رمز الخبر: ۹۶۵۳
تأريخ النشر: 15:08 - 19 January 2009
محمد صادق الحسيني
لا شيء في ما يسمى بالمجتمع الدولي يوحي بانه مجتمع يستحي، فالامين العام للامم المتحدة بان غي مون وهو الكوري الجنوبي التابعية كان عليه ان ينتحر لو كان لديه بعض حياء او شيء من وجدان، ذلك ان ما حصل في محرقة غزة لو كان قد حصل واحد بالمائة منه في بلاده لكان فعل ذلك !

والامين العام للمؤتمر الاسلامي كان عليه ان يهوي على وجهه في الصحاري والبراري يولول ويصرخ وامعتصماه، ولم يفعل، رغم كل الغضب العارم للشعوب الاسلامية لاسيما في بلده تركيا التي اثبت شعبها بانه لا يزال شعبا مسلما حيا رغم نظام العلمانية الذي يجثم على صدره رغما عن ارادته، والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كان عليه ان يختفي نهائيا من الشاشات بل وحتى من الذهاب الى بيته لانه لا اعرف كيف يواجه اطفاله وهم يتفرجون على اقرانهم من اطفال غزة وهم يتم شيهم في محارق متطورة تنقل صورها على الهواء مباشرة وبالالوان، وان يطالب بايوائه الى دار للعجزة في الربع الخالي ان كان بعد ثمة من هو مستعد لاستقباله في مثل هذه الدور !

اعرف ان هذا الكلام اشبه بالمشهد الكاريكاتوري او التهكمي منه الى اي شيء آخر ولكن القلم واللسان بديا وكأنهما اعجز من ان يكتبا شيئا عن غزة هاشم بعد كل الذي حصل ويحصل وحولنا حتى نحن من العاجزين في ظل وصمة العار التي لطخت جبين الانسانية في مشاهد هولوكوست العصر ومحرقة التاريخ الاشهر في التاريخ البشري على اهل غزة.

ولكن ليعلم كل من يهمه الامر في العالم بان ما بعد بعد غزة لن يكون مطلقا هو نفسه ما قبل غزة، فثمة جيل من الاطفال والكبار سيخرجون شاهرين سيوفهم على الناس وهم كافرون بكل شيء اسمه مجتمع دولي او اقليمي او اسلامي او عربي مسالم !

فالشرخ بات اكبر مما تتصورون ايها السادة المتفرجون من كل ملة وطائفة او مذهب اودين بينكم انتم وبين من سيخرج او يتبقى سالما من مذبحة ومحرقة غزة !
والهوة لن تردم باي مشروع اعمار او صندوق مساعدة او اعادة تأهيل او اي عمل 'انساني' تقومون به وتظنون انكم ستقدمونه تعويضا عن تقصيركم تجاه الحرب المجنونة على غزة !

انه العار ياعرب انه العار يا مسلمون انه العار يا من تسمون انفسكم بالمجتمع الحر التقدمي والذين تزعمون بانكم المعيار والمقياس للسلوك البشري المرتجى !
لقد سقطتم جميعا في بحر دماء غزة، سقطتم في كل امتحانات الاخلاق ولا مكان ولا موقع لكم بعد غزة سوى المنافي والصحارى والبراري لتهيموا على وجوهكم.

عالم ما قبل غزة اذن اصبح في مهب الرياح العاتية التي تنتظره على يد من نجا من غزة ولن يسكت الا بعد الانتقام لقتلة الابرياء والمقاومين الشرعيين عن الانسانية انطلاقا من غزة !
صدقوني ستكتشفون العجب العجب، وستواجهون ظاهرات ستكون امامها ظاهرة ما تسمونها اليوم بالارهاب وتكافحونها في كل ساح ليست سوى نزهة، نعم مجرد نزهة امام ما ينتظر عالم ما بعد غزة !

كل التشكيلات والتنظيمات والاسس التي قام عليها عالم ما قبل غزة لن يكون صالحا لمواجهة ما ينتظركم وينتظرنا جميعا في تجاعيد وتضاريس ما بعد غزة !
لا امم متحدة ولا مؤتمر اسلاميا ولا جامعة عربية ولا قممكم جميعا التي تعقد الآن او ستعقد فيما بعد سيكون لها اي اثر او تكون دواء ناجعا لمسح دموع ما بعد غزة ناهيك عن غضب ما بعد غزة العارم والعارم جدا !

لن يستوعب اي شكل من اشكال التنظيمات الدولية بعد اليوم تنظيم عالم ما بعد غزة، وما لم تغيروه بايديكم فان احدا ما او حدثا ما مدويا سيجبركم على تغيير عالمكم الذي اليه تستكينون وفي كامل الدعة فيه مسترخون !
وعليه نقول الحذر الحذر مما ينتظرنا وينتظركم في ما بعد بعد غزة !

ليس المقصود هنا تهديد احد ولا ترهيب احد ولا تضخيم حدث متوقع، ولكن صدقوني انه التعبير والوصف المخفف لما ينتظرنا وينتظركم بعد ان قصرنا وقصرتم ان لم نكن لطخنا ولطختم ايدينا وايديكم بمذبحة غزة، سواء فعلنا ذلك عن قصد او دون قصد!
فاستعدوا يا سادتي اذن لعالم ما بعد بعد غزة، ويوم الحساب الدنيوي اليوم عسير فما بالك بيوم الحساب الاخير، حساب الآخرة الاشد ايلاما والاكثر وجعا!

لكن من جهة اخرى وكما يقول الحديث الشريف : بقية السيف انمى عددا واكثر ولدا !
فها هي دول العالم العربي بدأت تغير مواقفها انطلاقا من الحدث الابرز في الساعات الاخيرة التي تسبق اعلان هزيمة اسرائيل وانتصار حماس والمقاومة.

ففي قمة غزة التي انعقدت في الدوحة اعلن القسم الاكبر من العالم العربي اعلانا تبنى فيه مطالب المقاومة الفلسطينية المرابطة في غزة بما فيها تجميد العلاقات والتطبيع مع الدولة العبرية ما يعني نشوء معسكر جديد متضامن مع خيار المقاومة عمليا امام معسكر ما عرف بدول الاعتدال التي اراد من خلال الاصرار على الاكتفاء بقمة الكويت الاقتصادية الابقاء على مبادرة السلام العربية موحيا بذلك مجددا الى انه لا يزال يعتبر اي عمل عسكري ضد اسرائيل على طريقة المقاومة بانه مغامرة تماما كما فعلوا مع مقاومة لبنان في العام 2006 م.

وما حدث في الدوحة قد يكون اشارة خطيرة على وجـود وهن شديد وتفكك في المنظومة الدولية وتاليا في المعـادلات التي تنظم العلاقات الدولية ما قد يعني انفلاتا محتملا لكل منظومة العمل الدولي التي تمسك بتلابيب المنظمات الدولية العابثة بالامن والاستقرار الدوليين .

لا بل ان نائب الامين العام لحزب الله اللبناني ذهب اثناء افتتاح منتدى بيروت الدولي لدعم المقاومة الى تقسيم العالم في هذه اللحظة التاريخية الى معسكرين معسكر داعم لاسرائل وامريكا وآخر داعم للمقاومة ولم تعد هناك منطقة رمادية في العالم!

دمتم سادتي جميعا سالمين لما بعد بعد غزة وحساب الآخرة اشد واكثر وجعا ان كنتم تعلمون!

القدس العربی