رمز الخبر: ۹۲۱۸
تأريخ النشر: 11:36 - 04 January 2009
ولقد جاءت تصریحات مبعوث الرباعیة ورئیس الوزراء البریطاني السابق توني بلیر فی سیاق مقابلة مع صحیفة هاآرتس، والتی رفض فیها وصف اي عمل عسکری تقوم به اسرائیل ضد المحاصرین فی غزة بالکارثة ، لتعلن ماهیة السیاسة الدولیة بعیدا عن ایة رتوش او تمویهات.

عصر ايران، حميد حلمي زادة- ربما لم یستغرب الرأي العام الاسلامي والعربی التصریحات الرسمیة المصریة التی غضبت واستاءت من دعوة امین عام حزب الله سماحة السید حسن نصر الله ، القاهرة الی تحمل مسؤولیتها التاریخیة والنضالیة والاخلاقیة من اجل الدفاع عن الشعب الفلسطینی الذی یواجه افظع مجزرة صهیونیة فی قطاع غزة منذ عدة ایام .

فالسیاسة المصریة التی تبدو الان مرجحة لاجندة فصیل فلسطینی علی اخر،قد وفرت لاسرائیل مسوغات التجرؤ والصلف والعدوان علی کافة الحرمات والمقدرات العربیة والاسلامیة ، مثلما وفرت لها اسباب تجاوز کل الخطوط الحمر فی الصراع "العربي – الصهیوني".

ومع التأکید علی ان نتائج اتفاقات التسویة التی ابرمها بعض الاطراف الرسمیة فی المنطقة انعکست بنتائج سلبیة جدا علی الامة الاسلامیة فأن من الطبیعي ان یشن وزیر الخارجیة المصري احمد ابوالغیط هجوما کلامیا جارحا علی رمز عزة الجماهیر العربیة والاسلامیة المجاهد السید حسن نصر الله، لا لسبب الا لان سماحته ناشد مصر بثقلها العربي والاسلامی والاستراتیجی التدخل لوضع حد لحملة الابادة والتدمیر الصهیونیة ضد الفلسطینیین العزل في قطاع غزة بحکم قربها من موقع هذه الاحداث الکارثیة، وانطلاقا من قدرتها علی اغاثة اهلنا المستضعفین هناک بکل ما اوتیت من قوة.


ولاشک فی ان تلکؤ القاهرة عن تقدیم النصر والعون الی المحاصرین الفلسطینیین تحت وطأة الغارات الصاروخیة القاتلة برا وبحرا وجوا، بدعوی ان الموقف علی المعابر تحکمه اتفاقیة دولیة یجب الالتزام بها، هو امر غیر مقنع نظرا للملاحم والتضحیات التی قدمتها مصر علی امتداد الصراع العربی - الاسرائیلی اذ لا یعقل ان تکبلها اتفاقیة عن مد ید النجدة والغوث والمساعدة الی اخوة الدم والعقیدة الفلسطینیین وهم یتعرضون لابشع الجرائم البربریة الصهیونیة فی العصر الحدیث.

فعلی خلفیة مثل هذه المعاهدات یبدو مستبعدا ان تقدم اجتماعات النظام الرسمي العربی حلا او ان تتخذ موقفا مشترکا من العدوان الصهیوني الشامل علی غزة طالما ان اسرائیل تستغلها لسلب الارادة والاستقلالیة فی اتخاذ القرارات المصیریة من هذا النظام، فلا یعود قادرا حتی علی تقدیم المعونات الانسانیة للشعب الفلسطینی وهو یواجه لوحده محرقة الحقد الصهیونی.

وتعتقد الامة ان الامل معقود الیوم علی ثقافة المقاومة والتحدي التی قدمت للامة الاسلامیة والعربیة اعظم انتصار فی صیف عام 2006 عندما استطاع المقاومون اللبنانیون بقیادة المجاهد السید حسن نصرالله، کسر غطرسة العدو الصهیونی الغادر، والحاق الهزیمة المنکرة بجیشه الذی کان یوصف بانه لا یقهر فاذا به قد تحول بسلاح الایمان قبل اسلحة القتال الی اضحوکة یتندر بها ابناء المسلمین والعرب حینما اطلعوا علی حقیقة جبن الصهاینة وتمزقهم فی مواجهة مقاومین لا تتعدی امکاناتهم امکانات میلیشیا تعتمد اسلوب حرب العصابات للدفاع عن الارض والعرض وعن الکرامة وهي التی تخلی عنها البعض نزولا عند استحقاقات المعاهدات المشینة.

ومع علم الشارع العربی والاسلامی بان الغدر هو سلاح الجبناء فانه لا یستبعد انقلاب السحر علی الساحر وتغیّر المعادلة لصالح المظلومین والمقاومین فی قطاع غزة وفی عموم فلسطین لان المشیئة الالهیة تأبی الا الانتصار للمؤمنین المستضعفین فی الارض والهزیمة والخسران لزعماء الطغیان والاستکبار في العالم.

فالحرب الهمجیة الشاملة التي اشعلتها اسرائیل علی قطاع غزة المحاصر منذ اکثر من عام، تبرهن علی هذه الحقیقة الثابتة وهي ان الکیان الصهیوني المجرم هو کیان عدواني ودموي وغادر، ولیس جدیرا بلغة التنازلات والمجاملات التی استخدمها معه بعض ممثلي النظام الرسمي ظنا منه بان هذا التوجه سیطبع العلاقة بین الحمل والذئب، فضلا عن کون اسرائیل ضربت کل المعاهدات العربیة الموقعة لاقرار الامن والتعایش السلمي معها عرض الحائط، لانها شطبت علیها والغتها من جانب واحد عبر استخفافها برغبة الدول العربیة المطالبة بالسلام العادل، وعبر مجازرها وجرائمها المتواصلة بحق الشعب الفلسطینی الاعزل.

ولقد جاءت تصریحات مبعوث الرباعیة ورئیس الوزراء البریطاني السابق توني بلیر فی سیاق مقابلة مع صحیفة هاآرتس، والتی رفض فیها وصف اي عمل عسکری تقوم به اسرائیل ضد المحاصرین فی غزة بالکارثة ، لتعلن ماهیة السیاسة الدولیة بعیدا عن ایة رتوش او تمویهات.

فالثابت فی هذا المضمار هو ان المنظمات الدولیة والبلدان الغربیة التی تدعی الدفاع عن الحریات وحقوق الانسان هی الیوم اکثر التصاقا بالارهاب الاسرائیلی لانها تتغاضی حالیا عن الجرائم المرتکبة بحق الانسانیة المضطهدة فی فلسطین وکأن الذین یتساقطون صرعی ومجروحین ومعوقین علی وقع صواریخ مقاتلات الـ"اف16" و"الاباتشی" فی هذه الحرب القذرة، لیسوا من البشر ولا یستحق الالتفات الی ما ینالهم من حقد صهیوني اسود.

اما المؤکد عند ابناء الامتین الاسلامیة والعربیة فهو أن جریمة اسرائیل الجدیدة لن تمر بدون عقاب لان ابناء فلسطین اقسموا علی الثأر من القتلة الصهاینة الذین ثبت حتی الان بانهم لا یقیمون وزنا لقوانین ما یسمی بالشرعیة الدولیة ولا یفهمون سوی لغة المقاومة والتصدي والتضحیة، وهی اللغة الوحیدة التی اذاقت جیش الاحتلال الصهیوني مرارة الذل والهزائم المنکرة علی امتداد الاعوام الثمانیة الماضیة.