رمز الخبر: ۱۰۰۴۸
تأريخ النشر: 14:28 - 31 January 2009
خميس التوبي

ازدواجية ظالمة

عصر ایران - بدأ الكيان الصهيوني حملة دبلوماسية مضادة بهدف تجنيب قادته مجرمي الحرب السياسيين والعسكريين من الملاحقات الجنائية والقانونية على خلفية ما ارتكبوه من جرائم حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.. فهل هذا التحرك ناشئ عن عدم انتباه إلى إمكان أن تصل الأمور إلى ذلك، وبالتالي فإن العدوان على غزة مغامرة غير محسوبة؟

الكيان الصهيوني ظل يحضر ويعد العدة لهذا العدوان لمدة تنوف على السنة، ونظم حملة دبلوماسية غير مسبوقة مع سفراء ورؤساء دول صديقة وحليفة له، عبر تنظيم زيارات منظمة في القرى والبلدات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة ووضعهم في صورة ما يزعم بأنها تتعرض باستمرار لرشقات من الصواريخ الفلسطينية المنطلقة من القطاع، وذلك بهدف إعداد وتهيئة الرأي العام الدولي لتقبل ما هو بصدده من شن عدوان واسع ضد غزة بحجة إيقاف الصواريخ والقضاء على المقاومة الفلسطينية التي تقف وراء إطلاق تلك الصواريخ، بالإضافة إلى قيام الكيان الصهيوني بتجيير الإعلام الإسرائيلي والأجنبي الممالئ له ليقود حملة تزييف الوعي وتغييب الوقائع، وإظهار قطعان المستوطنين في المستوطنات الجاثمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنهم حملان معرضة حياتها للموت بسبب الصواريخ، وبالتالي حرف الأنظار عما هو أشد إيلامًا وظلمًا على الفلسطينيين، ألا وهو الحصار الخانق والاحتلال، ومحاولة تصوير الرد الفلسطيني الهادف إلى دفع الموت والابتعاد عن التهلكة على أنه إرهاب يستوجب لجمه وإيقافه.

على أي حال حتى لو كان هناك سوء تقدير من قبل مجرمي الحرب الإسرائيليين إزاء جرائمهم في غزة، فإن المؤسسات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة التي تعرضت المقرات التابعة لها في القطاع لعدوان غاشم ومتعمد وقتل للفلسطينيين العزل الذين تقوم بخدمتهم المنظمة الدولية وحرق مخازن الغذاء، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية التي قدمت إليها طلبات بأن تمارس دورها وإخضاع قادة الحرب الإسرائيليين للمحاكمة، تظل على المحك فهي مطالبة بالاضطلاع بمسؤولياتها المناطة بها، وأي تملص من جانبها أو تخاذل إنما يعزز تلك النظرة المتشكلة حول مصداقيتها ونزاهتها بأنها سيف مسلط على رقاب الضعفاء والبؤساء في العالم، وتلوح به القوى الكبرى في وجه من يعارض سياساتها وأطماعها.

إن ما يجب أن تنتبه إليه هذه المؤسسات الدولية أن لا فرق بين حقوق إنسان وآخر في الكرة الأرضية، فالإنسان في إقليم دارفور والذي تدعي الانتصار لحقوقه والشعور بوخز الضمير تجاهه، هو ذاته الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي يتبلد ضميرها نحوه وتقف على مسافة بعيدة جدًّا من حقوقه، فهي أقامت الدنيا ولم تقعدها ضد الرئيس السوداني عمر البشير، متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب وانتهاك لحقوق الإنسان في دارفور، بينما ترص الصفوف لإحكام القبضة الإسرائيلية الخانقة لأعناق الشعب الفلسطيني، ولذلك القرار الذي اتخذه الحزب الحاكم في السودان بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية خطوة جيدة لمواجهة هذه الازدواجية الظالمة.
الوطن - عمان