رمز الخبر: ۵۷۷۲
تأريخ النشر: 08:48 - 11 August 2008
لا زالت الاجواء في اقليم القوقاز تزداد سخونة ، مع الاعلان عن مقتل اكثر من 2000 مدني في القصف الذي قامت به القوات الجورجية على اوسيتيا الجنوبية ، في حين تاكد وجود اشتباكات حقيقية تورط فيها الجيش الروسي مع الجيش الجورجي .كما ترددت انباء عن نزوح المئات من سكان اوسيتيا الجنوبية الى المنطقة الشمالية المتاخمة لروسيا خوفا من مصطلح "ابادة جماعية" الذي بدا في التردد على لسان المسؤولين في اوسيتيا الجنوبية ، والمسؤولين في روسيا .
فقد قام الجيش الجورجي و هو الجيش المزود بالسلاح و العتاد الصهيوني ، و الذي تم تدريب وحداته بواسطة عسكريين صهاينة ، باحتلال اجزاء كبيرة من تسيخنفالي عاصمة اوسيتيا الجنوبية ، بواسطة قوات المشاة المدعومة بالدبابات ، بعد ليلة طويلة من القصف الصاروخي بالمدفعية والمقاتلات، حيث قتل عشرات من المواطنين المحليين .
و في رد فعل سريع عقد مجلس الامن صباح الجمعة الماضي اجتماعا طارئا بناء على طلب تقدمت به موسكو التي تؤيد القوات الانفصالية التي تسيطر على اوسيتيا الجنوبية والمطالبة بالاستقلال .
و قبيل هذا التطور ، شهد يوم الخميس التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار بين الجانبين، وهو الاتفاق الذي تم بوساطة روسية ، لكن خلال ساعات تم خرق الاتفاق و بشكل غير مفهوم .
و يرى المراقبون انه على الرغم من كون القتال الدائر بين جورجيا و الانفصاليين في اوسيتيا الجنوبية يبدو و كأنه حرب تلعب فيها روسيا دورا من خلال الانفصاليين في اوسيتيا الجنوبية المتواجدة شمالي جورجيا ، و ابخازيا المتواجدة شمال غرب جورجيا على ضفة البحر الاسود ، ضد تنامي الدور الاميركي في جورجيا ، غير ان تلك الحرب في النهاية هي حرب على انابيب النفط والغاز الطبيعي للدول المحيطة بالبحر الاسود.
كما يرى المراقبون ان موسكو لا يعنيها ان يستمر في جورجيا وجود رئيس موال للولايات المتحدة الاميركية ، وهو الرئيس "ميخائيل ساكاشفيلي" الذي يسعى الى الانضمام الى حلف الناتو ، بشرط قيامه بإلغاء مشاريعه ، و مشاريع شركات النفط الغربية، ومن بينها شركات صهيونية في مد خطوط النفط الاذرية و خطوط الغاز التركمانية التي تمر عبر جورجيا باتجاه تركيا، وفي المقابل يوافق على مرور شبكة انابيب النفط الروسية.
و في الوقت الذي سيرد الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي على الطلب الروسي بالموافقة ، سوف تقوم موسكو بوقف تاييدها للانفصاليين في اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، وفي حال امتناعه عن الرد لصالح روسيا، فان الامر يعني ان الحرب ستستمر بل وسيتفاقم الوضع.
و يؤكد المراقبون ان اسرائيل متورطة في تلك الحرب من زاويتين :
اولا : تهتم اسرائيل بان تمر خطوط النفط والغاز الطبيعي من منطقة البحر الاسود عبر تركيا، على خلاف رغبة موسكو، والسبب هو الاحتمال الذي تدرسه اسرائيل هي وتركيا وجورجيا وتركمنستان واذربيجان بشان مد خطوط النفط والغاز الطبيعي من معبر جيهان جنوب تركيا، الى ميناء اشكولون الاسرائيلي، حيث مستودعات النفط، والهدف هو وصول الغاز والنفط في النهاية من منطقة القوقاز والبحر الاسود الى ايلات. ومن ايلات تنقل الحاملات الاسرائيلية النفط والغاز عبر المحيط الهندي الى الشرق الاقصى، حيث تعلم اسرائيل مدى الرفض الروسي لتلك الخطة ولهذا التطور، وحاولت في الاونة الاخيرة اقناع موسكو على التعاون معها لتنفيذها، ولكن محاولاتها باءت بالفشل .
و في هذا السياق قال رئيس المركز العربي للدراسات القوقازية بدر الدين بينو في حديث لقناة العالم الاخبارية الجمعة : ان ما يجري الان في المنطقة بين روسيا وجورجيا يأتي في إطار الصراع الدائر بين روسيا واميركا حول الثروة النفطية في منطقة شمال القوقاز و بحر الخزر .
و أضاف : ان الرئيس السوفيتي الاسبق جوزيف استالين الجورجي الاصل كان قد ضم أدكاريا وأوسيتيا وأبخازيا إلى جورجيا إبان حكمه بسبب أصله الجورجي، بعد ان كانت جمهوريات اتحادية في إطار الاتحاد السوفيتي السابق، متوقعا ان يحتدم الصراع بين القوى المتناحرة في المنطقة بسبب التنافش الشديد بين شركات النفط العملاقة العالمية.
واعتبر بينو ان الولايات المتحدة تدفع جورجيا إلى هذه الحرب خاصة بعد استقلال كوسوفو عن صربيا، مشيرا الى ان ضحية هذا الصراع على المصالح هم الشعوب المطالبة بالاستقلال، في وقت اشترت الولايات المتحدة 44% من أصول شركات النفط في منطقة القوقاز وبحر قزوين، الامر الذي يجعل من المنطقة ساحة لتصفية الحسابات السياسية.
ثانيا: في العام الماضي وصل الى العاصمة الجورجية مئات الخبراء العسكريين الاسرائيليين، بناء على دعوة الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، وقد قيل ان عددهم وصل الى الف خبير عسكري وخبير استراتيجي على مراحل.
و قد قام الخبراء الاسرائيليون ولا يزالون يدربون وحدات الجيش الجورجي في كافة التخصصات العسكرية والفنية، بدءا من تدريب عناصر وحدات الكوماندوز، وسلاح الطيران، والبحرية، والمدرعات، والمدفعية، وصولا الى تدريب عناصر الاستخبارات العسكرية، وكذلك الحرس الرئاسي، وليس هذا فقط، فقد لاحظ جميع المسؤولين الذين زاروا جورجيا في الاونة الاخيرة، كيف تحولت الى ثكنه اسرائيلية، وان اصابع الجيش الاسرائيلي منتشرة ومؤثرة في جميع اذرع الجيش الجورجي.
اضف الى ذلك المعدات العسكرية والاسلحة ومستلزمات اجهزة الاستخبارات والحرب الالكترونية التي باعتها اسرائيل لجورجيا. ويعتقد البعض انه لا يوجد ادنى شك، بان الخبراء العسكريين الاسرائيليين متورطون في الاعداد للخطط التنفيذية للجيش الجورجي، وخطط احتلال تسيخنفالي عاصمة اوسيتيا الجنوبية.
ففي الاسابيع الاخيرة توجهت موسكو اكثر من مرة الى تل ابيب، بطلبات تدعوها للتوقف عن التورط العسكري في جورجيا، ومؤخرا بدات الطلبات الروسية تاخذ طابعا جديدا اكثر حدة وتهديدا، حتى وصفها بعض الخبراء بتدهور خطير في العلاقات الروسية - الاسرائيلية.
ويؤكد بعض المقربين من الاحداث، ان المواطن الاسرائيلي نفسه لا يعلم هذه التطورات، وان اسرائيل ترد على روسيا بتسليح الجيش الجورجي، بنفس الصورة التي تسلح بها روسيا الجيش الايراني والسوري، ولكنها تزعم ان الفارق هو ان الاسلحة التي تبيعها لجورجيا هي اسلحة دفاعية فقط. ولكن الخبراء الروس يعلمون جيدا انه كلما استمر القتال في اوسيتيا الجنوبية، وكلما اقتربت روسيا من التورط بشكل اكثر عمقا في الحرب القوقازية، فان فرص رد موسكو على التورط العسكري الاسرائيلي في ازدياد مستمر، كما ان فرص تدهور العلاقات بين روسيا والكيان الاسرائيلي تزداد.
ومن جانب اخر، اصدرت وزارة الخارجية الاميركية تحذيرا للرعايا الاميركان المتواجدين في جمهورية جورجيا بتوخي الحرص عندما يتنقلون في الاراضي الجورجية والامتناع عن السفر الى اقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا "الانفصاليين" حسب وكالة نوفوستي الروسية.
و يتواجد زهاء الف مواطن اميركي في جورجيا الان وفق افادة وسائل الاعلام الاميركية. وكما هو معلوم فان بعضهم يشرفون على تدريب افراد القوات المسلحة الجورجية.
وقال وزير الدفاع الاميركي الاسبق وليام كوهن ان بلاده(الولايات المتحدة) ترغب في ضم جمهورية جورجيا الى حلف شمال الاطلسي (الناتو)، واشار الى انه لو كانت جورجيا اليوم عضوا في الحلف، لاضطرت بلاده الى شن حرب على روسيا في رد فعل على احداث اوسيتيا الجنوبية.
كما اعتبر رئيس الاكاديمية الروسية للقضايا الجيوسياسية ان الخطط الاميركية يجري تنفيذها بهدف خلق بؤر توتر تبدا من شبه جزيرة البلقان وتمر عبر الشرق الادني والاوسط ومن ثم عبر القوقاز لتصل الى افغانستان وباكستان.
وقال ايفاشوف ان الرئيس الجورجي ساكاشفيلي ما كان يستطيع اعطاء الاوامر بالهجوم على تسخينفالي بدون اوامر من واشنطن. الامر الذي ادى الى وقوع كارثة كبيرة في المنطقة، حيث يجري انبعاث الفاشية هناك.
واشار ايفاشوف الا ان اعطاء الاوامر للجيش الروسي بتدمير القوات الجورجية التي اقتحمت اراضي اوسيتيا الجنوبية يرمي الى ارغام جورجيا على الجلوس الى طاولة المفاوضات.
كما اشار بعض المراقبين الى نفس هذه النتيجة التي لوح اليها ايفاشوف من ان الامر يتجوهر في تنفيذ خطة اميركية بهدف خلق بؤر توتر تبدا من شبه جزيرة البلقان وتمر عبر الشرق الادنى والاوسط ومن ثم عبر القوقاز لتصل الى افغانستان وباكستان، مستندين بذلك الى ان جورجيا عززت قدراتها العسكرية خلال السنوات القليلة الماضية وذلك بعد ان زودتها اوكرانيا باسلحة حديثة كما ان الولايات المتحدة لم تبخل عليها بالخبراء العسكريين الاسرائيليين كما ان ثلاثة الاف جندي جورجي اكتسبوا خبرة عملية في الحرب في العراق وافغانستان .
كما اكدوا طلب الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي العام الماضي من شركات امنية اسرائيلية تدريب افراد القوات الجورجية الخاصة، حيث ان نحو 1000 مدرب اسرائيلي قدموا خدمات لتدريب عناصر الجيش الجورجي واستشارات عسكرية للقوات البرية والجوية والبحرية الجورجية، اضافة الى تلقي عناصر الامن الخاص والاستطلاع العسكري الجورجي تدريبات مكثفة على يد مدربين اخصائيين اسرائليين، وحصول جورجيا من اسرائيل على معدات حديثة تسخدم لاغراض الاستطلاع والحرب الالكترونية.
وعن مدى رغبة روسيا بهذه الحرب، يقول فكتور ميزين مدير معهد التقديرات الاستراتيجية بموسكو، ان روسيا لا تحتاج الى مثل هذه الحرب ولابد من الاشارة الى ان قوات حفظ السلام الروسية تعمل هناك بتفويض من هيئة الامم المتحدة.
و يدل موقف المندوب الاميركي في مجلس الامن الدولي يوم 8 آب على ان تبليسي قد تشاورت مع الادارة الاميركية قبل الاقدام على تنفيذ عملياتها العسكرية في تسخينفالي.
ويبدو واضحا للعيان، ان كوندوليزا رايس قد اعطت الضوء الاخضر الى ساكاشفيلي اثناء زيارتها الاخيرة الى جورجيا لبدء العمليات العسكرية ضد اوسيتيا الجنوبية.
/ نهاية الخبر / .

وكالة انباء فارس /