رمز الخبر: ۹۲۸۰
تأريخ النشر: 15:21 - 05 January 2009
عصر ایران - قلة هم أولئك الذين يتسنّمون قمم الخلود و السمو و العظمة، و قلة أيضا أولئك الذين ينفصلون عن الزمان و المكان . ليكونوا ملكاً للحياة و الإنسان . و سبط المصطفي الامام الحسين (ع) الشهيد بكربلاء ، خيرة اولئك .

أولئك القلة هم عظماء الحياة ، و أبطال الإنسانية ، و لذلك تبقى مسيرة الحياة ، و مسيرة الإنسان ، مشدودة الخطى نحوهم ، و ما أروع الشموخ و السمو و العظمة ، إذا كان شموخاً و سمواً و عظمة ، صنعه إيمان بالله ، و صاغته عقيدة السماء .

من هنا كان الخلود حقيقة حية لرسالات السماء ، و لرسل السماء ، و رجالات المبدأ و العقيدة ... و في دنيا الإسلام ، تاريخ مشرق نابض بالخلود ... و في دنيا الإسلام ، قمم من رجال صنعوا العظمة في تاريخ الإنسانية ، و سكبوا النور في دروب البشرية .

و إذا كان للتاريخ أن يقف وقفة إجلال أمام أروع أمثولة للشموخ ... و إذا كان للدنيا أن تكبر لأروع تضحية سجلها تاريخ الفداء ... و إذا كان للإنسانية أن تنحني في خشوع أمام أروع أمثولة للبطولة ... فشموخ الحسين و تضحية الحسين ، و بطولة الحسين ، أروع أمثلة شهدها تاريخ الشموخ و التضحيات و البطولات .

الحسين بن علي (عليه السلام) قمة من قمم الإنسانية الشامخة ، و عملاق من عمالة البطولة و الفداء .

فالفكر يتعثر و ينهزم ، و اليراع يتلكأ و يقف أمام إنسان فذّ كبير كالإمام الحسين ، و أمام وجود هائل من التألق و الإشراق ، كوجود الحسين ... و أمام إيمان حي نابض ، كإيمان الحسين ... و أمام سمو شامخ عملاق كسمو الحسين ... و أمام حياة زاهرة بالفيض و العطاء كحياة الحسين ... .
إننا لا يمكن أن نلج آفاق العظمة عند الإمام الحسين ، إلا بمقدار ما نملك من بعد في القصور ، و انكشاف في الرؤية ، و سمو في الروح و الذات ... فكلما تصاعدت هذه الأبعاد ، و اتسعت هذه الأطر ، كلما كان الانفتاح على آفاق العظمة في حياة الإمام الحسين أكثر وضوحاً ، و أبعد عمقاً ... فلا يمكن أن نعيش العطاء الحي لفيوضات الحسين ، و لا يمكن أن تغمرنا العبقات النديّة ، و الأشذاء الرويّة ، لنسمات الحياة تنساب من أفق الحسين (ع) .

و لا يمكن أن تجللنا إشراقات الطهر ، تنسكب من أقباس الحسين ... إلا إذا حطمت عقولنا أسوار الانفلاق على النفس ، و انفلتت من أسر الرؤى الضيقة ، و تسامت أرواحنا إلى عوالم النبل و الفضيلة ، و تعالت على الحياة المثقلة بأوضار الفهم المادي الزائف .

فيا من يريد فهم الحسين ، و يا من يريد عطاء الحسين ، و يا من يتعشق نور الحسين ، و يا من يهيم بعلياء الحسين ، افتحوا أمام عقولكم مسارب الانطلاق إلى دنيا الحسين ، اكسحوا من حياتكم أركمة العفن و الزيف ، حرّروا أرواحكم من ثقل التيه في الدروب المعتمة ، عند ذلك تنفتح دنيا الحسين ، و عند ذلك تتجلى الرؤية ، و تسمو النظرة ، و يفيض العطاء ، فأعظم بإنسان ... جدّه محمد سيد المرسلين ، و أبوه علي بطل الإسلام الخالد ، و سيد الأوصياء ، و أمه الزهراء فاطمة سيدة نساء العالمين ، و أخوه السبط الحسن ريحانة الرسول ، نسب مشرق وضّاء ، ببيت زكي طهور .

في أفياء هذا البيت العابق بالطهر و القداسة ، ولد سبط النبي محمد (ص) ، و في ظلاله إشراقة الطهر من مقبس الوحي ، و تمازجت في نفسه روافد الفيض و الإشراق ، تلك هي بداية حياة السبط الحسين ، أعظم بها من بداية صنعتها يد محمد و علي وفاطمة (صلى الله عليهم أجمعين) ، و أعظم به من وليد ، غذاه فيض محمد (صلى الله عليه و آله) و روي نفسه إيمان علي (عليه السلام) ، و صاغ روحه حنو فاطمة (عليها السلام) ، و هكذا كانت بواكير العظمة تجد طريقها إلى حياة الوليد الطاهر ، و هكذا ترتسم درب الخلود في حياة السبط الحسين .

فكانت حياته (عليه السلام) زاخرة بالفيض و العطاء ، و كانت حياته شعلة فرشت النور في درب الحياة ، و شحنة غرست الدفق في قلب الوجود .