رمز الخبر: ۱۲۹۱۳
تأريخ النشر: 11:26 - 13 May 2009

عصرایران - يرى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي أن الولايات المتحدة استخدمت المنظمة الدولية كما يحلو لها، نظرا لانفرادها بقيادة العالم في ظل سياسة دولية أحادية الجانب داعيا إلى إحياء منظمة دولية جديدة.

وقال إن الرئيس الأمريكي ودرو ولسون (1856-1924) أسس عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى والرئيس فرانكلين روزفلت (1882-1945) أنشأ الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ولا يوجد سبب يمنع من إحياء أمم متحدة جديدة من وسط الرماد مثل طائر العنقاء الأسطوري يوكون ذلك على يد رئيس أمريكي جديد.

ويسجل في كتابه (رؤية لعالم الغد.. ثلاثة أحاديث مع رموز الفكر السياسي في موسكو وبرلين وباريس) أن نقطة ضعفه أنه صدق أن الأمم المتحدة ستؤدي دورا فيما بعد الحرب الباردة، لكن هذا الاعتقاد تلاشى أمام انتصار قوة عظمى وحيدة كانت تعتبر دائما أن الأمم المتحدة لا بد أن تكون كيانا خاضعا لتعليماتها. خطئي أنني لم أفهم هذا الأمر بسرعة.

والكتاب الذي صدر في القاهرة عن دار الشروق يقع في 88 صفحة كبيرة القطع وهو ثلاث مقابلات بين غالي وثلاثة كتاب معنيين بالمستقبل والعلاقات الدولية هم الروسي أنطوني جروميكو والفرنسي جان لكوتير والألماني فان بارلوفن.

ويسجل غالي أن زعماء الولايات المتحدة يرون أن عليهم ليس فقط التدخل في مشاكل العالم، بل إنهم لا يطيقون أن تحل هذه المشكلات في غيابهم وهو أمر يراه شديد الخطورة ويستوجب وجود لاعبين آخرين بجوار القوى العظمى الوحيدة.

وأضاف أن واشنطن كانت تتدخل حين يظهر مزيدا من الحدة أو الاعتراض على ما يصفه باللامبالاة الدولية إزاة قضايا منها الإبادة العرقية في رواندا في التسعينيات كنت أول من تحدث عن وجود إبادة عرقية لكن الولايات المتحدة أصدرت تعليمات بعدم استخدام هذه الكلمة. كان علينا الإذعان أمام قرار تبناه الأمريكان، إذ هددوا بالحد من تدخلاتهم في عمليات حفظ السلام.

ويعترف غالي الذي شغل المنصب الدولي بين عامي 1992 و1996 بأن الصين بلد مثير للاهتمام إنها قوة المستقبل العظمى، حيث يرجح أن يؤدي صعودها دورا فيما يصفه بلعبة تعدد الأطراف في الحوار بين الكبار.

ويرصد جانبا من بروز هذا الدور إذ تعرض للنقد عندما رفض اشتراك الدلاي لاما الزعيم الروحي للتبت في مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان عام 1993 بعد أن أبلغه مندوب الصين في الأمم المتحدة "أنه سوف ينسحب من المؤتمر إذا شارك الدلاي لاما. بوصفي سكرتيرا عاما للأمم المتحدة ألم يكن من مصلحتي أن أتأكد من مشاركة دولة تضم مليار نسمة؟ إنها ليست انتهازية سياسية لكن ببساطة شديدة دوري في أن يضع في الاعتبار ما يطلبه منه ممثلو الدول.

والزعيم البوذي حائز على جائزة نوبل للسلام عام 1989 وهو أبرز الداعين لأن يحل السلام والمحبة بين البشر رغم رحيله عن بلاده منذ عام 1959 وإقامته في منفاه بالهند إلى الآن.

ويعترف غالي بالسعي لاستمالة الإسرائيليين قبل انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة إذ بعث إليهم برسالة نصها، إذا لم تعترضوا على انتخابي أعدكم بالسعي من أجل تحسين موقف إسرائيل داخل الأمم المتحدة ثم قام بتعيين إسرائيليين في مناصب مهمة داخل المنظمة وهو أمر لم يحدث أبدا من قبل. إذن نجحت عمليا في تحسين العلاقة بين إسرائيل والأمم المتحدة على الأقل في قضية قانا. كان الإسرائيليون قد قاموا بقصف معسكر الأمم المتحدة الذي لجأ إليه نساء وأطفال المقاومين وأوقعت المئات من الضحايا في عملية أطلق عليها رئيس الحكومة آنذاك شمعون بيريس الرئيس الحالي للدولة العبرية اسم (عناقيد الغضب) استهدفت معسكرا للأمم المتحدة بقرية قانا بجنوب لبنان عام 1996.

ويضيف أن البعثة الدولية وضعت تقريرا وأن الهجوم كان متعمدا، لكن الإسرائيليين زعموا أنه حادث وطلبوا منه إعادة النظر في تقريره ولكنه تمسك بالتقرير.

وقال: كانت هذه هي اللحظة التي كان علي أن أواجه فيها اللوبي اليهودي الذي اتفق مع الجمهوريين والديمقراطيين للمطالبة برحيل هذا البغيض الذي ينتمي إلى العالم الثالث- العربي-المصري، في إشارة إلى نفسه.

ويحذر غالي من استمرار الفاصل التكنولوجي بين العالم المتقدم والعالم التعيس الفقير المتخلف الذي ستغلق أمامه أبواب العالم الأول وسيؤدي هذا الأمر إلى فاصل حضاري سيعيد إلى الأذهان تلك الهوة التي كانت تفصل أوروبا عن بقية العالم في بداية الثورة الصناعية ويخشى أن تتسع الفجوة لدرجة ربما يصبح معها الحوار عسيرا حتى بين القيادات الفكرية في العالمين.

وفي الصفحة الأخيرة من الكتاب يذكر من جديد بأن العالم في حاجة إلى جيل جديد من المنظمات الدولية لإدارة شؤون العالم بمشاركة لاعبين جدد.