رمز الخبر: ۳۹۳۰
تأريخ النشر: 09:50 - 30 April 2008
لقد كانت الجزر الايرانية تنب الكبرى وتنب الصغرى وابوموسى تحت ادارة الحكومة الايرانية على امتداد العصور المختلفة من التاريخ.
عصر ايران – اسماعيل سلطنت بور: حكي ان شاهينا كان يعيش في قمة جبل وكان يتباهى لكنونه يحلق في اعالي السماء ويفخر امام باقي الحيوانات الى ان قررت نملة يوما ما كسر شوكة الشاهين ولذلك عندما جاء الشاهين الى الارض اوصلت نفسها اليه وصعدت على ساقه لتحلق هي معه الى اعلى الجبل. وعندما حط الشاهين هناك على صخرة اظهرت النملة نفسها للشاهين وقالت له "هل رايت انني جئت مثلك الى هنا في اعالي السماء" فهز الشاهين جناحه وعلى اثره سقطت النملة من السماء الى الارض.

نشهد اليوم موجة واسعة من التنديد بما اقدم عليه موقع "غوغل" بتزوير اسم الخليج الفارسي وكيف ان الايرانيين في ارجاء العالم يعربون عن سخطهم لاجراء غوغل هذا. لكن تزامنا مع ذلك نشهد في جبهة اخرى اطماع الاجانب تجاه الاراضي الايرانية وبرزت موجة اخرى من الادانة على مستوى المجتمع في اعقاب المزاعم الاماراتية الواهية حول الجزر الايرانية بحيث ان ثمة تجمعات مختلفة في انحاء البلاد يعبر الشعب الايراني لاسيما الشباب والطلبه المخلصون للوطن من خلالها عن سخطهم على الاطماع التي يثيرها هؤلاء.

لقد كانت الجزر الايرانية تنب الكبرى وتنب الصغرى وابوموسى تحت ادارة الحكومة الايرانية على امتداد العصور المختلفة من التاريخ. ماعدا حقبة زمنية قصيرة تعود الى عام 1904 واحتلال هذه الجزر من قبل بريطانيا. الا انه وبعد انسحاب القوات البريطانية من الخليج الفارسي عام 1971 تم تثبيت السيادة الايرانية مرة اخرى على هذه الجزر.

والطريف ان الامارات لم تكن لها اي مزاعم تجاه الجزر الايرانية حتى عام 1992 لكن في سبتمبر من هذا العام بدأ مسؤول بوزارة الخارجية الاماراتية باثارة المزاعم التي لا اساس لها وبشكل مثير للسخرية. فقد زعم هذا المسؤول الاماراتي الكبير بان "السيادة على جزر تنب الكبرى وتنب الصغرى وابوموسى كانت تعود الى الامارات منذ القدم!". لقد اظهر الاماراتيون انهم عديمو الخبرة عندما استخدموا حربة الملكية التاريخية لاثبات مزاعمهم التي لا اساس لها لانه في 30 سبتمبر من هذا العام القى وزير الخارجية الاماراتي كلمة امام الجمعية العامة للامم المتحدة ربما يكون قد اثار ضحك وسخرية الحضور لانه زعم بان الجزر الثلاث كانت تعود للامارات منذ بدء التاريخ! والاكثر سخرية من ذلك هو ان الاماراتيين يتحدثون عن بدء التاريخ في حين كان يمضي فقط 25 عاما على تاسيس دولتهم! اذن كيف يسمح مسؤولو وزارة الخارجية الاماراتية لانفسهم التحدث عن "القدم" و الملكية "منذ بدء التاريخ" امام بلد يمتد تاريخ حضارته ل 3600 عام وتشكيل الدولة فيه ل 2500 عام ؟!

ان طرح المزاعم على اساس الماضي التاريخي ليس بمصلحتهم ابدا وربما ينفعهم هذا الشئ هم باعتبار انه لا يفصل استقلال بعضهم عن بعض سوى عدة اشهر او عدة سنوات لكن المبالغة بشان الملكية التاريخية تجاه ايران التي تملك سندا تاريخيا وحضاريا عريقا ، لا ينفعهم البتة. ان ايران وخلال القرون الاخيرة على الاقل لم يكن لها اي اطماع تجاه اراضي الدول الاخرى وان الحروب التي وقعت انما جاءت في اطار حماية وحدة الاراضي الايرانية لا الاستيلاء والاحتلال كما ان اعتماد ايران سياسة احترام الوضع القائم لا يجب ان يستغلها الطامعون. وقبل اسبوعين اقدم عدد من المواطنين الايرانيين على مبادرة جيدة وتجمعوا امام السفارة الاماراتية في طهران للاحتجاج على مزاعم هذا البلد بخصوص الجزر الايرانية. وقد اعد المتجمعون بهذه المناسبة كعكة بمناسبة الذكرى السنوية ال37 لتاسيس الامارات وسلموها الى سفير الامارات وكان كتب عليها "ان ايران صاحبة الماضي الذي يمتد ل 7300 سنة تقدم التهاني بمناسبة مضي 37 عاما على تاسيس مشيخة الامارات". كما اصدروا بيانا قالوا فيه "نعلن لجميع الناهبين والمستعمرين بان الشعب الايراني الصامد ماض في حماية وحدة اراضي بلده صاحب الحضارة والماضي العريق وسيرد على اي اعتداء على الشعب ووحدة اراضي البلاد ردا قاسيا". وقد عقد هذا التجمع في اعقاب اثارة المزاعم الواهية للامارات في البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت اخيرا في دمشق. لكن بعد اصدار هذا البيان الختامي ادلى الناطق بلسان الخارجية الايرانية محمد على حسيني بتصريحات رفض فيها هذا المزاعم التي لا اساس لها واعتبر ان هذا البيان الختامي مثير للتساؤل وينطوي على تدخل في الشؤون الداخلية لايران وندد به. كما دعا حسيني الاماراتيين للحوار لازالة سوء الفهم لكنه اكد بان الجزر الثلاث هي جزء لا يتجزأ من الاراضي الايرانية. ان اثارة المزاعم المتكررة للعرب بشان الجزر الايرانية يظهر انهم لا يعرفون شيئا عن التاريخ فحسب بل لا المام لهم في القضايا الحقوقية وقد يكونوا يعرفون ذلك لكنهم يريدون تحريفه، لانه من وجهة نظر القانون الدولي فان المعاهدات الحدودية هي اكثر المعاهدات استقرارا وثباتا وانه وفقا للمعاهدات الدولية فان الدول الاعضاء في الامم المتحدة قد اقرت بضمان تثبيت الحدود لان المبدأ الاول في الحفاظ على السلام والامن الدوليين هو عدم المساس بالمعاهدات الحدودية.

وفي النظام البهلوي البائد لم تبذل جهود كافية في مجال جمع الوثائق والمستندات التي تثبت ان الجزر الثلاث متعلقة بايران وربما يمكن القول انه بما ان ايران كانت تعتبر ان من المسلم به ملكيتها لهذه الجزر لم تر ضرورة لجمع الوثائق والمستندات. في حين انه بسبب هذا الاهمال فان بعض الدول العربية ظنت ان ايران لا تملك الوثائق والمستندات اللازمة لاثبات ملكيتها للجزر. ورغم انه ليس هناك ادنى شك في عمالة بعض افراد بلاط الشاه الا ان الشاه نفسه قال في كتابه "الرد على التاريخ" : "قبل يوم واحد من انسحاب البريطانيين من الخليج الفارسي لاسباب فان ايران ثبتت مرة اخرى سيادتها على جزر تنب الصغرى وتنب الكبرى وابوموسى". ان قراءة التاريخ تظهر بان الشاه رضخ في صفقة مع البريطانيين بانفصال البحرين عن ايران لكي يتمكن عن هذا الطريق اخراج المحتلين من الجزر الايرانية باسرع ما يمكن. في حين حتى ابان احتلال الجزر الايرانية من قبل بريطانيا فان سيادة ايران على الجزر كانت قطعية وحاسمة وذلك من خلال رفع العلم الايراني فيها وازالة علم الشارجة وتواجد الايرانيين في الجزر وارسال اكثر من 30 مذكرة احتجاج الى بريطانيا.

وذكر الشاه في كتاب "الرد على التاريخ" انه بما ان اغلبية سكان البحرين كانوا عربا فانه سمح بان تنال استقلالها لكنه لم يشر الى محاولات العرب لتغيير التركيبة السكانية للبحرين وطبعا فان العرب استخدموا ويستخدمون هذا التكتيك بشان الجزر الثلاث. ففي عام 1992 انكشفت خطة الاماراتيين لتغيير التركيبة السكانية للجزر لان مجموعة من الهنود والباكستانيين الذين كانوا موظفين لدى الامارات وكذلك اكثر من 100 معلم مصري برفقة اسرهم كانوا ينوون دخول جزيرة ابوموسى من دون علم ايران لكن ايران منعتهم من ذلك.

وثمة قرائن بان الامارات دفعت مبالغ طائلة لبعض العرب لكي يعيشوا في ابوموسى في حين ان ابوموسى ليست مكانا تجاريا او لممارسة النشاطات الاقتصادية وان سكانها لا يملكون مهنة بل يحصلون على رزقهم من خارج الجزيرة كما انه يجب الاشارة الى ان جهودا حثيثة بذلت خلال الاعوام الاخيرة لتوسيع وتطوير الصناعة في هذه الجزيرة.

ان الجزر الايرانية الثلاث تحظى باهمية من الناحية الجيوسياسية وكذلك الناحية الاستراتيجية لان صادرات النفط الايراني وكذلك 80 بالمائة من تجارة ايران الخارجية تتم عن طريق الخليج الفارسي ومضيق هرمز واضافة الى ذلك فان موقع جزيرتي تنب الكبرى وتنب الصغرى هو بشكل بحيث ان القسم الاكبر من النفط الخام الذي يحتاجه العالم يمر من بين هاتين الجزيرتين. والمؤكد ان الجزر الثلاث كانت تحت السيطرة الايرانية منذ القدم ولحد الان وفي الوقت الحاضر فهي تحت سيطرة الجمهورية الاسلامية الايرانية تماما وحتى ان السفن التي تريد العبور من مياه الجزر يتعين عليها اتباع التعليمات الايرانية.

والواضح ان القصد من تقديم الوثائق والمستندات التاريخية هو ليس ان ايران يجب ان تقدم لاي شبر من ارضها وثيقة لكن ثمة وثائق ومستندات تثبت تبعية الجزر الثلاث لايران. وهناك تقارير مختلفة للحكومة البريطانية قدمت فيها جزر تنب الكبرى وتنب الصغرى وابوموسى بانها جزء لا يتجزأ من ايران وان السفراء والمندوبين السياسيين البريطانيين اكدوا ذلك في حالات عديدة لا يسع لهذا المقال التطرق الى تفاصيلها.

ان الجزر الثلاث كانت جزء من ايران لالاف السنين وكانت منذ عام 1780 ضمن دائرة شيوخ لنكة كما تولى والي بوشهر ادارة شؤون الجزر الثلاث وتاسيسا على ذلك فان وزارة الخارجية البريطانية اظهرت الجزر الثلاث في جميع خرائطها الجغرافية الرسمية بلون العلم الايراني. والمؤكد ان العرب على علم قبل غيرهم بهذه الخرائط التاريخية والوثائق والمستندات التي تؤكد ملكية ايران لهذه الجزر وان تقديم وعرض هذه الوثائق في الاوساط الدولية قد يكون مفيدا لرفض المزاعم التي لا اساس لها .

ويبقى ان نقول ان من مصلحة الدول العربية ان ترى ايران الى جانبها لا في مواجهتها، لان نفوذ ايران في المنطقة يمكن ان يضيق الخناق على الجيران الذين لديهم اطماع بشان الارض. كما يتعين على الامارات الا تتابع موضوعا يدفع ثمنه شعبها. ويعرف الاماراتيون جيدا حجم الرساميل الايرانية التي تعمل في الامارات ويعرفون بان الايرانيين يفضلون تحت اي ظرف الحفاظ على وحدة اراضيهم على اي شئ وهذا الامر لا علاقة له بالتكتلات السياسية والتوجهات الحزبية. بحيث ان لا مكان للمبدئي والاصلاحي واليسار وكل اشكال التوجهات السياسية عندما يتعلق الامر بموضوع الجزر الايرانية الثلاث وتزوير اسم الخليج الفارسي وما الى غير ذلك وان الجميع من جميع التوجهات عازمون على الدفاع عن المصالح الوطنية والهوية التاريخية. والى جانب الاجراءات الدبلوماسية لوزارة الخارجية فان من الضروري ابداء الاحتجاج كلما تطلب الامر على شكل تجمعات مقابل السفارات المختلفة للاحتجاج على المزاعم التي لا اساس لها والتدخل في الشؤون الداخلية لايران كما ان الجهاز الدبلوماسي سيبدي ردة فعل اكثر حزما مستندا الى الدعم الجماهيري في هذا الخصوص. ويبدو انه مع توسيع الامكانات التعليمية والصناعية والرياضية والخدمية والعسكرية في الجزر الثلاث لاسيما ابوموسى التي يقطنها عدد اكبر من السكان وتتعرض بشكل اكبر لاطماع الاخرين لتوفير رضا اهاليها وسكانها كما انه لا مبرر بان تسمح الحكومة بوجود نشاطات لغير الايرانيين وان كانت طفيفة في هذه الجزر لانه حتى التواجد الضئيل يمكن ان يثير وهم الملكية لدى هؤلاء كما ان من الضروري ممارسة مراقبة كافية وجدية على عملية تغيير التركيبة السكانية في الجزر.

وفي الختام يجب الرجوع الى القصة التي اوردناها في البداية والتاكيد على ان القوة لن تتحقق من خلال افتعال الضجيج ولن تتاتي من خلال تحريف التاريخ واثارة المزاعم الخاوية والتي لا اساس لها بل ان القوة لها اطارها وظروفها الخاصة وتتحقق تلقائيا اذا ما توفرت مؤشراتها اللازمة.