رمز الخبر: ۹۵۲۲
تأريخ النشر: 13:52 - 15 January 2009
قاسم سلطان

غزة أزمة الإنسانية كلها

إن عواقب الصمت أكثر خطورة من أسبابه، وهذا ما ينطبق على واقعنا العربي، والصمت الذي أقصده لا تكسره بيانات التنديد والاستنكار، لأنها لم ولن تحقق شيئاً، فعام يذهب وعام يأتي وأعوام العرب كلها نكبات منذ ۴۸ وحتى ،۲۰۰۹ والفلسطينيون يعيشون نكبة تلو النكبة، والعرب صامتون ويشاهدون ما يحصل لهم وكأنهم يتابعون أفلاماً سينمائية، دون أي تحرك أو ضغط إيجابي، اللهم إلا مظاهرات استنكار هنا واحتجاجات هناك، ومن ثم الكل يذهب إلى منزله ليرتاح، والفلسطينيون يُذبحون كالأغنام والمأساة مستمرة.

أقول لأهلنا في غزة إن الله معكم، وللشعب الفلسطيني لا تعتمدوا كثيراً على العرب لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فلم تعد لنا عزة ولا كرامة حتى للتحرك من أجلكم، أما الشهامة العربية، فلم نعد نعرف لها معنى إلا ما ندر، بل أصبحنا نقرأها في بطون الكتب التاريخية فقط، هذا إن كنا نقرأ!

فبسبب سكوتنا وصمتنا ينظر إلينا العالم ليس كشعوب متخلفة فحسب، بل كشعوب تعيش على هامش الحياة. فكيف نمد لكم يد العون والمساعدة؟ لقد اعتمدتم على العرب سنوات وسنوات فماذا جنيتم؟ احتُلت أراضيكم أكثر وأكثر، وتركوكم تواجهون مصيركم لوحدكم دون مأوى أو سند. ترككم العرب للإسرائيليين، لأنهم مشغولون بأمور أخرى يبدو أنها أهم من قضيتكم.

أما الشعوب العربية فمتى كان لها دور إيجابي أو حتى سلبي في أوطانها حتى تقدم لكم الدعم والمساندة؟ ومتى كان لها رأي في تشكيل حكومة حتى تحاسبها أو تضغط عليها أو حتى تطالبها بدعمكم؟

بالعكس الإسرائيليون هم الذين يتلاعبون بأرواح ودم الأبرياء في غزة من أجل كسب رضا الناخب الإسرائيلي، فكل حزب يريد الوصول إلى الحكم على حساب الشعب الفلسطيني، وهم يعلنون ذلك بكل وقاحة.

فيا أهل غزة لا تنتظروا من العرب خيراً كثيراً فما عليكم إلا متابعة المقاومة حتى النصر بإذن الله.فها هي شعوب العالم العربي والإسلامي والغربي تحركت من أستراليا إلى أميركا لمناصرتكم والتنديد بالعدوان الإسرائيلي الغاشم، وهذا يحدث لأول مرة بهذه القوة.تحركت شعوب القارات الخمس من أجلكم، ولم يكن ليتم ذلك لولا تضحياتكم ودماء شهدائكم.

ولأول مرة تحتل أخبار غزة جميع الفضائيات العالمية والعربية، واجتهدت بعضها في تقديم تغطية شاملة على مدار الساعة لما يحصل من عدوان على غزة، وبذل مراسلوها جهداً لإيصال صورة الكارثة اللاإنسانية بكل المقاييس، وهناك فضائيات تعطي الفرصة لمحللين ينطقون باللغة العربية وهم بعيدون كل البعد عن العروبة، لكنها تسكت كل من يتهم بعض الحكومات بالمسؤولية، فاذا لم تكن بعض الحكومات مسؤولة عمّا يجري في غزة، فمن المسؤول؟ هل هو الشعب المغلوب على أمره؟ وإذا لم تنتقد تلك، الحكومات فننتقد من؟

وهل عندما تنتقد حكومة جورج بوش يقلل ذلك من دور الشعب الأميركي؟ فالذنب ذنب الحكومات فهي التي من المفروض أنها تتكلم باسم الشعب، وتتخذ القرارات لصالحه، وتضغط أو تحارب من أجل مصالحها، أما إسكات الأصوات فلا وجود له إلا في الدول العربية.

لذا فالحكومات تتحمل مسؤولية ما يجري في غزة، وهي تعرف أن احتلال إسرائيل للضفة والقطاع هم السبب فيه. وبدلاً من إلقاء اللوم على أهل القطاع لمقاومتهم الاحتلال الذي حاصرهم ومستمر في تدميرهم، عليهم على الأقل إن لم يكونوا قادرين على الحرب ضد إسرائيل، أن يقولوا لها بصوت واحد اخرجي من الأراضي المحتلة، وهذا أضعف الإيمان.
أهذا واجبهم أم واجب بعض الحكومات الأوروبية التي يتحرك مسؤولوها في كل جانب لمحاولة وقف العدوان.

لكن رغم كل ذلك فالنصر قادم يا فلسطين، وعليكم ألا تيأسوا أو تستسلموا يا أهل غزة. فبعزيمتكم وصمودكم، وإصراركم وتضحياتكم ستنتصرون.

وبوقوف رجال يؤمنون بقضيتكم، ويدافعون عن حقوقكم ويتحركون من أجل نصرتكم في كل مكان أمثال (جورج غالاوي) ستنتصرون.. وبوجود دولة إسلامية كتركيا بموقف رئيس وزرائها ستنتصرون.. وبموقف شجاع ونبيل كموقف رئيس فنزويلا ستنتصرون.. وباستمرار صحوة الشارع العربي ستنتصرون.. فالنصر قادم بإذن الله.
البيان - الامارت