رمز الخبر: ۱۱۷۲۱
تأريخ النشر: 13:55 - 05 April 2009
القدس العربي

الخناق يضيق على رقبة اسرائيل

 

عصرایران - اختيار مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ريتشارد غولدستون لرئاسة لجنة تقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات اسرائيل لحقوق الانسان في قطاع غزة اثناء عدوانها الاخير امر ينطوي على اهمية كبيرة، فالرجل يهودي اولا، ويتمتع بمصداقية عالية ظهرت بوضوح اثناء توليه مهمة الادعاء العام في محكمة جرائم الحرب السابقة في يوغوسلافيا ورواندا، واكتسابه خبرة قانونية كبيرة أهلته للتحقيق في برنامج النفط مقابل الغذاء في العراق، والتدريس في جامعة هارفارد ونيويورك.

وما يستحق التنويه ايضا هو وجود شخصيات تملك رصيدا هائلا في قضايا انتهاك حقوق الانسان، كاعضاء في اللجنة، مثل السيدة هينا جيلاني الباكستانية الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة لشؤون المدافعين عن حقوق الانسان وديزموند ترافيرس الكولونيل السابق في الجيش الايرلندي، ويعمل حاليا في معهد التحقيقات الجنائية الدولية، وكريستين شينكين التي كانت عضوا في لجنة تحقيق دولية برئاسة القس ديزموند توتو التي تولت التحقيق في مجزرة اسرائيلية في بيت حانون.

الحكومة الاسرائيلية هاجمت خطوة تشكيل هذه اللجنة، واعتبرتها معادية لها، الامر الذي يثير العديد من المخاوف حول امكانية عدم تعاونها معها، مثلما تقتضي الاعراف الدولية، خاصة ان تقارير سابقة صدرت عن لجان مماثلة تابعة للامم المتحدة أدانتها بارتكاب جرائم ضد الانسانية.

فالتقرير الذي قدمه الشهر الماضي ريتشارد فولك مبعوث المنظمة الدولية الخاص بحقوق الانسان للمجلس نفسه، اكد (ان شن هجمات دون تمييز بين الاهداف العسكرية والمدنيين المحيطين بها، وهو ما فعلته القوات الاسرائيلية، سيمثل جريمة حرب من اخطر ما تكون بمقتضى القانون الدولي).
وذكر فولك وهو استاذ القانون الأميركي ان اغلاق حدود قطاع غزة جعل المدنيين غير قادرين على تفادي الاذى، الامر الذي قد يصل الى حد (ارتكاب جرائم ضد الانسانية) واقترح ان يشكل مجلس الامن الدولي محكمة جنائية خاصة بهذا الامر.

ان اللجنة المذكورة ستجد كمية هائلة من الوثائق علاوة على عشرات الآلاف من اللقطات التلفزيونية الحية التي تدين القوات الاسرائيلية، وتكشف عن تعمدها قتل اكثر من ۱۴۲۵ مدنيا، ثلثهم تقريبا من الاطفال.

فاستخدام قنابل الفوسفور الابيض، ومنع سيارات الاسعاف من الوصول الى الضحايا، بل وقتل اعداد كبيرة منهم، وعرقلة وصول فرق الصليب الاحمر الدولي لمدرسة تابعة للامم المتحدة قصفتها الطائرات الاسرائيلية، وقتلت حوالى اربعين شخصا احتموا بها، كلها شواهد على جرائم حرب من اخطر الانواع.

ولا بد ان اللجنة ستلتقي بالجنود الاسرائيليين الشبان الذين دفعتهم صحوة ضميرهم الى الاعتراف بقتل مدنيين بدم بارد بناء على تعليمات من قيادتهم العسكرية. وهي شهادات جرى نشرها على نطاق واسع في الصحف الاسرائيلية والعالمية.

ولعل ما هو أبشع من ذلك توزيع حاخامات الجيش الاسرائيلي مذكرات على الجنود تحثهم على القتل دون رحمة، اي توفير الغطاء الديني لهذه الجرائم، الامر الذي يتناقض كليا مع تعاليم الاديان والكتب السماوية.

ان الخناق بدأ يضيق على عنق اسرائيل، وبات الرأي العام العالمي على اطلاع وثيق بمدى زيف ادعاءاتها حول احترام حقوق الانسان، والتمسك بالديمقراطية وقيمها. ولا بد ان تقرير اللجنة التي سيرأسها القاضي غولدستون سيعزز هذه الحقائق الدامغة.