رمز الخبر: ۱۰۳۴۷
تأريخ النشر: 13:58 - 09 February 2009
الدكتور كيهان برزكر

عصر ايران ، الدكتور كيهان برزكر– ان القيمة الاستراتيجية للحوار مع اميركا في الوضع الحالي في الحد من ماسسة الدور الامريكي في المنطقة و "اعادة تعريف دور ايران" في محيطها الحيوي الامني لاسيما في منطقة الخليج الفارسي ، قد اتضحت اكثر فاكثر.

ان منطقة الشرق الاوسط وبعد ازمات افغانستان والعراق ولبنان وحديثا غزة اخذة بالتحول الى نظام سياسي – امني جديد واعادة تعريف دور اللاعبين الاقليميين واللاعبين من خارج المنطقة. وفي هذا الخضم فان ايران واميركا تعتبران القوى الرئيسية وصاحبة الاثر في فترة "تثبيت الادوار الجديدة"، لذلك فان اي تعاون ايراني لتسوية الازمات الاقليمية واحلال الاستقرار يجب ان يتم بهدف المساعدة على اخراج القوات الامريكية من المنطقة، والحد من ماسسة الدور الامريكي واعادة تعريف الدور السياسي – الامني لايران في هذه المرحلة الانتقالية.

ان الرؤية السائدة لدى النخبة الحاكمة في ايران تتمثل في ان اي حوار مباشر مع اميركا في "ظروف غير متكافئة" سيعود بالضرر على الامن والمصالح القومية الايرانية وان ايران ستكون في النهاية الخاسر في هذا الميدان. كما ان القيمة الاستراتيجية والقوة الكبيرة للاضطلاع بدور وشرعية دور ايران على صعيد المنطقة ولدى الاحزاب والمجموعات السياسية والدول الصديقة نابعة من الاضطلاع بدور مستقل وعدم اجراء الحوار المباشر مع اميركا.

ويجب القول ان الدور الايراني الفاعل في ازمتي العراق ولبنان يمثل نموذجا بارزا في هذا الخصوص. ومن هذه الرؤية فان من مصلحة ايران ان تسوي قضاياها مع اميركا بصورة غير مباشرة.

ان ايران ومن خلال الافادة من السياسة النشطة والتواجد الفاعل في القضايا الاقليمية بما فيها قضايا افغانستان والعراق ولبنان وغزة توصلت لاول مرة في تاريخها السياسي المعاصر الى نوع من "التوازن الاسترايتيجي" من حيث الاضطلاع "بدور متكافئ" في مقابل قوة سلطوية خارجية مثل اميركا في المنطقة. الامر الذي اتاح الفرصة لايران لتحويل قواعد اللعبة من "خسارة – فوز" (الخسارة لايران والفوز لاميركا) الى "فوز – فوز" وان تسعى لاعادة تعريف دورها في المنظومات السياسية – الامنية في المنطقة المحيطة بها لاسيما منطقة الخليج الفارسي.

ان اجراء ايران ثلاث جولات من المحادثات المباشرة مع اميركا بشان العراق تم على اساس قاعدة الفوز – فوز وفي ظل تزايد الدور الاقليمي لايران.

وفي المقابل فان تزايد الدور الاقليمي الايراني ، يؤدي بنوع ما الى ايجاد "تعارض" في العلاقات بين ايران واميركا في المنطقة. فالسياسة الخارجية الامريكية في المنطقة كانت تتركز في العقود الماضية على ايصال الدور السياسي – الامني الايراني الى حده الادنى معتمدة بذلك على التوجه التقليدي المتمثل في توازن القوى وتعزيز القوى الاقليمية المنافسة مثل العراق ابان حكم حزب البعث والسعودية واسرائيل في الوضع الحالي ، الامر الذي تريد النخبة الحاكمة والمحافظون في الغرب واسرائيل تصعيده. ويجب القول ان تاكيد هذه النخبة على مفاهيم مثل تبلور "الهلال الشيعي" بقيادة ايران او بدء منافسة كبيرة و "حرب باردة جديدة" بين ايران واميركا في ارجاء المنطقة يتم بهدف التاثير على هامش السياسة الخارجية الاميركية وكذلك جعل المنطقة في وضع تكون فيه مرغمة على انتخاب احد هاتين الحالتين اما اضطلاع ايران بدور او قيام اميركا بدور في هذا الخصوص.

ان تحليلات كهذه تؤكد على الابعاد السلبية لزيادة القوة الاقليمية الايرانية، اي ان هدفها الرئيسي التاكيد على وجود تعارض استراتيجي وقضايا مستعصية على الحل بين ايران واميركا في كافة قضايا الشرق الاوسط، بما فيها العراق وافغانستان وهو شئ خطير ومن شانه ان يصرف الطاقة السياسية – الامنية الايرانية الى مواجهة قوة كبرى من خارج المنطقة وسيكون بالتالي بضرر المصالح القومية الايرانية. ان رؤية كهذه في المنطقة لن ترحب بسياسات اوباما في ايجاد "التغيير" تجاه ايران.

وعلى النقيض من الرؤية المتشائمة السائدة في ايران فانه لا يجب التقليل من اهمية عملية "التغيير" في سياسة اوباما الخارجية تجاه ايران ، لان تغييرا كهذا لابد منه بسبب وقوع تطورات جيوسياسية جديدة في المنطقة وتزايد الدور الايراني. وانه في ظل الوضع الجديد فان مصير الصراعات الدائرة في ثلاث مناطق اقليمية هي العراق والخليج الفارسي ، افغانستان واسيا الجنوبية ، لبنان وفلسطين والشرق الادنى – التي تملك اميركا فيها مصالح حيوية – يتوقف على حل المشاكل الاستراتيجية بين ايران واميركا و "تعريف الادوار الجديدة" ، ان ادارة اوباما لا يمكنها من دون اعادة تعريف دور ايران الجديد في السياسة الخارجية الامريكية ، ان تتوقع من ايران ابداء التعاون لتسوية القضايا الاقليمية.

ان الظروف غير المستقرة في الشرق الاوسط لا تعطي لايران اي ضمانات للحفاظ على نفوذها وتواجدها الدائم واضطلاعها بدور في المنطقة. ان القيمة الاستراتيجية لايران في المنطقة ستظهر وتتبلور في الظروف التي لا يكون لاميركا فيها تواجد دائم في المنطقة. ويجب الاخذ بنظر الاعتبار بان العامل الاساسي للصراعات المستقبلية في الشرق الاوسط سيدور حول محور "تثتبت الادوار".

ان اهم قضية بين ايران واميركا في الاعوام المقبلة ستتمركز حول محور اعادة تعريف الدور الاقليمي لايران الامر الذي يحدد الموقع الاقليمي والدولي لايران في العقود المقبلة. وعلى ايران ان تستثمر هذه الفرصة الاستثنائية التاريخية في ذروة دورها الاقليمي وان تصل من خلال حل مشاكلها الاستراتيجية مع اميركا الى "الامن المستدام" وبالتالي "التنمية المستديمة". وعلى الادارة الامريكية الجديدة ان تدرك بان ايران قوية وصاحبة دور يتناسب وموقعها ومكانتها في المنطقة ، ستكون راغبة في الدخول في مفاوضات مع اميركا.

الدكتور كيهان برزكر – استاذ جامعة العلوم والابحاث