رمز الخبر: ۱۴۵۷۲
تأريخ النشر: 10:27 - 10 August 2009
عصرایران ـ "القدس العربي" ـ عم الذعر العاصمة نواكشوط بعد أن شاع خبر حادثة التفجير الانتحاري التي نفذها عشية السبت شاب موريتاني يُعتقد انه من تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي، مسجلا بذلك أول حادثة من هذا النوع منفذة في موريتانيا.

وتداول السكان في المكاتب وفي الأسواق والأماكن العامة بقلق شديد أنباء حادثة التفجير وزاد من خوفهم أنهم كانوا يسمعون عن التفجيرات بعيدا في العراق وباكستان فإذا بها تنفذ بين ظهرانيهم.
وأكد مصدر أمني في توضيحات لـ"القدس العربي" أمس أن الانتحاري الذي فجر نفسه بمحاذاة سور السفارة الفرنسية في نواكشوط، يدعى حمدي ولد سيدي ولد فيه البركة، وهو مواطن موريتاني يبلغ من العمر 22 عاما، وقد ولد بمقاطعة عرفات بولاية نواكشوط، وينحدر في الأصل من ولاية البراكنة وسط البلاد.

وأكد المصدر أن الانتحاري هو أحد المطلوبين الذين تعاملت أجهزة الأمن الموريتانية مع أسمائهم قبل أيام، إلا أنه ليس مشهورا بين المتابعين في قاعدة البيانات المتوفرة لدى مصالح الأمن.

وشدد المصدر على أن ما يدعو للقلق هو احتمال وجود عدد كبير من أمثال الشاب المنتحر مندسين داخل المجتمع.

وأكدت السالكة بنت الشيخ، وهي مواطنة موريتانية جرحت في الحادثة، أن الانتحاري شاب أسمر اللون وقد كرر: الله أكبر.. أكبر.، مرارا قبل أن يفجر نفسه بالقرب من الفرنسيَين العضوين في بعثة السفارة واللذين كانا يقومان برياضة المشي اليومية.

وذكرت مصادر السفارة ان الفرنسيين وقد اصيبا إصابات خفيفة بسبب ابتعادهما عن الانتحاري عندما حاول الاقتراب منهما.

وأشارت مصادر طبية إلى أن المواطنين الفرنسيين الإثنين يعانيان من صدمة نفسية بسبب هول التفجير الذي استهدفهما.

هذا واعتبر الان جويانديه سكرتير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون ان العملية الانتحارية "تستهدف سياسة الحزم تجاه الإرهابيين التي ينتهجها الرئيس الموريتاني الجديد (محمد ولد عبد العزيز) وتدعمها فرنسا".

وأكد جويانديه في تصريح لإذاعة "أر. تي. ال"، انه ليس مؤكدا ان فرنسا هي المستهدفة مباشرة بالتفجير، مضيفا "أعتقد انها متعلقة بانتخاب الرئيس ولد عبد العزيز الذي أكد على تصميمه على مواجهة القاعدة".
وقال "بالطبع رحبت فرنسا بهذا الموقف، غير أنه لا يمكننا نفي أو تأكيد أن تكون فرنسا مستهدفة".

واوضح جويانديه ان "ليس هناك مخاوف معينة بالنسبة الى الرعايا الفرنسيين في موريتانيا".

وقال "بالطبع ستتخذ اجراءات امنية اضافية، لكن لا تعليمات خاصة بالنسبة الى رعايانا حاليا لان هذه العملية الارهابية التي لم يعلن اي طرف عن تبنيها حتى الساعة، ما زالت حادثة معزولة".

وكان الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد عبد العزيز قد أكد في كلمة تنصيبه الاربعاء بعد انتخابه رئيسا لخمسة اعوام انه "لن يبخل بأي جهد في سبيل مكافحة الارهاب واسبابه".

وعلى المستوى الرسمي لم تعلن الحكومة الموريتانية لحد مساء يوم أمس أي شيء عن الحادثة ولا عن مجرياتها،حيث أن من عادة الإعلام الرسمي الموريتاني التكتم على مثل هذه الحوادث.

غير أن وكالة نواكشوط للأنباء (مستقلة) ويديرها مقرب من الرئيس الموريتاني الجديد، نقلت أمس الأحد عن أهالي السجناء السلفيين قولهم ان السلطات الأمنية اقتادت عند منتصف ليلة السبت ـ الأحد اثنين من السجناء السلفيين هما محمد ولد عبدو الملقب "سلمان"، ومحمد عبد الله ولد احمدناه الملقب "أنس" لجهة مجهولة وكلاهما متهم بالمشاركة في هجوم تورين (شمال موريتانيا) الذي قتل فيه اثنا عشر عسكريا موريتانيا في شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

وأكدت الوكالة أن الهدف من اقتياد هذين الشخصين هو التحقيق معهما عقب حادثة التفجير الانتحاري الذي نفذه أحد المحسوبين على تنظيم القاعدة ببلاد المغرب واستهدف اثنين من الموظفين الأمنيين في السفارة الفرنسية بنواكشوط.

ونقلت الوكالة عن مصادرها قولها إنه من غير المستبعد أن يتم التحقيق مع الناشطين السلفيين حول احتمال دخول عدد من الانتحاريين المسلحين المجهزين بأحزمة ناسفة إلى الأراضي الموريتانية قادمين من معسكرات التنظيم شمال مالي.

هذا ودقت الصحف الموريتانية المستقلة أمس ناقوس الخطر داعية السلطات لمواجهة "أكثر جدية للنشاط الإرهابي بعد أن تكررت وتطورت العمليات الإرهابية في عمق العاصمة" نواكشوط.

ودعت صحيفة "بلادي" إلى تفعيل إجراءات المواجهة وإلى محاكمة المعتقلين الحاليين الذين ثبتت بحقهم تهم زهق الأرواح مع تحسيس الرأي العام الوطني إزاء ظاهرة الإرهاب المستفحلة.

وأكدت "أخبار نواكشوط" أن ما "أعدته السلطات الموريتانية لمحاربة الإرهاب لا يعدو جهودا أمنية بحتة، لا تستند إلى أية استراتيجية سياسية أو فكرية أو علمية، وكأن الأمر يتعلق بمحاربة عصابة من لصوص الحق العام وقطاع الطرق، لا بمحاربة حملة أفكار وقناعات كما هو الواقع".

وانتقدت الصحيفة "عدم امتلاك" السلطات الموريتانية لـ "أية استراتيجية لمحاربة الإرهاب باستثناء فرقة أمنية مدربة تدريبا عاليا، هدفها التعامل مع الأشخاص المسلحين والخطيرين، إلا أنه لا توجد لدى السلطات دراسات عن هذه التنظيمات وسبل تفكيرها واستراتيجتها وأساليبها في العمل، وقناعاتها الفكرية والدينية، وكيفية التعامل معها، لذلك تبقى هذه الثغرة معوقا كبيرا لجهود محاربة هذه الجماعات وأفكارها".

وتأتي حادثة التفجير هذه في ظل مواجهة عسكرية وأمنية شرسة يخوضها الجيش المالي منذ حزيران/يونيو الماضي، بدعم من الدول الغربية، ضد نشطاء تنظيم القاعدة.

وسبق للرئيس المالي أمادو توماني توري أن أعلن أن الجزائر وليبيا ومالي ستضع إمكاناتها العسكرية والاستخباراتية لمكافحة تنظيم القاعدة الذي يهدد أمن منطقة الساحل والصحراء، كما قال.

ووجه تنظيم القاعدة رسالة للرئيس توماني توري جاء فيها ما نصه "تعلمون جيدا أنه ليس لنا حاجة في حربكم، وأنتم في غنى عن خوض حرب بالوكالة ضدنا فتترمل نساؤكم ويتيتم أولادكم، لا لشيء إلا دفاعا عن العلوج الصليبيين من قتلة إخواننا المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان. فنحن ندعوكم أن تنأوا بأنفسكم عن حربنا دفاعا منكم عن الصليبيين، فنحن ما تعرضنا لكم سابقا إلا بعد أسركم لإخواننا وعدوانكم علينا".

وتشير الأحداث المتتالية الى ان المواجهة العسكرية المالية الغربية لتنظيم القاعدة انعكست على موريتانيا ذات الأرض المكشوفة حيث اتخذها التنظيم هدفا ذا عورة يسهل اختراقه لتصفية الحسابات مع الأطراف المجاهرة بعدوانها له.

وجاء خطاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي أكد فيه التصميم على مواجهة التنظيم ليزيد هذا التوجه اندفاعا.