رمز الخبر: ۱۱۱۳۰
تأريخ النشر: 15:04 - 07 March 2009
نصري الصائغ

عابر للقارات

عصرایران- من نتائج الانهيار المالي العالمي أن الذي لم يشترك في بناء نظامه أو يساهم في جني الأرباح منه، أصيب به وتعرض لنتائجه، وتحوّل إما إلى خاسر من دون أن يكون لاعباً، أو إلى عاطل عن العمل من دون أن يكون موظفاً في هذه الآلة السوبر هائلة: النظام المالي العالمي، المؤلف من نهابين عابرين للقارات، وقتلة عابرين للقارات، وسماسرة عابرين للقارات، وفاسدين عابرين للقارات، وسياسيين عابرين للقارات، ومصارف عابرة للقارات، وأسهم عابرة للقارات، وشركات عابرة للقارات، وحكومات عظمى عابرة للقارات، ومنظمات للتجارة عابرة للقارات، وبنوك تمويل ونهب عابرة للقارات، ومجلس أمن عابر للقارات، وعهر عابر للقارات، وحقوق انسان مسوّسة عابرة للقارات، وفضائيات عابرة بكذبها ودجلها للقارات، وتنمية مستدامة السرقة عابرة للقارات، وجمعيات غير حكومية عابرة للقارات.


نحن، ضحايا عابري القارات، أسياد الجريمة الشرعية والمنظمة والمحمية من قبل أسياد العالم المتحضر الراقي، المتمتع بربطات عنق موقع عليها والمعطرة بأفضل أطايب شركات العطور العابرة للقارات، بروائح البارود والفوسفور والموت..

نحن، وتحديداً الذين لم يكن لنا جيوب إلا لنضع أيدينا الفارغة فيها تجنباً لصقيع الحاجة، نحن، المليارين ونصف المليار من البشر، المنتشرين خارج عابري القارات، كنا ضحايا هذه الكارثة الكونية التي تسببت بها جحافل الأسهم، وجيوش التجارة العالمية وفصائل البنك الدولي، وترسانات شركات إنتاج الأسلحة، ومطاعم ال(فاست فود)، وبائعي مستحضرات التجميل والتنحيف والرشاقة، وصناعة الشفاه والأنوف، وفق القياس العابر للقارات.
لم يكن لنا علاقة بهذا العالم.. وها نحن ضحاياه.

ففي ظل هذا النظام الاستبدادي الدولي، أو في ظل المذبحة البشرية السائدة، أو في كنف نهج الإبادة العابر للقارات، سيتعاظم العنف الأعمى العابر للقارات، من واشنطن إلى بغداد، فأفغانستان، فباكستان، فأفريقيا، ففلسطين، فجورجيا، فأبخازيا، فالشيشان.. فكل مكان.

سيصير الجوع عابراً للقارات، ويصل إلى شوارع سان فرنسيسكو، وباريس، وطوكيو، وبنغلادش، وغزة، والغوادولوب، والصومال، وداوننغ ستريت، وما حولها وحواليها.

سيصير الخبز عقيدة عابرة للقارات، وسيدفع ثمنه أطفال عراة بقبضاتهم وأسنانهم وموتهم. ستتحول شوارع العواصم إلى موطئ أقدام اضرابات واحتجاجات وأعمال شغب عابرة للقارات، وستصير السرقة العامة فضيلة الفقراء، بعدما كانت فضيلة الأغنياء.

إن عالماً يشبه هذا الجحيم الذي صنعه قراصنة الرأسمالية المتوحشون، غير جدير بأن نعيش فيه من دون قبضاتك وأسنانك وأظفارك، على أن تكون عابرة للقارات.

ما كنت أجرؤ على كتابة هذه الكلمات لو لم أقرأ بالأرقام ما ستؤول اليه أفواه مليارات من البشر، بعد ضياع آلاف المليارات من الدولارات في جيوب ورثة هتلر، الذين قتلوا أكثر من النازية وكوفئوا بالمزيد من مليارات الدولارات.
لا.. هتلر لم يمت، فما زال حياً يُرزق.
هتلر الماضي كان في ألمانيا، وهتلر الحالي عابر للقارات.

الانتقاد- لبنان