهری فی مسار التطورات العالمیة.

** قمة طهران

----------------

انعقاد القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحیاز فی طهران اختلف بصورة اساسیة عن الدورات السابقة حیث اختصت بتنظیمها دولة (وهی الجمهوریة الاسلامیة فی ایران) تتطابق توجهاتها الدولیة عملیا مع الاهداف الاساسیة والمفتاحیة للحركة بصورة ممیزة وهو الامر الذی جعل طهران محط اهتمام العالم.

وخلافا للدورة السابقة التی عقدت فی القاهرة وكانت رئاسة الحركة بعهدة مصر ومتاثرة بادارة رئیس نظام تابع وغیر مستقل مثل الرئیس المخلوع حسنی مبارك، فقد ادت القمة السادسة عشرة الي تفعیل الحركة.

وبسبب رئاسة شخصیات مثل مبارك والتی زادت من خمول وترهل الحركة فان تحلیلات غالبیة مراقبی التطورات الدولیة كانت تتحدث عن الافول والزوال التدریجی للحركة.

ولكن مع اقتراب موعد انعقاد القمة السادسة عشرة فی طهران ازدادت التوقعات مرة اخري بتسجیل منعطف علي صعید التطورات الدولیة للدول غیر المنحازة.

فقبل اشهر من انعقاد القمة عبأت اجهزة الدعایة والاعلام الغربیة كبوق لقوي الهیمنة العالمیة كل امكانیاتها ووصلت الي الذروة محاولاتها السیاسیة الدبلوماسیة بقیادة امیركا للتاثیر علي مركزیة ایران ورئاستها للحركة خلال انعقاد القمة السادسة عشرة.

وفی هذا الخضم استمرت محاولات حماة نظام الهیمنة بصورة علنیة ومباشرة وفی مقدمتها العمل لمنع حضور الشخصیات ورؤساء الدول والایحاء بعدم جدوي وفائدة هذا الاجتماع الكبیر فی طهران.

** نظرة الي معارضة الدول الغربیة لنتائج قمة طهران

-------------------------------------------------

یعتقد الكثیر من المحللین ان هنالك سببین لتصل الي الذروة محاولات الدول الغربیة وعلي راسها امیركا للاصطفاف امام نشاط الدول غیر المنحازة ومكتسبات القمة لطهران.

السبب الاول هو ان طهران كواحدة من خنادق المقاومة المهددة للظروف الضامنة لهیمنة الدول الغربیة علي العالم، باصرارها علي مواقفها للوصول الي حقوقها النوویة المشروعة، برزت كتحد اساسی فی وجه اغراض ومطامع نظام الهیمنة.

بناء علي ذلك كانت طهران خلال الاعوام الاخیرة مستهدفة فی غالبیة التهدیدات والعقوبات والضغوط المفروضة من قبل دول كانت تحلم باركاع الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة عبر استغلال الالیات الدولیة مثل قرارات مجلس الامن بصورة ظالمة.

لذا فان انعقاد قمة طهران باطاحته لهذه الاحلام قد اثبت بان سیاسة فرض العزلة علي الجمهوریة الاسلامیة لم تلق سوي الفشل الذریع رغم جمیع تمهیدات ومحاولات القوي الدولیة وانفاق اثمان لا حصر لها.

وباقرار الغربیین انفسهم فان اعادة تعریف التبادلات والعلاقات السیاسیة والتجاریة وحتي الامنیة بین طهران والكثیر من الدول غیر المنحازة – فی ضوء اهتمام ایران بمتابعة المصالح الوطنیة المستقلة عبر توسیع التعاون المشترك – كاحد المكتسبات المهمة التی حققتها القمة للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، قد اوجد تصدعات لا یمكن ترمیمها فی الحصار المفروض من قبل القوي الدولیة حول ایران وجعل استراتیجیة العقوبات التی تعد احدي اهم ادوات الضغط علي ایران عدیم الفاعلیة اكثر من ذی قبل.

فضلا عن ذلك فان انعقاد القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحیاز بقیادة الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة واستمرار ادارة ایران للحركة عبر الحضور فی 'ترویكا رئاسة الحركة' حتي العام 2008 قد اظهر التحدی الذی یشكله تبلور حركة النهضة للدول غیر المنحازة من اجل ایجاد التغییر فی النظام غیر العادل السائد فی العالم بصورة اكثر جدیة امام انظار القوي الكبري خاصة الدول الغربیة.

** قلق الغربیین من ایران خوف حقیقی ومتجذر

-------------------------------------------------

ان تاكید قادة الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة علي ضرورة تغییر آلیات ادارة العالم وبث روح جدیدة فی جسد حركة عدم الانحیاز خلال انعقاد القمة السادسة عشرة فی طهران، اثبت بان طهران مازالت مركز المقاومة العالمیة امام النظام الظالم السائد علي العالم حالیا وفی الاصرار علي تغییر صورة النظام الدولی.

ان ما تمت المصادقة علیه فی البیان الختامی من قبل قادة ومندوبی اكبر مؤتمر دولی مستقل، هو ادانة العقوبات احادیة الجانب ودعم حقوق الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة والدول المستقلة الاخري فی استخدام الطاقة النوویة للاغراض السلمیة والتاكید علي رعایة حقوق الانسان من دون اعتبارات سیاسیة وغیر ذلك من القرارات التی اجهضت كل امكانیات وتمهیدات الغرب لفرض الضغوط علي ایران.

من جانب اخر فان مساعی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة الرامیة لاستعادة قوة وفاعلیة الاعوام الاولي لتاسیس الحركة والمزید من تفعیل الحركة للوصول الي الاهداف البنیویة لعدم الانحیاز بعیدا عن الشعارات منتهیة الصلاحیة لبعض الاعضاء، قد زادت من قلق القوي الغربیة.

وفی الوقت الذی تري فیه قوي الهیمنة العالمیة، تبوؤ الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة كرسی ورئاسة دول عدم الانحیاز، فانها كانت قد تلقت منها (من ایران) اولي الضربات علي الصعید الدولی بعد الحرب العالمیة.

ان اتباع نهج ایران فی المقاومة الدولیة فی فترة تامیم النفط كان قد رسم حسب تاكیدات مؤسسی حركة عدم الانحیاز خارطة طریق لمواجهة قوي الشرق والغرب عبر تاسیس قطب منفصل وقوة ثالثة، والان فان مقاومة الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة النوویة تتجه لرسم خارطة طریق جدیدة فی ضوء الظروف الراهنة للنظام الدولی ووضعها تحت تصرف الحركة.

** مسك الختام

--------------

من المسلم به انه لو كانت الحركة عدیمة الفاعلیة، حتي لو كانت تمتلك امكانیات هائلة، فانها سوف لن یكون لها محل من الاعراب لدي الدول التی ادارت العالم لحد الان بادوات غیر عادلة ووفق رغباتها وفی مسار ضمان منافعها واغراضها.

وفی هذ الصدد فان ما یدعو للقلق البالغ لحكام نظام الهیمنة هو رئاسة وادارة الطاقات اللامتناهیة لغالبیة دول العالم – دول عدم الانحیاز تشكل ثلثی دول العالم – من قبل واحدة من اهم رموز المقاومة العالمیة لتحقیق السلام والامن العادل.

ورغم ان تعبئة واستخدام هذه الطاقات فی ضوء تنوع المصالح وعدم التناسق الجغرافی والمواقف السیاسیة والایدیولوجیة وكثرة اعضاء الدول الاعضاء فی الحركة بحاجة الي قطع طریق شاق وان العقبات التی تضعها قوي الهیمنة السائدة علي العالم ستزید من وعورة الطریق الا ان رئاسة ایران كدولة قطعت الجزء الاكبر من طریق المقاومة لتحقیق الاستقلال والتنمیة والحریة بامكانها ان تجعل هذا الامر ممكنا.

عملیا فان متابعة سبل كتبدیل حركة عدم الانحیاز الي منظمة ذات قرارات ملزمة، تعتبر الخطوة الاولي التی ستصر علیها الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة فی فترة رئاستها للحركة، لتقوم الي جانب كونها ملهمة لانموذج المقاومة كروح جدیدة فی جسد الحركة، بتوفیر الارضیات اللازمة لتحقیق نهضة وازدهار هذه الحركة التی جددت شبابیتها.

المصدر: ارنا