رمز الخبر: ۹۶۸۹
تأريخ النشر: 13:05 - 20 January 2009
ضياء الدين احتشام

عصر ايران، ضياء الدين احتشام – ان العديد يتصور بان الرابح من توتر العلاقات بين ايران واميرك هو الدول العربية في المنطقة لان لقب شرطي المنطقة الذي كان لطهران ابان نظام الشاه البائد قد وصل الى السعودية ولذلك فان السلاح المتطور الذي كان يتدفق في الامس من الغرب علي ايران اصبح يتوجه اليوم نحو السعودية وتحول هذا البلد في فترة قصيرة الى مستودع كبير للاسلحة والعتاد.

ومثال اخر، ان العقوبات الاقتصادية على ايران ادت الى ان يتوجه الايرانيون نحو الامارات العربية المتحدة كقاعدة وممر اقتصادي للالتفاف على الحصار الاقتصادي التي تفرضه اميركا على ايران وتحولت الامارات الصغيرة الى بوابة اقتصاد ايران الكبيرة ولعبت دورا في الصادرات وكذلك الواردات الايرانية وجنت عن هذا الطريق ارباحا طائلة.

ومن هذا المنطلق فان بعض الدول العربية مازالت تدعم استمرار تدهور العلاقات بين طهران وواشنطن وهي متخوفة من ان يفي الرئيس الاميركي بوعوده ويفتح باب الحوار والتفاهم مع ايران ولذلك فانها ليست غير راغبة في الاخلال في هذه العملية.

لكن الحقيقة ابعد بكثير من التكتيكات السياسية العادية.

والحقيقة هي :

1- ان قطع العلاقات بين ايران واميركا ليس ابديا وان طهران وواشنطن سيفتتحان سفارتيهما في البلد الاخر عاجلا أم اجلا وقد يتم تطبيع العلاقات في فترة زمنية محددة.

وفي ظل هكذا وضع فان الدول التي اظهرت عداءها لايران بوصفها قوة اقليمية في عهد توتر العلاقات بين ايران واميركا فانها لن تكون قادرة كما في الوقت الحاضر على ان تصول وتجول في الساحة وان تعتبر انها تملك القدرة على المناورة.

2- ان معنى تحسن العلاقات بين ايران واميركا يتجسد في استتباب السلام والاستقرار في المنطقة. ان الدول العربية الرئيسية في المنطقة تخطو الان نحو تحقيق التنمية الاقتصادية وهي من الناحية الاجتماعية والسياسية ونظرا الى سكانها الشباب بحاجة ماسة واستراتيجية الى الاستقرار وتجاوزر النار تحت الرماد هذه.

لذلك ومن خلال نظرة بعيدة الامد نجد ان التنمية المستديمة في الشرق الاوسط لن تتحقق الا من خلال ارساء الاستقرار في المرحلة الحالية وهذا الاستقرار لن يتاتى الا عن طريق الاستقرار في البحر المتلاطم للعلاقات بين القوتين الكبريين الاقليمية والعالمية البحر الذي تغطي امواجه جميع شواطئه وسفنه.

وبلا ريب فان شرق اوسط مستقرا يمر بتجربة احلال سلام مستديم بوسعه تحويل عاصمة "الطاقة في العالم" الى احد اكثر مناطق العالم المعاصر تقدما وان هذا الشئ سيكون طبعا لصالح الجميع وقبل كل شئ لصالح سكان الشرق الاوسط انفسهم.




3- اذا عبرت العلاقات بين ايران واميركا مرحلة التوتر السياسي وانتهت الى معركة عسكرية فان نيران هذه الحرب المحتملة لن تبقى محصورة داخل الحدود الايرانية بل سيطال دخانها ووقودها ولهيبها المنطقة.

وفي هكذا حالة ، قد يتضرر الاقتصاد الايراني الا ان اقتصاديات المنطقة التي تعتمد اكثر من ايران علي الخارج ستضرر هي الاخرى وكل ما بنوه خلال السنوات الماضية سيحترق بطرفة عين في نار الحرب.

ومن هذا المنطلق فان من مصلحة الدول العربية وايران واميركا بان تتحرك منطقة الشرق الاوسط بخطى ثابتة نحو السلام والاستقرار وكما اشرنا سلفا فان هذا الامر سيتحقق في ظل تحسن العلاقات بين ايران واميركا ولذلك فان من اكثر الخيارات حكمة لقادة دول المنطقة هو انهم ان لم يبذلوا جهدا لتحسين هذه العلاقات فعليهم الا يضعوا العصي في الدواليب في هذا المجال والا يقذفوا الحجارة، لان هذه الحجارة سترتد عليهم الشئ الذي لا يستسغيه اي جار لجاره.