رمز الخبر: ۹۶۲۲
تأريخ النشر: 09:26 - 19 January 2009
فان الكيان الصهيوني الذي دخل ساحة المعركة وهو يحلم بتدمير حماس خلال ثلاثة ايام اصبح بعد 22 يوما من هجومه الوحشي واخفاقاته وهزائمه ، يستجدي وقف اطلاق النار فيما امتنعت حماس عن قبول وقف دائم لاطلاق النار وشددت على ضرورة المقاومة حتى تحرير كامل فلسطين.
 
حسین شریعتمداری - مساء يوم الجمعة 27 ديسمبر 2008 وعندما استقر الجنرال "ايدو نهوشتان" آمر سلاح الجو الاسرائيلي في مقصورة الطائرة "اف-16" وبدأ العمليات الجوية الاسرائيلية ضد اهالي غزل العزل فانه ليس الجنرال ايدو نهوشتان وسائر الطيارين الذين واكبوه في هذه الحملة الهمجية والغادرة فحسب بل ايا من قادة كيان اسرائيل القاتل للاطفال لم يكونوا يتصوروا بان ما يسمى العمليات العسكرية! هذه ستطول اكثر من ثلاثة ايام لان :

أ‌- قطاع غزة البالغة مساحته 350 كيلومترا كان خاضعا للحصار لمدة 18 شهرا متتالية من قبل اسرائيل والحكومة المصرية وان استشهاد اهاليه المظلومين من جراء انعدام الغذاء والدواء سمعها الناس في كل مكان.

ب‌- وخلال اعوام متتالية وخاصة منذ عام 2005 فصاعدا كان جهاز استخبارات وامن الكيان الصهيوني يراقب هذه المنطقة الصغيرة المساحة والفاقدة للتضاريس الجغرافية الطبيعية وكما زعم الجنرال اليعازر ان تحرك اي كائن حي لم يكن خارج نطاق رصد ومراقبة اجهزة الاستخبارات والتجهيزات المتطورة الاسرائيلية وكان هذا الكيان يملك بنكا معلوماتيا كاملا عن القطاع.

ج - وحسب قول غابي اشكنازي رئيس اركان الجيش الاسرائيلي والذي يعد احد ابرز القادة العسكريين لهذا الجيش المتوحش والقاتل للاطفال، فان قوات الجيش الصهيوني شاركت في الفترة الزمنية منذ حرب ال33 يوما – صيف عام 2006 – والى فترة الهجوم على غزة في عدة مناورات وازالوا ضعف حرب ال33 يوما وتلقوا تدريبات معقدة.

د- في الهجوم على غزة وعلى النقيض من الهجوم على لبنان فان الجنرالات الاسرائيليين المتمرسين تولوا قيادة العمليات. فايهود باراك وزيرا للحرب وغابي اشكنازي رئيسا للاركان والقائد العام للجيش. وكانت تسبي ليفني الجاسوسة الاسرائيلية سيئة الصيت ووزيرة الخارجية الاسرائيلية قالت – بسخرية- ان ايهود باراك لا يضع النظارات على عينيه وعليها الغطاء الواقي للعدسات مثلما فعل عامير بيريز وزير الحرب الاسرائيلي في حرب ال33 يوما – وهي اشارة مثيرة للسخرية الى الصورة المضحكة التي بثتها وكالات الانباء عن عامير بيريز اثناء تفقده للمنطقة الحربية في لبنان- واكدت بانه احد اكثر الجنرالات الاسرائيليين تمرسا!

ه- وكان الكيان الصهيوني وقبل هجومه الوحشي على اهالي غزة المظلومين قد وضع قادة مصر والاردن والسعودية في صورة الهجوم واهدافه وليس حصل على موافقتهم فحسب بل كما اعلن اولمرت – الامر الذي لم ينفيه اي من قادة هذه البلدان الثلاثة العملاء - فقد اصر قادة هذه الدول الثلاث على ضرورة قمع اهالي غزة وربما لا يمكن تصديقه لكن هو الحقيقة بعينها من ان الملك عبد الله السعودي وحسني مبارك اعتبرا ان السبيل لاركاع حماس هو ابادة الناس العاديين في غزة! كما ان حسني مبارك وبالتنسيق مع الملك عبد الله السعودي وبتوصية – اقرأ بامر – من شمعون بيريز وبوش لم يفتح معبر رفح حتى لمرور اطفال ونساء غزة.
و- ...

ونظرا الى الظروف المذكورة فان قادة الكيان الصهيوني كان لهم الحق! بان يعتبروا انفسهم قبل بدء العدوان الغادر على اهالي غزة العزل بانهم المنتصرون في هذا الجهوم الهمجي وان يحددوا الفترة الزمنية اللازمة للقضاء على حماس بالكامل وتسليم غزة الى محمود عباس خلال ثلاثة ايام! وفي اليوم الثاني من الهجوم قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في مؤتمر صحفي "تخلوا عن الحديث عن وقف اطلاق النار الى ان يتم القضاء على حماس بالكامل ونقل السلطة الى محمود عباس"!

الا انه كانت المقاومة البطولية والصمود الرائع لحماس واهالي غزة ، فقد اربكت هذه المقاومة واسرع من المتوقع بكثير ، حسابات هذا الكيان الوحشي وقاتل الاطفال وحولت احلام الصهاينة وحماتهم العرب والاميركيين الى كابوس مروع. وبعد تسعة ايام من القصف واطلاق الصواريخ وابادة النسل في غزة المظلومة لم نشهد اي علامة على استسلامها فحسب بل ان ثورة الراي العام العالمي ضد الكيان الصهيوني وقادته المجرمين حولتهم الى اكثر الكائنات على الارض كراهية. وهنا وعندما شاهد الصهاينة بان حلمهم بتحقيق الانتصار خلال ثلاثة ايام قد تبدد بداوا هجومهم البري بمشاركة عدة الوية مدرعة وثلاثة فرق. وتحركت خلال هذا الهجوم اكثر من 600 دبابة على المساحة والمزارع الصغيرة في اطراف غزة وفي الوقت ذاته استمر القصف الجوي وقصف غزة بالصواريخ .

واما النتيجة؟! فان الكيان الصهيوني الذي دخل ساحة المعركة وهو يحلم بتدمير حماس خلال ثلاثة ايام اصبح بعد 22 يوما من هجومه الوحشي واخفاقاته وهزائمه ، يستجدي وقف اطلاق النار فيما امتنعت حماس عن قبول وقف دائم لاطلاق النار وشددت على ضرورة المقاومة حتى تحرير كامل فلسطين.

ان الصهاينة وتزامنا مع الشعور بالهزيمة ومن اجل التغطية على هذه الفضيحة الكبرى اخذوا يتراجعون بشكل متدرج عن اهدافهم التي اعلنوها سابقا بشكل رسمي . ان اسرائيل التي اعلنت منذ البداية ان هدف هذا الهجوم الوحشي هو امحاء حماس بالكامل وتسليم غزة الى محمود عباس – شبه المسلم واسرائيلي الفطرة – اعلنت بعد ايام من الهجوم وفي ظل اول علائم الهزيمة والفشل بان الهدف من الهجوم على غزة هو الحد من اطلاق حماس للصواريخ وتوفير الامن للمراكز العسكرية الاسرائيلية والمستوطنات الصهيونية ! لكن وبعد ايام وفيما جثم العسكريون الاسرائيليون في مزارع غزة وضواحي خان يونس، اصدر مجلس الامن الدولي وبامر من اميركا القرار رقم 1860 تم فيه بشكل يحفظ ماء الوجه التركيز على وقف النار وحقق لاسرائيل على الورق ما عجزت عن تحقيقه في ساحات المعركة! وتم في هذا القرار ترميم اخفاق اسرائيل في امحاء حماس من خلال الامتناع عن ذكر حماس في القرار ! اي وبدلا من القضاء على المقاومة في غزة فانهم امحوها من القرار! لكن استمرار المقاومة من جهة وعجز وانفضاح امر العسكريين الصهاينة من جهة اخرى دفع الكيان الصهيوني الى التراجع مرحلة اخرى اذ اعلنت تسبي ليفني وزيرة خارجية اسرائيل بان الهدف من مهاجمة غزة هو اضعاف حماس!! ان هذه المرحلة من التراجع لم يكن بوسعها ايضا اخفاء هزيمة اسرائيل عن انظار الجميع لان حماس كانت تواصل المقاومة لذلك فانها لم تمح من الوجود! كما ان اهالي غزة ورغم الشهداء والمصابين واصلوا دعمهم لحماس. لذلك فان مطلب اسرائيل وحسني مبارك والملك عبد الله بن عبد العزيز في عزل الشعب عن حماس وتوجههم نحو محمود عباس الاسرائيلي لم يتحقق. فكانت حماس تواصل اطلاق الصواريخ على المراكز العسكرية والمستوطنات الصهيونية ، اذن لم تتعطل قواعد ومراكز حماس لاطلاق الصواريخ. وقد اقدمت حماس على اطلاق صواريخ يبلغ مداها 50 كيلومترا، لذلك فانها لم تضعف و... .

وليل السبت اعلن الكيان المحتل للقدس الذي لم يحقق اهدافه التي تراجع عنها بشكل متدرج وقفا لاطلاق النار من جانب واحد! اي الهزيمة الحتمية في حرب ال22 يوما بعد هزيمته النكراء التي تكبدها في حرب ال33 يوما في لبنان وورقة ذهبية اخرى - رغم انها دامية – تضاف الى سجل الاسلام الحافل بالانتصار على الكفر العالمي.
 
صحیفة کیهان الایرانیة