رمز الخبر: ۳۲۲۶۳
تأريخ النشر: 00:18 - 24 April 2013
محمد محسن أبو النور
كاتب وأكاديمي مصري متخصص في الشؤون الإيرانية بجامعة الأزهر


قد تكون حالة السياحة الإيرانية القادمة إلى مصر هي الأغرب في تاريخ تبادل الوفود السياحية بين دولتين على الإطلاق، ذلك أن الدول تتسابق لجلب السياح وتقدم عروضا لهم؛ إلا أن قطاعا من المصريين ينبذ السياحة الإيرانية ويتوعدها بين الحين والحين.

وبالرغم من أن الحالة الإيرانية نالت أحكاما قاطعة في الأوساط السياسية والشارع المصري على حد سواء؛ إلا أنها في الحقيقة تعد لغزا صعب التناول لمن يريدون تقصي الحقيقة والبحث عن المصالح العليا للأشخاص والبلدان.

ولن يمكننا فهم أزمة السياحة الإيرانية إلا إذا حاولنا حل إشكالية العلاقات المصرية ـ الإيرانية، والتي تحتاج إلى الفهم أكثر مما تحتاج إلى الحكم في هذه الأوقات.

وعلى هذا الأساس يمكن القول أن العلاقات المصرية ـ الإيرانية هي الحالة الأكثر تعقيدا في تاريخ العلاقات الدولية، ذلك أن عاملا أساسيا سيطر عليها وهو عامل التنافر والتباعد منذ فجر التاريخ وحتى الآن، اللهم إلا في حقبة السبعينات حيث كانت تربط الرئيس المصري بالشاه الإيراني علاقة صداقة انحصرت معها فجوة التناحر بين الدولتين الكبيرتين.

ويشكل العامل الإسرائيلي المحور الأكثر ارتكازا والذي تدور في فلكه العلاقات الثنائية بين البلدين؛ ففي الوقت الذي قاطعت فيه مصر إيران بسبب تحالفها مع إسرائيل في 1960م؛ بادرت الحكومة الثورية في طهران 1970م، إلى قطع علاقاتها مع القاهرة بسبب اتفاقية السلام مع نفس الدولة.

وبعد الثورة الإيرانية اتخذت حكومة (الامام) الخميني إجراءات عدائية تجاه مصر ـ التي أوت الشاه المخلوع ودفن في ترابها ـ منها أنها دشنت إذاعة بالعربية موجهة للقاهرة كل وظيفتها إلحاق الأذى بالرئيس المصري والنيل من مكانته كرجل للحرب والسلام، ما استتبعه حملات مصرية مضادة تركزت على شن حملات دعائية في الصحف والإذاعات ضد شخص (الامام) الخميني وضد أفكار الثورة، ثم طورها إعلام مبارك إلى النيل من المذهب الشيعي نفسه، وشجع الكتابات المناوئة للفكر الإمامي والاثنى عشري وحقق بين طلاب الجامعات والمتشددين تخوفا دفينا مما يوصف بالمد الشيعي، ظل مصاحبا لهم حتى الآن.

صحيح أن الثورة الإيرانية مثلت في وقت من الأوقات فورانا ألحق بعضا من نتائجه وانعكاساته في المحيط الإقليمي والدولي، أبرزها الحرب مع العراق والتي استمرت ثمان سنوات وخلفت مليون شهيد من الجانبين، لكن بعد 34 عاما من الثورة فإن احتمال الفوران والتمدد أصبح غير مقبول على الأقل بالنسبة لدولة عريقة مثل مصر، لديها آليات القوتين الناعمة والخشنة.

ومن هذا المنطلق يمكن رؤية السياحة الإيرانية بشكل أوضح بين أوهام السلفيين الذين يعتقدون أن إيران تعمل على المد الشيعي والاستخباراتي من خلال السياح الوافدين وهو ما من شأنه ـ وفق تصوراتهم ـ تعريض الأمن القومي المصري والمذهب السني للخطر.

أوهام السلفيين تلك لا يجب أن تؤخذ على محمل غير جدي لأن النظام الإيراني الحالي بني أصلا على أساس نظرية ولاية الفقيه الشيعية غير المسبوقة في تاريخ الحوزة العلمية، وهو ما يعطي انطباعا مبدئيا أن الملالي يسعون لاتخاذ مصر نقطة انطلاق لهم.

في المقابل يتطلع المراهقون إلى الإيرانيين (ات) ـ خاصة في المحافظات السياحية ـ الذين حرموا منهم على مدى أكثر من ثلاثة عقود، ولن تُنسى أبدا تدوينة شاب أسواني وضع صورة لإحدى السائحات الإيرانيات وكتب أسفلها "لازم ندي للإيرانيين فرصة"، ما فهم منه شوقه وانبهاره بالمرأة الإيرانية.

جانب من هذا النوع من المراهقين يعتقدون أن المرأة الإيرانية شهوانية للدرجة التي تجعلها عندما تهبط في مطار القاهرة تطلب من أول رجل يقابلها الزواج على طريقة المتعة، وهو ما سيكتشف المصريون حقيقته في قادم الأيام.

للتواصل مع الكاتب: http://on.fb.me/17ShFO7