رمز الخبر: ۳۲۷۵
تأريخ النشر: 11:00 - 18 March 2008
يوسف علي الصديق
عصر ايران –  : اذا كان التاريخ علمنا شيئا من التجارب فان منها هو : ما من مرة جاء فيها نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني الى الشرق الاوسط ، الا وهو قادم ممثلا للظام الرأسمالي الاحتكاري الدولي ، ومندوبا عن مصالح الصهيونية العالمية قبل ان يمثل بلاده الولايات المتحدة.

وبالنسبة لرجل نفعي وذي ماض اسود مثل تشيني فان قضية الربح والخسارة هي المبدأ. وباعتباره تاجرا يخدم اطماع شركات النفط العملاقة في اميركا فانه ليس من الغرابة بمكان ان يكون الهاجس الرئيسي له هو ضمان تدفق امدادات البترول الى اصحاب الاقتصاديات الغربية بابخس الاثمان ان لم يكن بالمجان حتى وان ادى ذلك الى مزيد من الكوارث والازمات في هذه المنطقة.

وازاء ذلك لم يكن من قبيل الصدفة ان يبدأ تاجر الحرب العتيد ديك تشيني جولته بالعراق مع ان التقارير الاخبارية افادت بانه سيزور كلا من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وفلسطين المحتلة وتركيا دون ان تاتي على ذكر بغداد ، فلماذا؟!

المسالة لا تحتاج الى شئ من التفصيل لان أرض ما بين النهرين ترزح تحت الاحتلال الامريكي – الغربي منذ خمس سنوات وقد جاء نائب رئيس المكتب البيضاوي في واشنطن اليها بالتزامن مع وجود مرشح الحزب الجمهوري الصهيوني العجوز جون ماكين في بغداد عشية الذكرى الخامسة لتصدير الجحيم الاميركي الى هذا البلد المسلم والجار وذلك لتحقيق هدف مشترك وهو شرعنة سرقة نفط العراق الذي انفقت الاحتكارات العالمية تكاليف الحرب عليه.

وقد آن اوان جني الارباح الخيالية من وراء هذه الصفقة البشعة المتواصلة بتداعياتها وازماتها الخانقة منذ 19/3/2003 وحتى كتابة هذه السطور. لاسيما وان ولاية الرئيس الامريكي جورج بوش شارفت على الانتهاء وليس من المعلوم ان يصل المرشح جون ماكين هو الاخر الى البيت الابيض على خلفية الخسائر البشرية الامريكية الفادحة في العراق، والتي بلغت حسب الارقام الرسمية نحو اربعة الاف عسكري اميركي فضلا عن عشرات الالوف من الجرحى والمعوقين.

والثابت هو ان تشيني – بكل تفاصيله الصهيونية والاجرامية والعسكرية والتجارية – يروم اكثر ما يروم استباق حدث الهزيمة الانتخابية المتوقعة للجمهوريين في الولايات المتحدة الامريكية (ملاحظة : بالمناسبة فان سفرة جون ماكين هي ذات اهداف انتخابية بحتة)، بالعمل على جدولة الانسحاب العسكري الغربي من العراق عبر مقايضة ذلك بمكسبين اميركيين اساسيين هما :

1- السيطرة والاستحواذ على نفط العراق
2- الحصول على قواعد عسكرية هناك
ولان هذا البلد يعيش اوضاعا لا يحسد عليها فان ديك تشيني يشعر بانه مطمئن بعض الشئ وحسب المعطيات القائمة فانه قادر على كسب هذه الصفقة لصالح تامين الاطماع الجشعة لشركته النفطية التي يديرها اولا وللنظام الاحتكاري البترولي العالمي ثانيا.

بقي ان نؤكد على ان المحطات التالية لجولة نائب الرئيس الامريكي لا تبتعد كثيرا في مفرداتها عن الاهداف التجارية والمصلحية للرجل ، لانه وكما قلنا بداية لم يكن داعية سلام في حياته حتى يسعى الى استئناف المحادثات بين الصهاينة والفلسطينيين وفي ظل الاسس الهشة والهزيلة لمؤتمر انابوليس الذي سارعت ادارة بوش الصغير الى عقده في نوفمبر 2007 وهي تدرك ان في العجلة الندامة!!