رمز الخبر: ۱۲۹۳۳
تأريخ النشر: 14:48 - 13 May 2009
خالد الشامي
نتنياهو في شرم الشيخ: احترسوا من انفلونزا الخنازير السياسية
 

عصرایران - اسباب عديدة كان يجب ان تجعل نتنياهو شخصا غير مرغوب فيه لدى مصر، ليس اقلها خطر وجود انفلونزا الخنازير في اسرائيل. وبالطبع فقد دخل نتنياهو من بوابة ال(vip) في مطار شرم الشيخ، ولم يخضع لاجراءات الفحص والعزل التي تطبقها سلطات الحجر الصحي على كل المسافرين القادمين من دول سجلت لديها حالات اصابة بالانفلونزا.

الا ان المسؤولية الاكبر يجب ان تقع على كاهل السلطات الاعلى في الدولة، اذ كان الاجدى ان يتم عزله وجميع افراد حكومته طالما انهم مصابون بفيروس التطرف والعنصرية واقصاء الآخر الذي قد يتسبب في انتشار انفلونزا الخنازير السياسية وهذه اكثر خطورة واشد تدميرا.

نعم كان يجب على مصر ان تقود حملة اقليمية بل ودولية لمقاطعة هذا الرجل وحكومته كما فعلت اوروبا مع الزعيم النمساوي المتطرف يورغ هايدر، بدلا من ان تهديه تأشيرة الشرعية الدولية بعد ان اصبحت اول محطاته الى العالم الخارجي.

مفهوم انه توجد ملفات هامة عالقة يريد نظام مبارك ان يحسمها، مثل التهدئة وتبادل الاسرى والمعابر، كما ان شرم الشيخ تريد ان تحتفظ بدورها التقليدي كعاصمة لما يسمى بمعسكر المعتدلين في ظل حرب سياسية فضائية غير مسبوقة في الاقليم، وفي ظل عملية اعادة توزيع للادوار تجري في كواليس الاتصالات السرية بين واشنطن وطهران.

ومفهوم ان النظام يرى في استقبال نتنياهو ورقة مهمة قد تدعم ملفا صعبا ومتداعيا سيحمله مبارك الى اوباما في السادس والعشرين من الشهر الحالي، الا ان هذه جميعا تبقى مسائل اقل اهمية مقارنة بما يعنيه التطبيع المجاني وغير المشروط مع هذه الحكومة الاسرائيلية من خسائر فادحة ومجانية تتعلق بقضايا استراتيجية اقليمية.

فالنظام يندفع في اتجاهين كلاهما ضار وخاطئ استراتيجيا:

اولا، التصعيد مع ايران، وهذا يناقض ارادة دولية تقضي بالتحاور بل والتقارب مع نظام طهران في سبيل انجاز صفقة دولية اقليمية معه.

وقد يصور البعض للنظام انه مازال يتمتع بالنفوذ الاقليمي نفسه، الا انه يجب ان يكون مصابا بحالة من انكار الواقع ليصدق انه قادر على تحدي هذه الارادة الدولية. وهو لابد ان يكون وصل الى هذا الاستنتاج بعد ان تركته الولايات المتحدة واوروبا وحيدا في تصعيده الاخير ضد ايران اثر اكتشاف خلية حزب الله.

وهو اتجاه ضار ايضا لان النظام سيضطر للتراجع عنه، عندما يبلغ نهاية الطريق المسدود، ويكتشف انه كان يستطيع ان يحقق مكاسب افضل بالحوار مع طهران بدلا من استعدائها.

ثانيا، منح حكومة نتنياهو المتطرفة بطاقة عضوية فيما يسمى بمعسكر المعتدلين، وقد اثبتت الزيارة ان اسرائيل لن تكافئ اولئك الذين يتطوعون لخوض معاركها. فنتنياهو لم يتحرك قيد انملة عن مواقفه، ولم يمنح مضيفيه مبررا ولو ضعيفا للاستمرار في الترويج لوهم السلام برفضه خيار الدولتين ومن فوق ارض عربية، كما لم يمنحهم ذخيرة في حربهم السياسية والاعلامية ضد ايران رغم كل ما تثيره هذه الحرب من نشوة في اسرائيل.

وقد غادر نتنياهو شرم الشيخ بحزمة من المكاسب السياسية والاعلامية، بينها انه زعيم قوي يرفض التنازل، الا انه ساهم في تكريس ورطة من يفترض انهم اهم حلفائه في مواجهة ايران.
فنظام شرم الشيخ لن يستطيع ان يتعايش مع هذه الازدواجية في الدور الى الابد، اذ لايمكن ان يكون اشد اعداء التطرف عندما يتعلق الامر بايران، واهم حلفائه عندما يتعلق الامر باسرائيل.

واذا كان هذا هو الدور الوحيد المتبقي في (المسرحية)، واذا فشل الاحتجاج لدى مخرج العرض التقليدي في واشنطن في الحصول على دور افضل، فلربما يكون من الاجدى للنظام نفسه اجراء اعادة نظر شاملة والتخلص من هيمنة ظاهرة القصور الذاتي على سياسته، او الاعتزال احتراما لما تبقى من مكانة مصر وكرامتها.