رمز الخبر: ۷۱۰۸
تأريخ النشر: 16:43 - 05 October 2008
 فيما تجدد الحديث عن "انقلاب عسكري" محتمل في العراق ، اعتبر خبير و محلل سياسي عراقي بأنه تحذير جدّي ، يأتي هذه الايام لحمل حكومة المالكي على توقيع الاتفاقية الأمنية بالشروط و التواريخ الأمريكية .
و افادت وكالة انباء فارس بأن الخبير بشؤون العراق «نجاح محمد علي» كتب يقول : أن الحديث عن احتمال حصول انقلاب عسكري في العراق يطيح بحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ، الذي يطلقه هذه الأيام عدد غير قليل من السياسيين العراقيين في الائتلاف الحاكم و خارجه ، وفي التحالف الكردستاني على لسان رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني ، ليس بالجديد ، و قد كانت سويس أنفو أشارت له العام الماضي ، و يمكن وضعه هنا في إطار تسريبات أمريكية لحمل حكومة المالكي على التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع واشنطن بالشروط وبـ "التواريخ" الأمريكية .
و لفت نجاح محمد علي الى ان رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي ، عراب العملية العسكرية الكُـبرى التي قادت إلى إسقاط نظام صدّام في ربيع عام 2003 ، يرى أن هذا الانقلاب العسكري وارد الحصول و يبرره برغبة الأمريكيين في العودة بالعملية السياسية إلى مرحلة ما قبل سقوط النظام ، لأن أطراف العملية السياسية (المعارضة سابقا) اتَّـفقت مع الأمريكيين الذين خسِـروا المعركة السياسية في واشنطن ، بوجوب تشكيل حكومة عراقية مؤقَّـتة بعد مرحلة سقوط صدام ، تتسلم زِمام الأمور و تلتزم بقرارات مجلس الأمن ، حيث أصبح القرار بيد مَـن رفضوا خَـوض الحرب و تحرير العراق (!) و هو ما جعل أمريكا تتناقض في سياستها ، و ربما ستلجَـأ إلى خيار الانقلاب العسكري للتخلُّـص من "عِبء" ومشاكل الإسلاميين الحاكمين .
و اضاف هذا المحلل السياسي بأن نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ، أعرب عن خِـشيته من وجود دور للجيش في حسم مسائل سياسية، متحدّثا بشكل صريح عن مخاوف من "إعطاء دور كبير للجيش في حسم مسائل سياسية"، ومحذرا من حدوث انقلاب عسكري فى العراق .
و اردف قائلا : لقد كان "الحديث عن انقلاب عسكري ، رائجا كثيرا في مرحلة ما قبل أبريل 2003، حين كانت واشنطن تلعب بأعصاب المعارضة العراقية، خصوصا الإسلامية منها، وتدفعها إلى تقديم الكثير من التنازلات بشأن شكل الحُـكم في مرحلة ما بعد صدّام لصالح العِـلمانية والتحضير لتكرار "التجربة" في دول أخرى، كإيران وسوريا . وفي تلك الفترة، كانت الإدارة الأمريكية تسرّب، وبشكل متواصل، أن الخطة الأمريكية التي أرادت أن تكرّر احتلال اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، كانت تهدف إلى استعمار العراق عسكريا، وتنصيب حاكِـم عسكري أمريكي يقوم بإدارة شؤون العراق لمدة عام أو أكثر، في إطار فترة انتقالية تسبق تحقيق الديمقراطية في العراق، بما أثار ارتياب عدد غير قليل من العراقيين ممَّـن رفضوا الانخراط في المشروع الأمريكي . و انطوت الخطة أيضا على تحجيم الدّور الأولي لقوات المعارضة ، و بشكل خاص "فيلق بدر" و "قوات الشهيد الصدر" التابعة لحزب الدعوة الإسلامية و غيرهما ، في حكومة ما بعد صدّام ، والاستعانة بالمعارضين العراقيين كمستشارين ، فقط .
و اضاف : :كانت واشنطن تُـعوِّل على أن يؤدّي الضغط الأمريكي على العراق – آنذاك - إلى حصول انقلاب عسكري ، يسمح لها بدخول العراق بطريقة سلسلة وإقامة قواعد عسكرية دائمة فيه ، وأن تدخل القوات الأمريكية العراق في جميع الأحوال لإحكام سيطرتها على البلاد في مطلق الأحوال، ليس لتدمير أسلحة الدمار الشامل فحسب، بل للحيلولة دون وقوعها فريسة الفوضى . وكانت واشنطن تأمل أن يُساعد الحُـكم العسكري الأمريكي في الحيلولة دون حصول اقتتال داخلي في عراق ما بعد صدّام، على نحو ما حصل في أفغانستان بعد القضاء على نظام طالبان، وأن يتيح للولايات المتحدة أمر القيام بتفتيش دقيق عن أسلحة الدمار الشامل" .
و ناقش نجاح محمد علي فكرة الإنقلاب ، و هل انها مجرد تلويح أم احتمال وشيك ؟ و قال : "قبل تحذير عادل عبد المهدي، سرَّبت صُـحف غربية أن الولايات المتحدة الأمريكية ، وتحديدا جهاز المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي أي"، انتهت من إعداد سيناريو لتنفيذ انقلاب عسكري في العراق ، بانتظار الظروف السياسية والأمنية المناسبة ، لأن حكم العسكر سيضمَـن لها وجودا دائما ومستقِـرا في العراق، يسهِّـل عليها الحصول على التوقيع على أية اتفاقيات و في مختلف المجالات ، و في مقدمتها المجالات العسكرية والأمنية .
و رأي "ان هذه التسريبات ، تعكِـس أن الولايات المتحدة ، ستعزف عن الفكرة ، و ذلك إذا حصلت على ما تريد – دون الحاجة إلى اللجوء للانقلاب العسكري - . و هذا الأمر يدعم نظرية الذين يعتقدون أن التلويح بالانقلاب، هو وسيلة للحصول على المكاسب التي من أجلها احتلَّـت أمريكا العراق . أما بالنسبة للسياسيين العراقيين ، فالأمر لا يعدو كونه صراعا سياسيا ومحاولة الاستقواء بورقة الانقلاب للتقرب أكثر إلى الأمريكيين بشأن الحصول على مكاسب سياسية . و حتى الأكراد ، فإنهم تبنَّـوا فكرة الانقلاب العسكري و اعتقدوا بها بعد الجدال الحاد بينهم و بين حكومة المركز حول "خانقين"، و الذي تفاقم و كاد يتحوّل إلى أزمة حقيقية تهدّد وِحدة العراق السياسية .
فالزعيم الكردي مسعود البرزاني، الذي انتقد ما سمّـاه "تهميش" الدور الكردي في الجيش العراقي، برغم أن الأكراد أصبح لديهم جيش مستقل لا يأتمر بأوامر الحكومة المركزية، بل ويتعارض مع سياساتها وخطَـطِـها الأمنية، في حالة مثل خانقين، فإنه حذر من انقلاب عسكري وشيك، وكأنه يخاطب الحكومة المركزية وغير الكرد المشاركين في العملية السياسية، بأن اعتمادهم المفرط على الجيش في حلّ المشكلة الأمنية وقضايا سياسية، سيؤدّي إلى نتيجة عكسية" .
و قال هذا الخبير السياسي ان يد العسكر .. باتت طويلة ! و اشار الي بروز مظاهر عسكرة حقيقية للشارع العراقي ، تشهدها بغداد و مُـعظم المدن العراقية ، لم تكن موجودة حتى في عهد الدكتاتور المقبور صدّام ، الذي حوّل العراق إلى مؤسسة عسكرية فريدة ، و قال : "صحيح أن الجيش العراقي الحالي لا يوازي في قُـدراته ما كان عليه أيام النظام السابق، غير أن الواضح هذه الأيام، هو الدور المناط بالجيش وبقادته المنغمسين حتى النخاع في ثقافة النظام السابق وطريقة قضائه على حالات التمرّد والانفلات الأمني. وحتى المختلفون مع الأكراد في طريقة تعاطيهم مع الأزمة في "خانقين"، لا يمكنهم صـمّ آذانهم عن الشعارات التي أطلقها الجيش العراقي، لدى محاولته دخول "خانقين"، والتي تُـعيد بالكلية إلى عهد صدّام وكيفية مواجهته لمعارضيه" .
و ذكر نجاح محمد علي صورا من "العسكرتاريا" الجديدة في العراق الجديد ، و منها : "في الساحات العامة، يقف أفراد الشرطة والجيش في بغداد ومُـدن أخرى، وهم يجاهرون بالإفطار في شهر رمضان، ولا أحد يجرُؤ على ردعهم ما داموا هم المسؤولين عن "الرّدع"، وهذا ما أصبح يثير خِـشية حقيقية من أن يد الجيش.. باتت طويلة" .
و اردف قائلا : هذه من بين المؤشِّـرات على إمكانية أن تستثمر واشنطن هذه العسكرتاريا العراقية الجديدة للانقلاب على المالكي، إلى جانب تفوّق عدد أفراد الجيش العراقي على القوات الأمريكية عام 2007 " .
و خلص هذا الخبير الي القول : إن "خِـيار الانقلاب العسكري لم يعُـد سرا .. فالانقلاب ضد حكومة المالكي يضمَـن لواشنطن التخلص من هيمنة الإسلاميين و عموم رجال الدّين في السياسة و مواجهة النفوذ الإيراني ، و إعادة التوازن في منطقة الخليج ( الفارسي ) و ضمان ولاء الحكومة العراقية . وفي هذا الواقع ، يمكن أن نضع ما يُـقال عن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس ، أنها تمكَّـنت من إحباط اتِّـفاق كاد يُـطيح بالمالكي، حين حضرت أثناء زيارتها الأخيرة إلى العراق اجتماعا للأكراد و المجلس الأعلى والحزب الإسلامي، وقد اتفقوا على تنحية المالكي و سحب الثقة منه ، غير أنها رفضت هذا الموقف و أقنعتهم بالعدول عنه" . و بالتالي فإن "المالكي أمام خِـيارين أحلاهما مُـرّ : إما أن يوافق على الاتفاقية الأمنية بالشروط الأمريكية أو أن يسمع كل يوم أحاديث قوية عن حصول انقلاب عسكري وشيك يُـطيح به وبحكومته الصديقة لإيران" .
/ نهاية الخبر / .