رمز الخبر: ۸۰۲۴
تأريخ النشر: 13:50 - 09 November 2008
بعد إعلان القاهرة رسمياً تأجيل انعقاد الحوار الوطني الفلسطيني ، عقب مقاطعة عدد من الفصائل احتجاجاً على استمرار حملات الاعتقال السياسي التي تقوم بها أجهزة أمن السلطة في الضفة ولرفض الرئيس عباس ترؤس وفد "فتح" في جلسات القاهرة ، حذّر خبراء من أن الساحة الفلسطينية مقبلةٌ على مصائب ستفاقم من حدة وضعها القائم بزيادة .
 
و أشارت مصادر مطلعة لمراسل وكالة أنباء فارس بغزة ، إلى أن النقطة الثانية المشار إليها آنفاً ، هي ما دعت حركة «حماس» الي
إعلان مقاطعتها .
 
و أوضح تقرير مراسلنا أن الطاقم المصري المكلف بإدارة ملف الحوار الفلسطيني ، و رغم انه قد تجاوب مع مطلب «حماس» - بحسب قياديين بارزين فيها - بوجوب بقاء الرئيس محمود عباس في المداولات و تخصيص مقعد لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" للجلوس على منصة رعاة المؤتمر ، غير أن الحال تغيّر عندما تم إبلاغ «حماس» بأن هذا التجاوب غير نهائي و أن هذه المسائل ستناقش في الجلسة التشاورية التي كان مقرراً أن تعقد في التاسع من الشهر الجاري قبيل الافتتاح الرسمي في اليوم التالي .

أما باقي الفصائل المقاطعة لا سيما حركة الجهاد الإسلامي ، فقد جاءت - طبقاً لتلك المصادر- لتواصل حملات الاعتقال السياسي التي تطال نشطاء المقاومة الفلسطينية في الضفة، حيث تؤكد المصادر أن معظم المعتقلين في الضفة ينتمون للذراع العسكرية للجهاد الإسلامي .

هذا و أجمع الخبراء و المراقبون السياسيون على أن الساحة الفلسطينية مقبلةٌ على مصائب إن تأجل الحوار الوطني أكثر أو إن لم يعقد.

فقد شدد الدكتور عبد الله الحوراني ، الكاتب الصحفي و المحلل السياسي المعروف ، على ضرورة أن تفرض الدول العربية بالقوة نفسها على مجريات الحوار الوطني الفلسطيني .
 
و بيّن هذا الخبير أن من الضروري أن لا يقتصر الدور العربي على إلزام الأطراف بالمشاركة في جلسات الحوار والقبول بصيغ ورؤى من شأنها إنهاء حالة الانقسام، وإنما يجب أن يتابع تنفيذ ما يتم التوافق عليه بوجودهم.

و لفت الحوراني إلى أن اللجان التي اتفق على تشكيلها طبقاً للورقة المصرية يجب أن يترأسها ممثلون عن هذه الدول وأن لا يترك لها مدى زمني مفتوح لتسوية الملفات الموكلة إليها.

بدوره ، تمنى الدكتور إبراهيم أبراش ، وزير الثقافة الأسبق في حكومة سلام فياض بالضفة الغربية أن يكون تأجيل انعقاد الحوار ، مندرجاً في سياسة "حافة الهاوية" .

و أشار هذا الخبير إلى أن هذه السياسة تعني- إن أسقطت على ما سيحدث - أن الأطراف قبل أن تتوجه إلى الحوار ستصعد وتصعد إلى أقصى حد لتتنازل فيما بعد بغية تحسين الشروط بينها ، لكنه استدرك بالقول : "في حقيقة الأمر أن ما يقلق غياب أي ممارسات على الأرض تدل بأن هناك نوايا صادقة" .

و رأى الدكتور أبراش أنه كان حرياً بطرفي النزاع القائم خلق حالة نفسية للحد من عملية الاحتقان التي تسود الجو السياسي الفلسطيني حالياً لتهيئة الظروف لمرحلة جديدة من خلال عقد سلسلة لقاءات بين قيادتيهما بشكلٍ تنازلي ومن ثم تتصاعد بلقاء على مستوى الحوار المزمع عقده في القاهرة بعد أيام ، و الذي تمنى أن يلتئم ويخرج بنتائج تنهي الأزمة الفلسطينية الحالية -والتي شدد على كونها- طارئة .

و لفت إلى أن كل طرف من طرفي النزاع الفلسطيني يدرك أنه يذهب حالياً إلى الحوار و أن له خط رجعة (يقصد إن فشلت المساعي التي تبذلها مصر فإن كل طرف سيعود لوضعه وسلطته الطبيعية غير آبهٍ بمصلحة الشعب العليا).

هذا و انتقد الدكتور أبراش السكوت العربي في عدم إسناد الجهود المصرية الحثيثة لرأب الصدع الفلسطيني ، قائلاً : "إن الساحة الفلسطينية مقبلةٌ على مصيبة كبيرة إن لم تبذل جهود لإعادة اللحمة والتوافق لها" .

و لم يختلف رأي الدكتور ناجي شراب ، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الشرق أوسطية بجامعة الأزهر في غزة ، كثيراً عن رأي سابقه ، حيث عبّر عن اعتقاده أن ما يبعث على القلق هو غياب الأجواء الإيجابية التي يمكن أن تسهم في دفع جهود انعقاد الحوار.

و رأى الدكتور شراب أن ذلك يتأتى عبر وقف حملات التراشق الإعلامي المستمرة بين طرفي النزاع الفلسطيني، ووقف حملات الاعتقالات السياسية بين سلطتيهما القائمتين.

و قال في هذا السياق : "يبدو لي أن المسألة تتعلق بشروط "حماس" التي تريد أن تذهب قويةً إلى الحوار لإرضاء قاعدتها، وشروط "فتح" التي تهدف إلى التشبث بمطالبها".

و أضاف : "من السابق لأوانه أن نحكم على نجاح الحوار ، فهو ليس سهلاً حتى و إن بدأ ، فالأزمة بنيوية، مركبة ومعقدة وهناك تحديات كبيرة تقف حائلاً أمامه".

و ختم الدكتور شراب حديثه قائلاً : "إن عدم نجاح جهود انعقاد الحوار سوف يقود الفلسطينيين إلى مزيدٍ من الانقسام، ويحرفهم عن خط سير القضية الأمر الذي سيكون في صالح "إسرائيل" وحدها".