رمز الخبر: ۴۱۶۸
تأريخ النشر: 13:13 - 13 May 2008
فقد دعا العرب الى ارسال قوات الى لبنان! لكنه لم يقل ان كان لدى القادة العرب القدرة والجرأة لما كانت اسرائيل تحتفل هذه الايام بالذكري الستين لاحتلالها فلسطين ولما كانت تحتل لحد الان اراض لبنانية وسورية.
عصر ايران - وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ، غضب في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب وغضبه هذا اظهر ان الالاعيب السعودية قد اصيبت بالارباك في الاحداث والتطورات الجارية في لبنان والا فما داعي ان يستشيط دبلوماسي قديم مثل سعود الفيصل غضبا ويدخل حتى في مشادة كلامية مع الوفد السوري المشارك في الاجتماع.

وقد شبه وزير الخارجية السعودي في هذا الاجتماع ، الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ب "شارون" وقال ان هذين الاثنين متفقان على احتلال بيروت.

واتهم ايران بادارة الحرب في لبنان وطالب بارسال قوات عربية الى هذا البلد لاعادة الامن والاستقرار اليه. كما دعا الفيصل ، الدول العربية الى اصدار بيان للتنديد من خلاله بايران.

لكن ماذا يكمن خلف هذه التصريحات؟ للرد على هذا السؤال يجب العودة الى بداية التطورات الاخيرة في لبنان. وعلى النقيض مما يقال فان الاشتباكات اللبنانية الاخيرة لم تندلع اثر قرار حكومة فؤاد السنيورة بازالة شبكة اتصالات حزب الله بل ان الامر يرتبط على الاقل باغتيال القائد العسكري البارع لحزب الله عماد مغنية.

ولنعد قليلا الى الوراء ، الى حرب ال33 يوما والتي مني بها الجيش الاسرائيلي بهزيمة نكراء وغير مسبوقة على يد مجموعة مسلحة الا وهي حزب الله بحيث هوجمت لاول مرة بوارجه وخسر هذا الجيش ثمن دباباته الحديثة من طراز "ميركافا".

ولاحقا ، ذكرت لجنة "فينوغراد" الاسرائيلة التي نشرت تقريرا عن اسباب هزيمة الجيش الاسرائيلي في هذه الحرب بان استخدام حزب الله أساليب قتالية معقدة وكذلك عدم مقدرة اسرائيل على التنصت على محادثات قادة ومقاتلي حزب الله الهاتفية تعد من اهم اسباب هزيمة الجيش الاسرائيلي في حرب ال33 يوما.

لكن الاسرائيليين لا يطيقون وجود تنظيم كحزب الله الى جوارهم. واسرائيل ليست وحدها في هذا المضمار فهناك دول عربية وبالتحديد السعودية والاردن ومصر تضم صوتها الى صوت اسرائيل وتعاملت خلال حرب ال33 يوما سياسيا واستخباراتيا مع اسرائيل.

ومن هذا المنطلق ، فقد وضعوا على جدول اعمالهم المشترك اثارة حرب اخرى ضد حزب الله وبذلك اغتيل العقل العسكري لحزب الله وواضع القسم الاكبر من الخطط العسكرية خلال حرب ال33 يوما وذلك من خلال عمليات مشتركة نفذتها قوات الامن الاسرائيلية والسعودية.

واستهدفت المرحلة اللاحقة ، شبكة اتصالات حزب الله. ان قادة حزب الله مع علمهم بان شبكة الاتصالات السلكية العامة ليست بمأمن من خطر "التنصت" اقدموا على اقامة شبكة اتصالات خاصة بهم. وكان هذا الاجراء ناجحا الى درجة ان التقارير الاستخباراتية الاسرائيلية اشارت الى ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والجيش لم يتمكنا ابدا من الاطلاع على ما يدور من مكالمات ومحادثات بين قادة ومقاتلي حزب الله وهذا مكن حزب الله من تنفيذ خططه العسكرية بامن تام اضافة الى ان عدة محاولات اغتيال خططت لها اسرائيل باءت بالفشل بسبب الهامش الامني الذي تتمتع به مكالمات حزب الله.

وفي ظروف كهذه فان حكومة السنيورة المدعومة بشكل سافر وعلني من اميركا واسرائيل والسعودية قررت ازالة وتدمير شبكة اتصالات حزب الله.

لكن ردة فعل حزب الله على هذا القرار جاءت "سريعة وحازمة". واعتبر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان التعرض لشبكة اتصالات حزب الله هو بمثابة التعرض لسلاح الحزب. وعندما اصرت حكومة السنيورة على تطبيق قرارها هذا تدخلت قوات حزب الله واستولت على اجزاء مهمة من بيروت وارغمت حكومة السنيورة وتياري الحريري وجنبلاط على التراجع عن هذا القرار وبالتالي الغائه.

ان حزب الله الذي تفاجأ في المرحلة الاولى من الخطة الاميركية – الاسرائيلية – السعودية الرامية لايجاد حرب جديدة اي فيما يخص اغتيال عماد مغنية ، ادرك هذه المرة بانه اذا سكت وسمح بازالة شبكة اتصالاته الحيوية فانه سيواجه ازمات امنية استخباراتية وسيضطر في المرحلة اللاحقة للتصدي لمطلب عنوانه نزع السلاح وبالتحديد مواجهة اسرائيل. وفي الحقيقة فان حزب الله اربك لعبة واضعي المخطط الرامي لاضعافه وتقويضه وهذا الامر كان مؤلما للغاية لاسرائيل والسعودية.

وبديهي ان السعوديين قلقون بشكل اكبر في هذا المضمار ، لان اسرائيل ومواقفها واضحة للعيان ، لكن السعودية تقدم نفسها كحام وداعم للشعب اللبناني من جهة وتقوم بالتواطؤ والتخطيط ضد اكبر تنظيم شعبي لبناني من جهة اخرى وتسعى في الوقت ذاته بالا تنكشف سياساتها هذه ، لكنها هذه المرة لم تصب الهدف وانكشف امرها.

وانطلاقا من ذلك فانه يمكن تفهم سبب غضب دبلوماسي صاحب خبرة مثل سعود الفيصل الا ان بعض تصريحاته في الاجتماع الانف الذكر باعث للتسلية او طرح عدة اسئلة على اكثر تقدير قبل ان تكون تستحق النقد. فقد دعا العرب الى ارسال قوات الى لبنان! لكنه لم يقل ان كان لدى القادة العرب القدرة والجرأة لما كانت اسرائيل تحتفل هذه الايام بالذكري الستين لاحتلالها فلسطين ولما كانت تحتل لحد الان اراض لبنانية وسورية.

ان سعود الفيصل الذي يشعربالقلق هذه الايام من الاضطرابات في لبنان واصبح يتعاطف مع الشعب اللبناني، ليرد ويقول اين كان السعوديون عندما القت اسرائيل في حرب ال33 يوما عدة اضعاف عدد نفوس لبنان من القنابل والصواريخ والرصاصات والطلقات على رؤوس ابناء هذا الشعب ولم يرحم الجيش الاسرائيلي لا بالصغار والكبار ولا بالنساء والرجال؟ لماذا لم يفكر في ذلك الوقت بارسال قوات عربية الى لبنان؟ وهل يعتقد السعوديون بان الشعب اللبناني يقتصر على السنيورة والحريري وجنبلاط لكي تبدي السعودية حرصها عليهم عندما يتعرضون للخطر؟

ان سعود الفيصل شبه بطل وسيد المقاومة اللبنانية السيد حسن نصر الله باكثر الاناس كراهية ونفورا لدى الشعوب العربية والاسلامية اي "شارون" مدعيا انهما متفقان على احتلال بيروت!

ولا شك بان شارون ومن لف له ليسوا منزعجين من احتلال بيروت، الا ان اتهام مواطن لبناني باحتلال ارضه هي فكاهة قادر على ابتداعها فقط دبلوماسي عاجز مثل سعود الفيصل.

ان السيد حسن نصر الله وعلى النقيض من العديد من القادة والمسؤولين العرب بمن فيهم سعود الفيصل ، هو انسان يناضل من اجل بلده وحتى انه قدم نجله شهيدا على هذا الطريق ، لكن شخصا مثل سعود الفيصل يجعله من دون خجل وحياء رديفا لاكبر جزار وقاتل للفلسطييين واللبنانيين.

وليت كان السعوديون يتمتعون بالحمية العربية التي يتشدقون بها على الدوام بقدر ما هم قلقون على اسرائيل وحلفائها اللبنانيين مثل السنيورة وجنبلاط ، لكي يقفوا الى جانب الشعوب الاسلامية بدلا من ذر التراب في عيون ووجه مناضلي طريق الحرية. فاذا كانوا يملكون حتى نصف همة ايران غير العربية للوقوف الى جانب الشعبين اللبناني والفلسطيني لما كانوا مرغمين اليوم التحدث بهذه الطريقة من اجل عيون تل ابيب ويكيلون الشتائم لايران ويبدون حرصا على اصدقاء اسرائيل.

وقبل ايام هنأ الرئيس المصري حسني مبارك ، رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريس بالذكرى السنوية الستين لتاسس اسرائيل الغاصبة ، ان هذه التهنئة الصريحة ووجهت بموجة عارمة من الاحتجاج في العالم الاسلامي والعربي والان حاول سعود الفيصل ومن خلال تصريحاته هذه تقديم التهاني لاسرائيل بهذه المناسبة بصورة غير مباشرة ، لان السعوديين لا يجب ان يتخلفوا عن المصريين في التفريط بالعزة والكرامة!