رمز الخبر: ۱۲۶۹۸
تأريخ النشر: 12:28 - 07 May 2009
عريب الرنتاوي

نتنياهو إذ يتحدث باسمنا أيضا

عصرایران - ينهض الخطاب السياسي لحكومة نتنياهو على فرضية جوهرية واحدة: إيران هي الخطر الرئيس على إسرائيل والعرب والعالم، ومواجهتها وصولا لإحباط برنامجها النووي، هي المهمة المركزية الأولى لائتلاف دولي افتراضي، يتعين من وجهة نظر حكومة اليمين المتطرف، أن يضم جميع المتضررين من برنامج إيران النووي والصاروخي.


مدفوعة بالرغبة الجارفة لتفكيك هذا (الخطر)، تجد إسرائيل نفسها في سباق مع الزمن.. فهي تريد أن تفرض شروطا مسبقة على (الحوار الأمريكي الإيراني)، وهي تسعى في تقييده برزنامة زمنية ضيقة للغاية، فيما (طاقم إيران) في رئاسة الحكومة الإسرائيلية يعمل ليل نهار على اجتراح منظومة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، كفيلة بخنق إيران، لا بمنعها من إنتاج (القنبلة القذرة) فحسب، ويضم هذا الطاقم بحسب المصادر الإسرائيلية، عدداً من كبار الوزراء والخبراء، بينهم باراك، ليبرمان، يعلون ورئيس الموساد مئير دغان، الذي يقال أن التمديد له سنة إضافية مؤخرا، تم بفعل نجاحاته في تنفيذ عدد من الاغتيالات والعمليات في لبنان وسوريا وداخل العمق الإيراني، كما لم يستبعد المراقبون أن يكون التمديد مرتبط بالتحضيرات اللوجستية لتنفيذ عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

أخشى ما تخشاه إسرائيل، وهي تغذ الخطى على دروب المواجهة مع إيران، مسألتان اثنتان: الأولى، أن تجد نفسها مضطرة لدفع ثمن بناء تحالف دولي ضد إيران من احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، وفي هذا السياق، ثمة معلومات مؤكدة تقول أن واشنطن في عهد أوباما أخذت تتبنى نظرية (الرزمة الكاملة)، وهنا ينقل على رئيس طاقم البيت الأبيض رام إيمانويل، قوله أمام المساهمين الثلاثمئة الكبار ل(إيباك): (إن قدرتنا على الوقوف في وجه إيران منوطة بقدرتنا على تحقيق تقدم على الجبهة الفلسطينية)، وهذا بالطبع ما لا ترغب إسرائيل في سماعه، وتسعى في تلافيه، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.

والثانية: أن تعمل الولايات المتحدة بوحي مما يعتقد أنه شعار جديد ناظم للاستراتيجية الأمريكية الجديدة حيال إيران: (وجود القنبلة أفضل من تفجيرها)، وهو الشعار الذي يعكس بنظر المراقبين، إقدام واشنطن على سحب (الخيار العسكري) عن الطاولة، بخلاف ما يتردد أحيانا في العلن، على ألسنة بعض رموز الإدارة.

في مواجهة هذه المخاوف، تنهض الاستراتيجية الإسرائيلية التي روّج لها نتنياهو بالأمس من على منبر (الإيباك)، وينثر وزير خارجيته بعض عناصرها في العواصم الأوروبية التي يزورها، على فرضية أن مواجهة (الخطر الإيراني) بات قاسما مشتركا بين العرب والإسرائيليين، أو كما جاء على لسان نتنياهو حرفيا في كلمته أمام الإيباك: (للمرة الاولى في حياتي، يستشعر العرب واليهود خطرا مشتركا. هناك تحديا كبيرا يواجهنا جميعا، ولكن هذا التحدي يمثل ايضا فرصا عظيمة).

وإذا كان أوباما يريد أن يجمع العرب والإسرائيلين من بوابة عملية السلام، توطئة لمواجهة (الخطر الإيراني)، إلا أن نتنياهو يعتقد أن للعرب مصلحة لا تقل عن مصلحة إسرائيل في مواجهة إيران، وأن لا حاجة لمنحهم (جوائز ترضية) نظير دخولهم على خط المواجهة معها، بما في ذلك المواجهة العسكرية، وهو يستشهد على ذلك، بفائض المواقف والتصريحات التي تصدر في عواصم عربية عدة، وتذهب جميعها إلى تصوير إيران، وليس إسرئيل، كمهدد أول ورئيس للأمن القومي العربي.

المؤسف حقا، أن كثيرا من عواصمنا توغل في الصمت كلما أوغل نتنياهو في الكلام عن (القواسم المشتركة بين العرب واليهود)، بل أن بعضها يوفر عن قصد أو من دونه، المزيد من الذخائر لحملته العدائية لطهران، مع أن الحد الأدنى من كرامتنا الوطنية واستقلالية قرارنا السياسي، خصوصا في مرحلة ما بعد غزة، وما بعد الانتخابات الإسرائيلية، يملي علينا التصدي بحزم لمحاولات نتنياهو وأركان حكومته، النطق باسمنا، والتحدث عن هواجسنا، واستخدام توقيعاتنا لترويج سياساته المُصادرة لحقوقنا الوطنية والمُهددة لأمننا القومي ولسلام المنطقة واستقرارها.
الدستور - الاردن