رمز الخبر: ۹۸۸۹
تأريخ النشر: 16:10 - 26 January 2009

انتظار (الإحسان) السياسي

عصر ايران - ليس في العلاقات الدولية عمل خيري، وإنما سعي متواصل لتحقيق وتعزيز المصالح. أمر بديهي نردده باستمرار، لكنه لا يحفر لنفسه مكاناً في عموم السلوك أو الحديث العربي. ولعل أكثر الأمثلة تعبيراً عن هذه الحقيقة انتظارنا الدائم للقادم إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، كأن الجالس في البيت الأبيض يملك عصاً سحرية يستطيع بها أن يغيّر الأحوال حيث يشاء ومتى يشاء.

كان هذا السلوك وذاك الحديث واضحين على مدى سنوات طويلة، وقد برزا بشكل جليّ خلال عهد الإدارة الراحلة، حيث كان الكثير ينتظر مغادرتها لموقعها حتى تتحسن الحظوظ العربية. وغاب عن الكثير أن تجربة الرئيس الأميركي السابق كانت إخفاقاً كبيراً في معظم الجبهات التي خاض فيها معاركه السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولم يكن ذلك نتيجة أخطائه فحسب، وإنما أيضاً، وبشكل جوهري، لأن الكثير من البلدان والشعوب رفضت سياساته، وتحدت إملاءاته. وبرز ذلك واضحاً في سياساته في المنطقة العربية وفي آسيا وفي أميركا اللاتينية وفي أوروبا.

ومنذ انتخب الرئيس الجديد باراك أوباما والكثير من الآمال تعقد على سياساته (الجديدة). ولو سلمنا جدلاً أن هذا الرئيس يتعاطف في صميم قلبه مع القضايا العربية، فكيف به يتحدى المؤسسات الأميركية، والقواعد السياسية في التعامل مع منطقتنا التي بنيت خلال العقود الماضية إذا كانت مواقفنا سلبية ومنتظرة الخير أن يأتي منه، من دون أن تفعل شيئاً يساعده على ترجمة ما يختبئ في ضميره؟

إذا ترك الرئيس الأميركي لكي يخطط للمنطقة، من دون أن تصله منها إشارات قوية على ما تريده، فهو لا ريب سيكون ميالاً لأن يرضي أولئك الذين يضغطون عليه بقوة من أجل أن تكون مواقفهم معتمدة في سياساته. ومهما كانت عواطف الرئيس، ينبغي لنا أن ندرك جيداً أنه محاط بكادر عمل في عهد بيل كلينتون ومعروف بتعاطفه مع الكيان الصهيوني، وسيعمل لا ريب على أن تكون المواقف الأميركية منسجمة مع مصالح (إسرائيل)، وتصوير تلك المواقف على أنها الأفضل للمصالح الأميركية. وقد أظهرت الإشارات الأولية ليس من خلال التعيينات فحسب، وإنما أيضاً من التغير الذي بدأ يرشح من التصريحات الجديدة لهذه الإدارة، مسافة واضحة بين ما كان يصدر من تصريحات خلال الحملة الانتخابية وبين ما صرنا نسمعه ونقرأه من مواقف جديدة.

ولن تكون المناشدات الإنسانية والعاطفية كافية لحصول البلدان العربية على إصغاء الإدارة الأميركية لها، فهي كغيرها من الحكومات الأخرى تصغي لتلك الإشارات القوية المتصلة بمصالحها. وعلى الرغم من أن هذه الحقيقة مدركة لدى البلدان العربية، لكن المعضلة تكمن في كيفية بلورتها بسبب الخلافات العربية. فهل يمكن لنا أن نطور تلك الومضة التي أضاءت في مؤتمر القمة حتى نتمكن من حماية وجودنا، ناهيك عن قضايانا ومصالحنا؟
الخليج - الامارات