رمز الخبر: ۷۲۲۲
تأريخ النشر: 12:32 - 13 October 2008
محمود الطيب

عصر ايران، محمود الطيب – ما يجري وراء الكواليس من مفاوضات بين الادارة الاميركية ومجموعة طالبان المتشددة يلقي المزيد من الاضواء على ماهية السياسات التي اعتمدها جورج بوش وشلة المحافظين الجدد معه طوال الاعوام الثمانية الماضية من حكمهم في الولايات المتحدة.

ان المرء ليحار وهو يرى هذا الانجذاب الاميركي نحو مجموعة طالبان التي جئ بها لتحكم افغانستان عدة سنوات بافكار وعقائد ينبذها الدين والعقل ومن ثم ليطاح بها على خلفية تفجيرات 11 ايلول/سبتمبر 2001 بذريعة محاربة الارهاب والتصدي لتنظيم القاعدة بسبب دوره في تدمير ناطحتي السحاب في نيويورك.

فهل تغيرت افكار طالبان المتخلفة وهل تبدلت استراتيجية اميركا الاستكبارية في الشرق الاوسط والعالم؟! للاجابة على هذا السؤال يمكن القول ان لا احد من الطرفين قد تخلى عن عقيدته لكن الظروف الاقليمية والدولية هي التي وفرت الارضية لجلوس اعداء الامس وجها لوجه بمباركة ومساع مشهودة من قبل حكومتي السعودية والامارات وبوساطة مباشرة من قبل رئيس الوزراء الباكستاني الاسبق نواز شريف باعتباره الاكثر قربا من المدرسة الوهابية وتفريعاتها في شبه القاره الهندية.

بالطبع نحن نؤمن بان اميركا وجبهة حلف الناتو قد فشلتا في تحقيق اهدافهما التسلطية والتوسعية في الشرق الاوسط ولاسيما في افغانستان والعراق، لكن المستغرب هو تعمد حكومة الولايات المتحدة في القفز على الوقائع وتجاوزها الاعمى لمتطلبات الامن والاستقرار في هذه المنطقة عبر التمسك بتسويات قشرية لا تمثل العلاج الحقيقي لعذابات بلدانها وشعوبها التي ذاقت الامرين جراء استشراء التطرف الديني من جهة والغزو الاميركي – الاوروبي بدوافع اقتصادية هيمنية شيطانية من جهة اخرى.

انه لسلوك يثير الكثير من الاشمئزاز ان تطفر وزارة الدفاع الاميركية على الحقائق القائمة في افغانستان بالسعي الى كسب ود طالبان وحماتهم المعروفين في المنطقة، اذ لن يكون مستبعدا اذا كان هذا هو معيار السياسات الصادرة عن البيت الابيض ان تصالح واشنطن تنظيم القاعدة مستقبلا اتقاء للضربات التي تتلقاها قوات حلف الناتو من اعضاء هذه المنظمة التكفيرية هنا او هناك.

الطامة الكبرى في هذا الاتجاه هي جنوح الولايات المتحدة للسلم والمصالحة مع من نموا وترعروا في كنفها ردحا من الزمن ثم مزقتهم شر ممزق طيلة السنوات السبع الماضية وكل ذلك تحت ذرائع زائفة وشعارات مضللة الحقت افظع الخسائر والاضرار بالعالم الاسلامي من اقصاه الى اقصاه.

نقول هذا دون ان نعني باننا نعارض السلم الاهلي في افغانستان او ان تندمج جماعة طالبان في العملية السياسية بهذا البلد الجار والشقيق ، فهذا الامر متروك للشعب الافغاني الذي تقع عليه مسؤولية تقرير مصيره بعد خروج المحتلين من ارضه وسمائه.