رمز الخبر: ۸۶۹۱
تأريخ النشر: 11:51 - 08 December 2008

عصر ايران – بعد اسابيع من التوقعات والتكهنات قدم الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما الذي سيتولى زمام الامور في الولايات المتحدة بعد اقل من 50 يوما ، اعضاء فريق الامن القومي الاميركي.

وقدمت السيناتور هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية والجنرال المتقاعد جيمز جونز مستشارا للامن القومي للبيت الابيض فيما ابقي روبرت غيتس وزير الدفاع الحالي في منصبه وزيرا للدفاع في الادارة الاميركية الجديدة.

ويمكن القول ان اهم اختيار اوباما يتمثل في هيلاري كلينتون لانها كانت تنافسه لكسب الترشح عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية واستهلك اوباما خمسة اضاف من وقته لمنافسة كلينتون اكثر من الوقت الذي امضاه في مواجهة منافسه الجمهوري مك كين.

ان التباينات بين اوباما وهيلاري كلينتون في مجال السياسة الخارجية كبيرة وبارزة للعيان بحيث ان العديد من المحللين السياسيين يرون ان انتخاب اوباما هذا يشكل تراجعا عن شعاراته وسياساته التي اعلنها ابان حملته الانتخابية.

ويمكن القول ان خيار اوباما هذا يشكل خطوة لاستمالة السيدة الاميركية الاولي سابقا والتي استطاعت زيادة الحماس في الانتخابات وتوجيه الطاقة الانتخابية التي جمعتها في حملتها الانتخابية خلال الايام والاسابيع الاخيرة من الانتخابات نحو حملة اوباما الانتخابية.

وقد لا يكون من باب المبالغة اذا تم الزعم بان السيدة كلينتون تعد احدى الشخصيات السياسية العشره المهمة داخل الولايات المتحدة واكثر السيدات السياسيات الاميركيات اقتدرا.

ان الخبرة التي اكتسبتها كلينتون على مدى الاعوام الثمانية التي كانت فيها السيدة الاولى لاميركا وزوجة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون شكلت منصة لانطلاق هذه السيدة المتلهفة الى السلطة والشهرة.

وخلال الثمانية اعوام عندما كانت السيدة الاولى للولايات المتحدة سافرت كلينتون الى 82 بلدا والتقت معظم قادة العالم. ومن جهة اخرى وخلال نشاطها على مدى 8 سنوات في لجنة الشؤون العسكرية بمجلس الشيوخ الاميركي سافرت الى العديد من دول العالم واستطاعت اكتساب خبرات مهمة بما فيها زيارة العراق وافغانستان ثلاث مرات واسرائيل مرتين والعديد من السفرات الى اوروبا وافريقيا وكندا و... .

وهذا يضاف الى خبراتها في مؤسسة كلينتون التي تعد مؤسسة دولية كبيرة (وتبلغ موازنتها اكثر من الموازنات السنوية لعشرات الدول في العالم الثالث بحيث ان مجموع المساعدات التي تلقتها هذه المؤسسة خلال الاعوام 2006 الى 2008 نحو 30 مليار دولار).

واضافة الى ذلك فان الزوجين بيل كلينتون وهيلاري كلينتون تحولا الى احدى العائلات السياسية الاكثر تاثيرا في الوقت الحاضر في الولايات المتحدة بحيث يمكن مقارنة تاثيرها وشعبيتها مع اسرة "كندي" في عقد السبعينات من القرن المنصرم.

والنقطة الرئيسية في انتخاب هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية الاميركية تكمن في انه يبدو ان اوباما سيستهلك معظم قدراته لاحتواء الازمة الاقتصادية الداخلية لذلك فانه يرغب بان يتولى شخص مهمة توجيه وادارة الجهاز الدبلوماسي بحيث يمتلك قوة تنفيذية وادارية وخبرة كبيرة وان يتحلي ب "الحكم الذاتي" في مجال عمله.

ونظرا الى الازمات الدولية الكبيرة التي تواجهها ادارة اوباما فانه يمكن القول بان جهاز دبلوماسيته الخارجية سيكون امامه عمل شاق وصعب في هذا المجال.

ان موضوعات ايران والعراق وافغانستان وباكستان (وما اضيف اليها هذه الايام من تعقيدات اضافية اثر العمليات الارهابية في بومباي الهندية) وكذلك مكافحة الارهاب والقاعدة وقضية كوريا الشمالية وكيفية التعامل مع روسيا والاهم من ذلك تحريك عملية السلام في الشرق الاوسط تشكل اهم التحديات والقضايا التي ستواجهها الادارة الاميركية المقبلة والتي ستكون بحاجة الى تخطيط واسع ودقيق واعادة نظر تتسم بالنقدية تجاه سياسات عهد بوش.

ان العديد من هذه التحديات الدولية بحاجة الى ردود فعل ومواقف من ادارة اوباما في الاسابيع والاشهر الاولى من توليه السلطة في البيت الابيض. لذلك فان اوباما لا يستطيع الانتظار لاحتواء الازمات الداخلية بل يجب ان يعتمد حلولا واساليب لمعالجة العديد من الازمات الدولية المذكورة آنفا خلال الاشهر الستة الاولى من وصوله الى البيت الابيض.

ومن جهة اخرى فان انتخاب هيلاري كلينون من قبل اوباما يظهر ان اوباما اضطر في نهاية المطاف للتعاون والافادة من خبرات كلينتون التي كان على خلاف معها تجاه العديد من القضايا والتحديات في هذا المجال.

وكان الخلاف بين اوباما وكلينون خلال المبارزة الانتخابية على مدى عام ونصف العام تمثل في معظم الحالات في مجال السياسة الخارجية. فاوباما كان يعارض الحرب في العراق فيما كانت هيلاري كلينتون قد صوتت في مجلس الشيوخ لصالح هذه الحرب. وكان اوباما طرح موضوع الحوار مع القادة الايرانيين من دون شروط مسبقة فيما اعتبرت كلينتون ان هذا الامر غير مسموح له وحتى انها عندما وجه اليها سؤال في برنامج انتخابي لها في اغسطس حول ردة فعلها في حال هاجمت ايران ، اسرائيل فقالت من دون ابطاء وفي ردة فعل غير مدروسة وغير ناضجة وغير اخلاقية وبعيدة عن اللياقة الدبلوماسية بانها ستمحو ايران من الوجود.

لذلك يبدو كما ان الازمة الاقتصادية الاميركية ساعدت الديمقراطيين واوباما شخصيا لكي يصل الى البيت الابيض بسهولة اكثر فبهذا القدر فان هذه الازمة دفعت اوباما بان يرضخ لترؤس شخص لدبلوماسيته الخارجية كان على خلاف كبير معه ابان الحملة الانتخابية داخل الحزب الديمقراطي ، لذلك فان العديد من المحللين في اميركا والعالم يعتبرون انتخابه ل هيلاري كلينون نوعا من التراجع الاولي عن شعاراته التي طرحها في مجال السياسة الخارجية.

ان شخصية هيلاري كلينتون وخبرتها الاكثر في السياسة الخارجية ستحول دون ان تتحرك في اطار توصيات وتوجيهات من اوباما. لان كلينتون ونظرا الى عمرها الكبير نسبيا (61 عاما) خسرت اخر حظوظها في الوصول الى البيت الابيض ابان الحملة الانتخابية داخل الحزب الديمقراطي لذلك فانها يجب ان تعتبر حقيبة الخارجيه اكبر فرصة حصلت عليها طوال حياتها.