رمز الخبر: ۹۶۸۷
تأريخ النشر: 12:57 - 20 January 2009
جلال عارف

بعد المذبحة.. قبل أوباما

عصر ایران - اقتربت الساعة المنتظرة من البشرية جمعاء، ولم يبق إلا يومان ويخرج أسوأ من حكم أميركا من البيت الأبيض ويداه ملطختان بدم مليون عربي ومسلم.


يخرج لينتظر العدل الإلهي، لأن العدل البشري عاجز عن معاملته كما يستحق باعتباره مجرم حرب ينبغي أن يعامل مثل النازيين ويقف أمام محكمة دولية ليحاكم (هو وشركاؤه في الإدارة الاميركية الراحلة) على ما اقترف من جرائم ضد الإنسانية طوال ثماني سنوات قضاها في الحكم، وأبى إلا أن يكون ختامها هو هذا العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني في غزة، والذي سيظل الدور الأميركي فيه عاراً يلطخ وجه أميركا!

اقتربت الساعة المنتظرة، وسيأتي أوباما إلى حكم أميركا، ومعه الكثير من الآمال من الشعب الأميركي ومن الرأي العالم العالمي. ومع إدراكنا بثبات موقف الانحياز الأميركي لإسرائيل والذي وجد آخر تجلياته بشبه الإجماع في الكونغرس الأميركي قبل أيام على قرار بالتأييد التام لإسرائيل في حربها على الشعب الفلسطيني باعتبارها حرباً على الإرهاب (!!) دون التفات او إشارة إلى مئات الأطفال الفلسطينيين الأبرياء الذين راحوا ضحايا العدوان القذر باستخدام القنابل الفوسفورية والعنقودية الأميركية المحرمة دولياً.

رغم إدراكنا لهذه الحقيقة التي ستظل تحكم السياسة الأميركية لسنوات طويلة، إلا أن (الانحياز) شيء، و(المشاركة) في الجريمة ضد شعبنا العربي في غزة شيء آخر ! و(التأييد) لإسرائيل شيء، و (استباحة) الدم العربي في فلسطين بعد العراق شيء آخر، واعتبار إسرائيل (حليفا) رئيسياً شيء واعتبار العرب جميعا هدفاً مشروعاً للقتل والإبادة بحجة أنهم مدانون سلفاً ب(الإرهاب) لمجرد أنهم عرب شيء آخر!

نحن أمام إدارة أميركية ستواصل بالطبع (الانحياز) لإسرائيل، ولكنها! فيما نرجو! تختلف عن إدارة بوش الراحلة في أمرين: أنها تنطلق في سياستها من منطلق (براجماتي) بعيداً عن الهوس الديني والجموح الأيديولوجي الذي حكم الإدارة السابقة، وأنها ثانيا: لن ترهن القرار الأميركي بكامله في قضايا المنطقة لإسرائيل حتى ولو كان ذلك ضد المصلحة الأميركية نفسها!

وقبل الأحداث الأخيرة كانت التوقعات تشير إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي لن تكون له الأولوية في السياسة الخارجية لإدارة أوباما. لكن بعد المذبحة التي قامت بها إسرائيل في غزة لن تجد إدارة أوباما مفراً من التعامل مع هذا الملف الملتهب منذ اليوم الأول لولايته.
وسوف يساعده على ذلك أن معه عناصر عديدة من الطاقم الذي تعامل مع الملف أثناء حكم الرئيس الأسبق كلينتون، وأن وزيرة الخارجية الجديدة كانت قريبة من هذا الملف من موقعها كسيدة أولى، وأن الخطة التي توصل إليها كلينتون في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض ورفضها عرفات بها عناصر عديدة يمكن البناء عليها.

إدارة أوباما قادمة للمنطقة على وقع حريق مشتعل ومذبحة تعلم أن الإدارة السابقة تتحمل جزءاً من المسؤولية عنها. وإسرائيل بالطبع - مستعدة بترسيخ وقائع جديدة على الأرض، وبمحاولة دفع الإدارة الجديدة للتعامل مع القضية باعتبارها قضية إرهاب ومعابر، وليست قضية احتلال ينبغي أن ينتهي، ودولة فلسطينية ينبغي أن تقوم، وحقوق مشروعة ينبغي أن تعود لأصحابها.

في مواجهة ذلك تبدو الصورة على الجانب الفلسطيني والعربي شديدة البؤس، وتبدو الحاجة إلى تجاوز الواقع المأساوي بما فيه من خلافات وانقسامات ضرورة حياة أو موت.. لأن الخطر يتجاوز محاولة تصفية القضية الفلسطينية إلى إغراق الوطن العربي كله في جحيم الفوضى، إذا لم نأخذ العبرة مما حدث في غزة، وإذا لم يكن الرد الأساس هو إنهاء الانقسام الفلسطيني والعربي، لنواجه التحديات الصعبة برؤية تستند إلى عناصر أساسية:

- استعادة الوحدة الوطنية على قاعدة مشروعية المقاومة بكل أشكالها وبقيادة موحدة تقود المقاومة والتفاوض معا.

- استعادة محور (القاهرة - الرياض - دمشق) فعاليته وفق برنامج عمل موحد يفرق بين التناقضات الأساسية والثانوية، ويستفيد من كل الإمكانيات العربية لمواجهة العدو الإسرائيلي وتحقيق الأمن القومي العربي.

- وضع مهلة للتعامل مع المبادرة العربية بايجابية والتوصل إلى مقترحات حقيقية للتسوية تتبناها أميركا دون إغراق العرب في دوامة التفاوض، على أن يتم خلال ذلك إيقاف عمليات الاستيطان وبناء الجدار.

- استثمار هذه المهلة في التحرك بين الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز والدول الإفريقية لاستعادة موقفها المؤيد للحق العربي. ولتكون مستعدة لترجمة هذا الموقف في خطوات عملية تجاه إسرائيل إذا انتهت المهلة دون نتائج ايجابية، وقامت الدول العربية رداً على ذلك بتجميد المبادرة وقطع العلاقات مع إسرائيل ووضع الولايات المتحدة والدول الكبرى وأوربا أمام مسؤوليتها.

وبدون ذلك لن يأخذنا أحد على محمل الجد، ولن يتحدث أحد معنا إلا باعتبارنا مشروع إرهابيين أو مشروع هنود حمر!
البيان - الامارات