رمز الخبر: ۳۲۰۵۶
تأريخ النشر: 12:36 - 25 October 2012
من هو قاتل وسام الحسن وما الاهداف التي كان يتوخاها من حذفه؟ وحسب المالوف، فان اصابع الاتهام وجهت الى سورية.

عصر ايران ؛ علي قادري – مرة اخرى بيروت ودوي انفجار، عندما اهتزت الاشرفية بفعل التفجير، وابتلعت رئيس فرع المعلومات بقوى الامن الداخلي اللبناني.

وبالنسبة للذين لم يعرفوا وسام الحسن، يكفي ان يعرفوا بان قيمة هذا الضابط الامني بالنسبة لحزب المستقبل والسعودية تماثل قيمة عماد مغنية بالنسبة لحزب الله وايران، مع اختلاف انه ان كان الحاج رضوان (عماد مغنية) على قيد الحياة، فانه لم يكن هناك مكان لوسام الحسن!

لذلك فان اغتيال وسام الحسن وجه ضربة قاصمة للاستخبارات السعودية قبل ان يكون خسارة كبرى لجهاز الاستخبارات الداخلي اللبناني، ووجه رسالة واضحة الى الملك: صفقة كبيرة على الابواب ما تؤدي الى معارضة السعودية الحازمة لشطبها من المعادلة.

من هو قاتل وسام الحسن وما الاهداف التي كان يتوخاها من حذفه؟ وحسب المالوف، فان اصابع الاتهام وجهت الى سورية.

وعلى الرغم من ان هذا التفسير لا يعني طهر الجهاز الاستخباراتي السوري في لبنان، لكن الحقيقة، هي ان اتهام سورية بالوقوف وراء التفجير بهدف استغلاله في المنافسات السياسية، يقلل من شان ومكانة جهاز استخبارات هذا المقتول الذي يرقد الان بجانب رفيق الحريري. لاعب الميدان الذي كان اوسع بكثير من شوارع بيروت وطرابلس، ميدان لا يحتضن بعد الان 14 مارس.

ان هؤلاء بذلوا محاولات على مدى الايام القلائل الماضية لتغيير المعادلة السياسية اللبنانية لحسابهم من خلال تكرار "ثورة الارز"، وكما تسلقوا على اكتاف الاخرين لسنوات تحت طائلة الثار لدم رفيق الحريري، يريدون الان فعل الشئ نفسه تحت اسم وسام الحسن، متغافلين عن ان معادلات 2012 لا تشبه ابدا معادلات 2005. فان استطاع هؤلاء في تلك الحقبة وبمدد الدعم الغربي والعربي، طرد "عمر كرامي" من السراي الحكومي، فهذه المرة لا يوجد هكذا دعم ومساندة فحسب بل ان طرفي المعادلة الكبرى يفضلون بقاء "ميقاتي".

ولهذا السبب فاني رددت على صديق كان يستفسر مني اخبار شوارع بيروت، عن طريق رسالة نصية قلت له فيها : لا تقلق، لا جديد تحت سقف بيروت!

وانتهت الاخبار في بيروت عندما انتهى وسام الحسن في الاشرفية ومع مقتله، ضعف موقع السعودية في لعبة "الحرب بشان سورية".

وطيلة اكثر من عام، تولى جهاز الاستخبارات اللبناني نيابة عن الاستخبارات السعودية، توجيه السلاح و المسلحين الى سورية وكانت محافظة حمص السورية مسرحا للسلاح والمسلحين، الذين كانوا يتوجهون الى الجبهتين الغربية والجنوبية لمقاتلة الجيش السوري.

ان شحنات الاسلحة التي كانت تصل خلال هذه الفترة من ليبيا وباقي الاسواق السوداء في اسرائيل واوروبا الشرقية الى ميناء طرابلس او بيروت، كانت تصل بتوجيه من العميد وسام الى عكار والبقاع الشرقي لكي تدخل لاحقا الى سورية.

وهنا كان دور القوات البحرية الالمانية، اي البلد الذي شارك فيه وسام الحسن في اخر جلسة من عمره مع جهاز الاستخبارات الفدرالي الالماني، بارزا بالكامل.

وكانت شحنات الاسلحة تمر من امام البوارج الحربية الالمانية التي كانت تعمل في البحر الابيض المتوسط ضمن قوات اليونيفيل والقرار 1710 الصادر عن مجلس الامن الدولي المعني بمراقبة الحدود البحرية اللبنانية ازاء دخول الاسلحة غير الشرعية.

ان سلاح البحر الالماني يلعب ذلك الدور البالغ في الازمة السورية بحيث ان قناة الميادين ذكرت في تقرير لها ان هذا السلاح تولى قيادة احدى عمليات الجيش السوري الحر ضد مقار الجيش السوري، لكن انقطاع اتصال البارجة الالمانية بمستقبلات الجيش السوري الحر على يد قمر صناعي روسي، وجه هذه الرسالة الى الالمان باننا نراكم!

وعلى النقيض من تركيا التي دفعت اثمانا اقتصادية وامنية وسياسية باهضة في الازمة السورية وان استمرار الوضع القائم يضر انقرة كثيرا، فان السعودية لم يكن لديها نفس القلق الذي ينتاب تركيا. ان احقاد الرياض تجاه دمشق، كبيرة لدرجة انه ان كانت هذه الازمة تستمر الى ما لا نهاية، لم يكن الامر يختلف ابدا بالنسبة للسعودية. ولهذا السبب لم تبد السعودية وعلى النقيض من تركيا، رغبة للمشاركة في اللجنة الرباعية لحل الازمة السورية، لانه مع الزج بلبنان في هذه المعركة، كانت الرياض تلعب دور من يوفر وقود هذه المعركة، لكي تبقى بمناى عن نيرانها.

ومن جهة اخرى، فان السعودية لم تكن غير راغبة في تقويض تركيا في الاتون السوري، لان ال سعود يعرفون جيدا، ان صراعهم الرئيسي لقيادة العالم السني، سيكون مع الاتراك.

وفي باكو عندما التقى رئيس وزراء تركيا الذي دعا الى الصلاة في المسجد الاموي بدمشق، وكان وزير خارجيته يطرح الوصفة اليمنية لحل الازمة السورية، التقى مع احمدي نجاد وشرح في تراجع واضح كيف ان الغرب والولايات المتحدة جاهزون لعقد صفقة بشان الملف السوري، كما ان تركيا جاهزة لقبول فترة انتقالية في سورية تحت قيادة بشار الاسد.

وبذلك يبدو بان طرفي الازمة السورية، يحاولان زيادة اوراقهم للدخول في صفقة. ان الصراع الرئيسيي لا يدور الان في حلب او دمشق، انما المعركة الرئيسية تدور رحاها من اجل زيادة الاسهم والارصدة لعقد هذه الصفقة.

وكما ان روسية وايران والصين وفي ظل دعمها لهيئة تنسيقيات المعارضة السورية وحفظ توازن الاخيرة مع بشار الاسد، قد ثبتت موقعها في الطرف الاخر من الطاولة، فان الغرب وتركيا يحاولان ايضا، دفع الجيش السوري الحر والمجلس الوطني السوري الى الدخول الى معادلة فترة الانتقال، المسالة التي لن ترضخ لها اطلاقا روسية وايران والصين وطبعا النظام في سورية.

ان المرحلة الانتقالية تعني ان تتم الفترة الانتقالية بقيادة بشار الاسد واجراء انتخابات برلمانية وثم رئاسية بمعنى حذف السعودية من ساحة اللاعبين في الازمة السورية كما ان حذف وسام الحسن في بيروت يعنى انهاء دور القوى التي تغذيها السعودية في الجبهتين الغربية والجنوبية لسورية.

وهذه هي الرسالة الرئيسية لاغتيال العميد في بيروت، وهي موجهة الى السعودية. وبذلك فانه بقدر ما ينتفع النظام السوري من حذف وسام الحسن، فان تركيا تنتفع هي الاخرى من اجل زيادة اسهمها في العواصم الاوروبية وواشنطن في مقابل السعودية. وطبعا هذا لا يعني ضلوع جهاز الاستخبارات التركي (ميت) في عملية الاغتيال لان هكذا عمليات هي خارج نطاق القدرات الاستخباراتية واللوجستية التركية في لبنان.

ان الذين اغتالوا وسام الحسن في الاشرفية، كانوا بصدد تغيير ظروف الازمة السورية وارباك معادلتها، وطبعا ليس بالاتجاه الذي يقف فيه النظام السوري وحلفاؤه ولا بين طرفي المعادلة، بل ان النتيجة الرئيسية لهذا الاغتيال تتمثل في اعادة تعريف بارامترات وعوامل اضفاء الوزن مجددا عليها في ذلك الطرف من المعادلة الذي يقف فيه الغرب وتركيا والسعودية وقطر.

فلا جديد تحت سماء لبنان، وعلى الاقل لن يكون هناك خبر ذوقيمة. ومساكين اولئك الذين نزلوا مسحلين الى الشوارع في بيروت وطرابلس خلال هذه الايام ظنا منهم بان قميص عثمان هذا يشبه القميص السابق. وسيعرف الجميع آجلا أم عاجلا بان مقتل وسام الحسن في بيروت كان بمثابة انتهاء صلاحية اولئك الذين بقوا حاسري الراس، الرؤوس التي ستذهب الى صالون الحلاقة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في لبنان!