رمز الخبر: ۱۲۶۹۹
تأريخ النشر: 13:06 - 07 May 2009
حيدر بن عبدالرضا اللواتي

العالم يقف حائرا أمام انفلونزا الخنازير

عصرایران - ها هو العالم يقف مرة أخرى حائرا أمام مرض يأتي من أحد الحيوانات والذي اعتاد بعض البشر على تناول لحومها بالرغم من الحذر الشديد الذي أبداه الإسلام تجاه هذا الحيوان، ومنعه وعدم جوازه للمسلمين من تناول لحمه. وقد تناول القرآن المجيد العديد من السور التي ذكر فيها كلمة (الخنزير) واليوم بدأ العالم يعاني من مرض هذا الحيوان الذي بدأ ينتشر باسم (انفلونزا الخنازير).

وها هي السلطات الصحية في العالم تقف مرة أخرى لمواجهة هذا المرض وكيفية مواجهة تداعياته.

فقد أعلن العديد من السلطات في العالم ومنها السلطات الأمريكية بأن فيروس انفلونزا الخنازير بات ينتشر في أكثر من نصف الولايات الأمريكية مع ۲۲۶ حالة إصابة مؤكدة بنشر المرض في ۳۰ ولاية في حين كانت الحصيلة السابقة ۱۶۰ إصابة في ۲۱ ولاية. وقال المعهد الوطني للمراقبة والوقاية من الأمراض منها إن حالات الوفاة لا تزال تقتصر على حالة واحدة فقط في الولايات المتحدة هو طفل مكسيكي كان يزور أقارب له في تكساس.

وقد بدأت دول العالم تجري اليوم فحوصا مختلفة على حالات يشتبه في إصابتها بالفيروس، فيما أعلنت عشرات الدول ومنها دول مجلس تعاون دول الخليج الفارسي باتخاذ إجراءات وقائية ورفع حالة التأهب. ولا يستطيع المرء التكهن عما يخبئ هذا الأمر ومدى انتشاره حتى وقت نشر هذا الموضوع، خاصة وأنه في كل لحظة تبث وكالات الأنباء العالمية والفضائيات أحداثا وتطورات حديثة عما يحصل تجاه هذا المرض بالرغم من بعض التفاؤل الذي أبداه البعض بأن المرض بدأ في الانحسار.

على الصعيد المحلي فقد بدأت السلطنة بتكثيف جهودها للاستعداد لمواجهة هذا المرض ومناقشته على جميع الأصعدة من خلال اجتماعات المسؤولين في وزارة الصحة بمديري المناطق، والبحث معهم حول استعدادات المناطق الصحية والإجراءات الاحترازية التي يجب اتخاذها إضافة إلى تحديث وتفعيل خطة التأهب الوبائي والاطلاع على الوضع العالمي للمرض، وغيرها من الموضوعات ذات العلاقة. وهذا أمر جيد، خاصة وأن السلطنة وعلى لسان المسؤولين في وزارة الصحة أعلنت أن البلاد خالية من أي حالة من انفلونزا الخنازير، وان الجهات المختصة على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا المرض، وأنها تتابع بشكل مكثف ودقيق كافة التطورات عالميا ومحليا، خاصة وأنه تمت مناقشة توصيات الاجتماع الطارئ لوزراء الصحة بدول مجلس تعاون دول الخليج الفارسي الذي عُقد مؤخرا في الدوحة مع المسؤولين على المستوى المحلي، والتي ناقشت سبل تفعيل هذه القرارات وتطبيقها، وأهمية تنشيط وتفعيل خطط الجاهزية والاستعداد والاستمرار في تفعيل نظم الإنذار المبكر والترصد الوبائي لهذا المرض الخطير، وأهمية تبادل المعلومات والخبرات، وتوفير النسبة الأدنى للمخزون الاستراتيجي بواقع ۱۰% من الأدوية لعدد السكان.

هذه الأزمة الجديدة لمرض انفلونزا الخنازير تأتي في وقت يعاني فيه العالم من الأزمة المالية التي دفعت بعض الشعوب في الدول الأجنبية بتقليل جرعات بعض الأدوية التي اعتاد أن يتناولها نتيجة لقلة المال لديهم، الأمر الذي يشكل ضربة اقتصادية جديدة للعالم، حيث يتوقع البعض أن يؤدي هذا المرض إلى تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي، ويؤخر من عملية الانتعاش مرة أخرى.

وحتى هذه اللحظة لم يصدر أي قرار من منظمة الصحة العالمية برفع درجة التأهب إلى الدرجة السادسة وهي الأعلى، بالرغم من أن حالات حدوث الإصابة والوفيات في زيادة مستمرة، ولكن في جميع الحالات يتطلب الأمر بامتلاك الكميات الكافية من اللقاحات المطلوبة لمواجهة هذا الفيروس، وزيادة درجة الوعي لدى الجميع حول هذا المرض، وما على الفرد القيام به وكيفية تجنبه لتجنب أخطاره ومنع انتشاره.

لقد حذرت بعض الصحف العالمية التي نشرت مؤخرا تفاصيل هذا المرض بأن صناعة الدواء لا تملك القدرة حاليا على تلبية الطلب العالمي على أمصال وباء إنفلونزا الخنازير وأنواع الإنفلونزا الموسمية الأخرى في وقت واحد. فقد حذرت صحيفة ذي تايمز البريطانية قبل ايام منظمة الصحة العالمية من أن اتخاذ أي قرار متعجل بالتحول إلى إنتاج أمصال للوباء المتفشي حاليا، سيجعل ملايين البشر من غير وقاية ضد أنواع الإنفلونزا الأخرى. وسوف تستغرق شركات صناعة الأدوية ما بين أربعة إلى ستة أشهر كي تتمكن من زيادة إنتاجها لمصل جديد وإجراء اختبارات عليه، الأمر الذي يضفي على التوقيت أهمية إذا ما قُدّر لعمليات التحصين ضد المرض أن تلعب دورا رياديا في احتواء الوباء.

ففي بريطانيا على سبيل المثال قدرت الحكومة البريطانية أن إجمالي من سيحصدهم المرض سيتراوح عددهم ما بين ۵۵ و ۷۵۰ ألف نسمة حسب معدلات تفشي المرض ومدى تحوله الى حالة الوباء، وأن اقتصاد بريطانيا يمكن أن يتكبد خسائر تتراوح بين ۳ إلى ۷ مليارات جنيه إسترليني من جراء الغياب عن العمل، في حين ستؤدي الوفيات إلى تقليص الإنتاج بمعدل ۷ مليارات جنيه إسترليني في أسوأ السيناريوهات.

إن أعداد الدول التي تبلغ رسميا عن هذا المرض بلغ حتى يوم ۴ من الشهر الجاري ۲۰ دولة في خمس قارات، ناهيك عن الدول الأخرى التي لا تريد الإعلان عن هذا المرض لسبب أو لآخر، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية أنه تم الإبلاغ رسمياً عن ۹۸۵ حالة من انفلونزا الخنازير محذرة انه لا ينبغي لدول العالم التهاون في ردها على انتشار المرض لان خطر المرض لم ينته بعد، وأن على السلطات الصحية المختصة أن تكون في أعلى حالات الترقب، خاصة وأن هناك احتمالا قويا بعودة الفيروس مرة أخرى خصوصا في الطقس البارد وفق ما تبين له المنظمة في هذا الإطار.

إن هذه الأزمة اليوم تؤدي إلى نزاع دبلوماسي أيضا كما حصل مؤخرا بين الصين والمكسيك بسبب إصرار السلطات الصينية على إبقاء عدد من المواطنين المكسيكيين قيد الحجر الصحي في عدة مدن صينية، وهي الدول التي انطلق منها المرض وأدى إلى موت العشرات وإصابة المئات من مواطنيها.

ولكن في جميع الحالات تبقى مسألة التوعية ضرورية ولازمة لتثقيف المزيد من المواطنيين حول هذا المرض والأمراض الفتاكة الأخرى، باعتبار أي داء من هذا القبيل لا يلتزم بالحدود الجغرافية، ولا يعرف السيادة، ولا يحتاج إلى إذن من أي مسؤول أو سفير للوصول إلى دولة أخرى، وهذا ما يجب معرفته في إطار الثقافة العامة لدى الأفراد.
عمان - عمان