رمز الخبر: ۸۹۲۷
تأريخ النشر: 10:34 - 22 December 2008
ومما يؤلم ويحز في النفس بشدة ان النظام الرسمي وعوضا عن استثمار الانتصار التاريخي الذي حققه المقاومون المؤمنون في لبنان على العدو الصهيوني الغاصب صيف عام 2006 باتجاه رفع سقف المطالب العادلة والمشروعة للامة واجبار اسرائيل المجرمة على التراجع والتنازل .
عصر ايران، يوسف علي الصديق – علمتنا تجارب التاريخ انه في كل عهد يتضاءل وينحسر فيه دور الانظمة والسلطات الرسمية في البلدان الاسلامية منذ اشتداد التحديات والمحن لا تجد الامة مناصا سوى اللجوء الى علمائها الربانيين والمجاهدين في سبيل قيادة مسيرة المجابهة والنضال والتصدي بوجه الغزو والاحتلال والعدوان ادراكا منها بان العلماء هم ورثة الانبياء (عليهم السلام) كما ورد في احاديث الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة الهداة المهديين (عليهم السلام).

وأمام حالة مفجعة مثل مأساة غزة وحيث ان النظام الرسمي في منطقتنا هذه مغلوب على امره ومحكوم بمعاهدات استكبارية صورية ظالمة كان لا بد لقائد المقاومة الاسلامية المظفرة سماحة العلامة المجاهد السيد حسن نصر الله من اطلاق دعوته الى الجماهير الاسلامية والعربية للخروج بمسيرات وتظاهرات سلمية تحت شعار "الحرية لغزة" تضامنا مع ما يكابده اهلنا الفلسطينيون هناك رجالا ونساء واطفالا جراء الحصار الصهيوني الجائر.

ومما يؤلم ويحز في النفس بشدة ان النظام الرسمي وعوضا عن استثمار الانتصار التاريخي الذي حققه المقاومون المؤمنون في لبنان على العدو الصهيوني الغاصب صيف عام 2006 باتجاه رفع سقف المطالب العادلة والمشروعة للامة واجبار اسرائيل المجرمة على التراجع والتنازل فانه وضع نفسه (النظام) تحت تصرف القوى الاستكبارية الداعمة للمحتلين الصهاينة في فلسطين كما طفق يثير الحساسيات والخلافات والنزاعات والضغائن المذهبية هناك وهناك ابتغاء افراغ ذلك الانتصار المدوي من مرتكزاته على الرغم من انه قد اعاد العزة والبسمة على وجوه ابناء الامة بعد طول انتظار.

وبما ان الشعوب الاسلامية والعربية قد فهمت مقاصد اللعبة السياسية الدولية واندفاع تلك الاطراف الرسمية الى التوقيع على صك التسوية والخنوع مع الكيان الصهيوني ومساعيها المحمومة دفاعا عن مشروع دمج اسرائيل في النظام الاقليمي واحيائها لما يسمى بالمبادرة العربية للسلام رغم انها ماتت قبل ان تولد وذلك عندما استخفت تل ابيب بنتائج قمة بيروت عام 2002 وشنت حربا شعواء على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ومن ذلك محاصرة مقر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مدينة رام الله حينذاك.

وازاء ذلك يبدو من غير المعقول وغير المفهوم جدا اعادة تلك المبادرة المقبورة الى واجهة الاحداث وعقد اجتماع عربي – اوروبي في باريس الان لتسويقها والدعاية والاعلام بغية الترويج لها والحال ان الواقع الاسلامي العربي الذي مازال يعيش نشوة الانتصار هو على اهبة الاستعداد للتضامن والتوثب في سبيل تلقين الاعداء والغزاة الدرس اللازم لردعهم وانزال هزائم جديدة اخرى بهم لتضاف الى سلسلة هزائمهم المخزية في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان .

ومع انتهاء فرة التهدئة بين المناضلين الفلسطينيين والجيش الصهيوني الغادر الذي لم يتمسك بالتزاماته وتعهداته طيلة تلك الفترة بالاضافة الى فرضه حصارا ظالما على قطاع غزة المقاوم فان الظرف العصيب الراهن الذي يشهد نكوصا وانكفاء عربيا رسميا غير مسبوق يجعل من دعوة سيد المقاومة الباسلة سماحة العلامة السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله في لبنان هو الموقف الرسالي المطلوب الذي يوجبه الدين الحنيف على العلماء المجاهدين الذين نذروا انفسهم من اجل الدفاع عن الاسلام والمسلمين اينما كانوا ولاسيما الان في قطاع غزة.

ولاشك في ان استجابة الشعوب والجماهير مثلما حصل ابتداء في لبنان وسورية والسعودية والبحرين ومثلما سيحصل في الامصار الاخرى في العالمين العربي والاسلامي لهذا النداء الرباني الصادق لاحقا ستكون هي المعيار وكلمة الفصل في هذا المفترق وذلك بعدما تخلت الانظمة الرسمية عن مسؤولياتها السياسية والاخلاقية والانسانية واستسلمت للصهاينة والخضوع الامر الذي يجردها من صلاحية واهلية التفاوض باسم شعوبها التي تابى مثل هذا الواقع المشين ولن تقبل باقل من الانتصار لكرامتها بعدما فرط بها المتخاذلون.