رمز الخبر: ۵۶۱۹
تأريخ النشر: 13:14 - 06 August 2008
فالذي يثيرالراي العام العالمي في هذا التناقض هو تعمد الاطراف الغربية في اظهار مجلس الامن كاداة ضغط سياسية وعسكرية تستخدمها متى ما شاءت وتهدد بها لاجبار المواقع التحررية الصامدة.
عصر ايران، حميد حلمي زادة – ثمة فرق شاسع بين ان ترد ايران على سلة حوافز مجموعة "1+5" وبين القبول بها جملة وتفصيلا. فشتان ما بين الامرين والذين يعملون في حقلي السياسة والدبلوماسية الدولية يدركون قبل سواهم بان حرية اتخاذ القرار في القضايا الحساسة والمصيرية للدول والشعوب هي من مقومات السيادة والاستقلال الوطني لاي بلد.

وخلافا للواقع يحاول ممثلو الدول الست وتحديدا اميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا ، الايحاء بان ما ينتظرونه من طهران على خلفية اجتماع جنيف بشان البرنامج النووي السلمي لايران هو الرضوخ لطروحاتهم الملتوية حتى وان عرضت على شكل حوافز او اغراءات !؟

فالتحذير الذي وجهته واشنطن وباريس ولندن الى طهران ليس سوى حلقة من هذا السيناريو الاستكباري الغربي المبطن وذلك عندما هددت بوضع المؤسسة المالية الاولى في بلادنا ، اي المصرف المركزي تحت طائلة العقوبات الدولية، ان لم تعط ايران ردها على مقترحاتها او املاءاتها، لا فرق .

ومن حسن الحظ فقد ظهر سريعا ان المباحثات بين ايران ومجموعة 1+5 لن تكون بهذه البساطة طالما ان الاطراف الغربية لا تنوي التراجع عن لغة التحكم والارغام في تعاملها مع طهران وسواها من العواصم الثالثية الاخرى.

ولاشك في ان الوثيقة التي اصدرتها حركة عدم الانحياز في مؤتمرها الوزاري بطهران نهاية الشهر الماضي تشكل ضرورة قصوى من اجل ارساء علاقات دولية تقوم على الاحترام المتبادل وترفض سلوكيات الانفراد بالقرارات العالمية من قبل دولة معينة على اعتبار ان مثل هذا التوجه لا يمكن ان يخدم الامن والسلم الدوليين.

واللافت في هذا السياق ان التحذير الغربي جاء متناقضا تماما مع تصريح مندوب بلجيكا في الامم المتحدة (جان برولكس) الذي تراس بلاده الدورة الحالية لمجلس الامن الدولي وذلك حينما اعلن انه ليس في برنامج عمل هذا المجلس في الوقت الحاضر مناقشة الملف النووي الايراني او فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران.

فالذي يثيرالراي العام العالمي في هذا التناقض هو تعمد الاطراف الغربية في اظهار مجلس الامن كاداة ضغط سياسية وعسكرية تستخدمها متى ما شاءت وتهدد بها لاجبار المواقع التحررية الصامدة حتى وكأن بلدان العالم الاخرى لا تمثل رقما او شيئا مذكورا في المعادلات الدولية.

وقد يقول البعض ان التحذير الثلاثي الغربي جاء كرد فعل طبيعي على التصريحات النارية للقائد العام لقوات حرس الثورة الاسلامية اللواء محمد على جعفري وما اعلن فيها عن اختبار سلاح فريد من نوعه قادر على اصابة اهداف بحرية على بعد 300 كيلومتر بدقة متناهية او تصريحه بقدرة ايران على غلق مضيق هرمز بكل بساطة.

فالواضح في هذا الاتجاه ان تصريحات الجنرال جعفري اعلنت خلال مؤتمر صحفي انعقد في ذكرى يوم ميلاد الامام الحسين (عليه السلام) والذي سماه الامام الخميني الراحل (قدس سره) من قبل يوما للحرس الثوري في ايران، كما ان هذه التصريحات وردت في سياق صيغة "اذا الشرطية" عندما قال جعفري "اذا شنت حرب محتملة علينا فاننا سنحاول اطالة امدها لكي نتمكن من استخدام كافة امكاناتنا الصاروخية ضد العدو" او "اذا ... الخ".

اذن ثمة قياس مع الفارق بين الخطابين الغربي والايراني اذ لا يعقل ان يساوى بين خطاب هيمني لا يتورع عن استغلال مؤسسات الشرعية الدولية ليهدد ويتوعد بها امم الارض وخطاب اخر وطني يهدف الى حماية وجوده وسيادته واستقلاله في مواجهة اطماع القوى العدوانية.

فالذي يدعو الى الاسف اليوم هو ان مشهدنا المعاصر مازال قائما على نتائج الحرب العالمية الثانية، ووفقا لمصالح احتكارية بغيضة نجحت حتى الامس القريب في "مكيجة" صورتها امام الاخرين بيد انها اليوم لم تعد تستطيع اخفاء وجهها الكريه.

فما دامت قواعد اللعبة الدولية قد تبدلت وصارت هناك رغبة انسانية عالمية جامحة الى تغيير هذا الواقع المتفاوت فان هذا يملي على الولايات المتحدة واعوانها في التحالف الغربي التخلي عن ظاهرة اعداد خارطات طرق لمشاكل العالم هنا او هناك كذبا ونفاقا والاتجاه حقا الى رسم خارطة طريق تضمن الاحترام المتبادل للجميع على مستوى المسرح الدولي.