رمز الخبر: ۱۲۷۸۷
تأريخ النشر: 13:11 - 10 May 2009
د. عيسى الشماس
مصداقية التغير الأميركي تجاه إيران

عصرایران - تتوالى التصريحات الأميركية التي تعبر عن مواقف إدارة البيت الأبيض الجديدة برئاسة أوباما تجاه بناء العلاقات مع دول العالم عامة، ومع إيران خاصة على أسس من الحوار البنّاء البعيد عن لغة التهديد والوعيد، واستخدام القوة العسكرية التي أثبتت فشلها في حل الخلافات بين الولايات المتحدة ودول أخرى.

فقد وجهت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية في الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الحلف الأطلسي دعوة صريحة إلى إيران لحضور الاجتماع الذي عقد في لاهاي ۱۳/۳/۲۰۰۹ حول الوضع في أفغانستان، باعتبار أن إيران دولة مجاورة لأفغانستان ولها دور فاعل في أمن المنطقة واستقرارها، وقد لاقى حضور إيران هذا الاجتماع بمشاركة نائب وزير خارجيتها، ارتياحاً عاماً لدى المهتمين بالوضع الإيراني حيث قرّب المسافة جداً بين أوروبا وأميركا من جهة، وإيران من جهة أخرى وهذا ما عبرت عنه السيدة كلينتون في حديثها أمام المؤتمر ولاسيما الخلاف حول الملف النووي الإيراني، كما وجه الرئيس باراك أوباما تهنئة إلى الإيرانيين لمناسبة عيد السنة الإيرانية، ودعا القيادة الإيرانية لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين على أساس اعتماد لغة الحوار الدبلوماسي بعيداً عن أساليب التشنج والعدائية والقوة المسلحة.

فمن حيث البرنامج النووي الإيراني لم تستطع الإدارة الأميركية البوشية السابقة أن تثني إيران عن متابعة برنامجها النووي الذي أعلنت مراراً وتكراراً أنه للأغراض السلمية، وهوحق لها ولغيرها من الدول من أجل تطوير صناعتها العلمية والتكنولوجية، وأظهرت في المقابل كل استعداد للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل توضيح برامجها النووية وأهدافها، ولكن بعيداً عن التهديدات بأشكالها المختلفة، ولذلك باءت كل الجهود التي بذلتها إدارة بوش من أجل وقف البرنامج بحجة تهديد أمن منطقة الشرق الأوسط، بل تهديد أمن أميركا أيضاً سواء تحت الضغوطات السياسية أم التلويح بالعقوبات الاقتصادية أو التهديد بالقوة العسكرية.
 

أما من حيث موقف إيران من الأحداث في أفغانستان والعراق، فمن حقها أن تتخذ الإجراءات المناسبة لحماية حدودها مع الدولتين في الشرق مع أفغانستان وفي الغرب مع العراق سواء كانت هذه الإجراءات المناسبة مباشرة أم غير مباشرة لأن وضع القوات الأميركية والأطلسية على حدودها مع هاتين الدولتين يشكل خطراً على أمنها وسيادتها، وهذا ما حاولت الإدارة الأميركية السابقة أن تفتعله بحجة أن إيران تدعم المقاومة في العراق تارة وتارة أخرى تدعم الإرهابيين في أفغانستان، وهذا ما أثبتت الوقائع بطلانه، لأن إيران عملت وتعمل باستمرار منذ انتهاء عهد الشاه البائد، على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وفق علاقات الاحترام المتبادل وحسن الجوار مع الدول المجاورة، ولاسيما العراق ودول الخليج الفارسي ولذلك لم تنجح محاولات إدارة بوش الحمقاء لخلق حالة عدائية تصل إلى حد المواجهة بين إيران وجيرانها العرب.

وفي الجانب الآخر لم تستطع الإدارة الأميركية السابقة بكل تهديداتها الخلبية بفرض العقوبات والضربات العسكرية، أن تضعف موقف إيران سياسياً وعسكرياً ولاسيما علاقاتها مع الدول المجاورة وفي تأييدها المعلن والثابت للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

لقد رحّبت إيران بتصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته الجديدة في فتح صفحة جيدة للعلاقات بين البلدين على أساس الحوار والاحترام المتبادل ولكن شريطة ألا يبقى في إطار التصريحات الإعلامية فحسب بل يجب أن يترجم ذلك إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع، فالمطلوب إذاً من الإدارة الأميركية الجديدة أن تقرن الأقوال بالأفعال لتثبت حسن نياتها في تغيير سياستها تجاه الدول التي كانت تتهم من الإدارة السابقة بأنها الممانعة والمعارضة لسياسة الهيمنة الأميركية فهل تصحح الإدارة الأميركية الجديدة سوء التفاهم وتعيد الثقة والمصداقية إلى دولتها كدولة عظمى تعمل على تحقيق الأمن العالمي والسلم الدولي بالوسائل السياسية الدبلوماسية وليس بالوسائل الهمجية العسكرية كما كانت تفعل سابقتها؟

الجواب قد يكون ما مضى من الوقت على تسلم أوباما رئاسة البيت الأبيض ليس كافياً للحكم على مدى مصداقية التغيير في السياسة الأميركية عامة وتجاه إيران خاصة!.
الثورة- سوريا