رمز الخبر: ۱۲۸۱۸
تأريخ النشر: 11:47 - 11 May 2009
محمد صادق الحسيني

صلح وجهك لا تكسر المرآة !



عصرایران - يقول الشاعر الايراني الكبير سعدي الشيرازي : اذا ما عكست المرآة قبح وجهك صلح وجهك لا تكسر المرآة


انه الكلام الذي ينطبق اليوم اكثر ما ينطبق على دول الغرب مجتمعة ومعها المؤسسات الدولية المخطوفة من قبل الدول العظمى المهيمنة على دولنا ومجتمعاتنا وقضايانا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية مقابل الدعم المطلق واللامحدود للدولة العنصرية المسماة بدولة اسرائيل، وهي المقاربة التي تصلح كذلك والتي قدمها قبل ايام ايضا الرئيس الايراني خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس السوري بشار الاسد حيث تحدث عن اللحظة التاريخية التي وصل اليها العالم والقاضية بضرورة ان يقصر الغرب هذا من لسانه الطويل مقابل ان يوسع اذنه ليستمع اكثر على حد قول احمدي نجاد، بعد ان تمادى خلال العقود الماضية في الكلام الاحادي صاما آذانه عن سماع الآخر مانعا اياه من الكلام وهو يطبق مقولة ان التاريخ يكتبه المنتصرون بالحرب ويضع معايير الحكم على مساراتها الرابحون لها!

وهكذا كان الامر كذلك عندما ذكرهم قبلها بمدة وجيزة ومن جنيف، بماضيهم المخزي والمسيء الى شعب باكمله بل ولامة باكملها، وذلك عندما ذكرهم بفاجعة العصر الكبرى اي الاستيلاء على ارض فلسطين بقوة الاغتصاب والقهر والتحايل والتحريف والخداع من قبل مجاميع من شذاذ الآفاق غطتهم قوى الغرب الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، فكان ان ذهلوا بل وارتعبوا ايضا وهم يستمعون اليه شارحا لوقائع التاريخ غير القابلة للانكار او عندما وضع المرآة امام اوجههم فقط لا غير كما عبر مطالعته التي قدمها من دمشق ، فما كان منهم الا ان خرجوا وغادروا قاعدة الندوة العالمية زرافات ووحدانا مؤكدين بذلك انهم لا يتحملون رأيا مخالفا لرأيهم، وانهم يكذبون عندما يزعمون بانهم من مدرسة الرأي والرأي الآخر !

انها المواجهة الكلامية المفتوحة اذن والتي رصدها العالم مؤخرا بين الصوت الذي مثل مجتمع الجنوب المقهور لعقود طويلة مقابل جمهرة كبيرة من ممثلي المجتمع الغربي المنتمي لمعسكر الشمال وهو المعسكر المدعي لحرية التعبير وحرية الرأي والرأي الآخر، وهي المواجهة التي شهد العالم بعض فصولها على الهواء مباشرة على هامش قمة ديربان الثانية لمناهضة العنصرية الذي انعقد في جنيف حيث كانت الفضيحة الكبرى لادعياء مقولة نهاية التاريخ وادعياء الحرية والتقدم والدفاع عن حقوق الانسان وادعياء ضرورة دمقرطة العالم االمتخلفب كما يصفون مجتمعاتنا وضرورة الحاقه بركب الحضارة الانسانية التقدمية والحرة كما يروجون

وهي المكاشفة الكلامية التي حاولت ان تعكس جزءا يسيرا مما جرى يوما في فلسطين وما زال يجري عليها حتى الآن وبشكل يومي لا ينقطع بين جحافل قوات الاحتلال الصهيونية المشؤومة فوق تلك الارض المغتصبة الى جانب ما يحصل من كوارث ومآس يومية في كل من العراق وافغانستان والتي اضيفت اليهما الباكستان ايضا لا تقل بشاعة عن مآسي اخوتهم الفلسطينيين تحت علم وراية الحرية والتحرر المزورة والكاذبة منذ نحو ست او سبع سنوات !

حتى بابا الفاتيكان الذي توقع العالم الاسلامي منه اعتذارا ولو شكليا عما صدر عنه من اتهام مجحف وكلام مسف بحق ديننا ونبينا ورسالتنا المسالمة للعالم، فانه فضل وهو يبدأ زيارته للعالم الاسلامي من الاردن ان يعلن عن العلاقة الحميمة بين الفاتيكان واليهود وضرورة المصالحة التاريخية بين الكاثوليكية واليهودية، وكأنه يتكلم في عصر وقرن لا علاقة له بكل الذي جرى ويجري يوميا في هذه البقعة المذبوحة من العالم على ايدي الصهاينة واسيادهم الغربيين على مدى ما لا يقل عن ستة عقود متتالية كحد ادنى وباسم اليهودية بالذات، وهو ما يفترض ان يكون قد سمعه ورآه متجددا ايضا على مرمى البصر من موقع خطابه المبجل !

فهل ثمة من منطق يبقى صامدا لمن يأخذون على احمدي نجاد وامثال احمدي نجاد في المكاشفة المفتوحة التي اختاروها مع هذا الغربي المتجبر، والتي هي ليست سوى وضع المرآة امام اوجههم الملطخة بوحول جزمات جحافل جيوشهم المغتصبة للارض والحقوق لا اكثر؟!
واذا ما ارتعب ارباب تلك الفظائع واسياد مرتكبيها وذهلوا مما رأوا فقد يكون ذلك من حقهم لأن ما رأوه في المرآة مرعب، لكن المستغرب هو ذلك الاحتجاج المستمر من بعض ابناء جلدتنا على مثل هذه المكاشفة، وهم الذين يفترض ان يكونوا الى جانب المظلوم والشاهد والشهيد على ظلم اولئك الجبابرة والعتاة !

في كل الاحوال فان سياقات حركة التاريخ تقترب شيئا فشيئا من فعل استعادة زمام المبادرة من قبل المظلوم، واذا ما بقي من بصيص امل لمن يريد التوبة وتصحيح الموقف قبل حلول ساعة الجزاء والعقاب التاريخي الثقيل فما عليه الا ان يصلح قبح وجهه فعلا لا ان يكسر المرآة التي لا ذنب لها الا انها تكشفه على حقيقته !
 
القدس العربی