رمز الخبر: ۱۶۱۲۸
تأريخ النشر: 10:01 - 05 October 2009
عصرایران -  القدس العربي - كشف مصدر حكومي جزائري ان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رفض أن يلتقي بنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام، مشددا على أن الخلاف الصامت بين الجزائر وباريس لديه خلفيات اقتصادية بالدرجة الأولى.

وقال المصدر ذاته في تصريح لـ"القدس العربي" ان وزير الخارجية مراد مدلسي رفض أيضا أن يلتقي مع نظيره الفرنسي برنارد كوشنير، مثلما كان مبرمجا منذ مدة بسبب التوتر الذي تعرفه العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن بوتفليقة لم يحدد بعد موعد زيارته إلى باريس، والتي كان من المقرر أن يزورها في 15 حزيران/يونيو الماضي، قبل أن يطلب تأجيلها.

وأكد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته على أن الصمت الذي يتعامل به بوتفليقة حيال العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية، وعدم تحديده لموعد زيارة الدولة التي كان من المفترض أن يقوم بها إلى فرنسا، يدخل في إطار الصراع الصامت الدائر بين البلدين، وهذه مجرد ورقة في يد بوتفليقة، بالإضافة إلى أوراق أخرى يلاعب بها الفرنسيين.

وأضاف المصدر ذاته أن باريس لم تلعب الدور الذي كانت الجزائر تنتظره منها اقتصاديا، مشيرا إلى أن الشركات الفرنسية لا تزال ترفض القيام باستثمارات حقيقية، وتفضل أن تجعل من الجزائر سوقا لمنتجاتها وسلعها فقط.

وشدد على أن الحكومة الجزائرية غضت الطرف لفترة طويلة على هذا الأمر، لكن فرنسا لم تغير من طريقتها في التعاطي مع السوق الجزائري، وظلت الاستثمارات المباشرة ضعيفة جدا، الأمر الذي استدعى اتخاذ إجراءات لحماية الاقتصاد الجزائري، وهي الإجراءات التي جعلت باريس تفقد صوابها، وكانت السبب في الضربات تحت الحزام التي توجهها فرنسا منذ أشهر للجزائر.

وأكد على أن بلاده ماضية في حماية اقتصادها مهما فعلت باريس، معتبرا أنه من غير المعقول الاستمرار في السياسة التي كانت منتهجة من قبل، معتبرا بأن الحكومة الجزائرية اقتنعت أن مصيرها يجب أن يكون بيدها وحدها، وأنه لا طائل من انتظار الاستثمارات الأجنبية، وأنه من الضروري دعم الشركات المحلية.

واعتبر أن فرنسا لم تمض جديا في تجسيد الاتفاق الخاص بالتعاون في مجال النووي السلمي، موضحا أنه بعد التوقيع على الاتفاق منذ حوالي سنتين، بدأ الطرفان في التفاوض حول كيفية تجسيده، وأن الحكومة الجزائرية كانت تصر على أنها تريد الاكتفاء بشراء التكنولوجيا النووية فقط، وإنما تريد أن يكون هناك تكوين كوادر جزائرية ونقل للتكنولوجيا، وهو الأمر الذي رفضته فرنسا.

وأفاد أن باريس لم "تغفر" أيضا للجزائر عدم هرولتها في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، مشيرا إلى أن تأخر بوتفليقة في الإعلان عن مشاركته في قمة تأسيس الاتحاد في تموز/يوليو 2008 لم يكن مصادفة، وإنما كان أمرا مقصودا، مشددا على أن ساركوزي اقتسم الكعكة مع المصريين ثم جاء يطلب مشاركة الجزائر.

وأكد على أن الجزائر كانت تعلم منذ البداية أن مشروع الاتحاد من أجل المتوسط لن يذهب بعيدا، لذلك لم تنخرط فيه بكامل ثقلها مثلما كانت تريد باريس.

ونفى المصدر نفسه أن تكون الحكومة الجزائرية قد قررت فسخ عقد شركة "سيوز" الفرنسية التي تقوم بتسيير شبكة المياه بالعاصمة، كنوع من رد الفعل على الضربات التي توجهها باريس لبلاده، موضحا أن العقد المبرم مع هذه الشركة لن ينتهي قبل حوالي سنتين، وأنه بعد انتهاء مدة عقد الاستغلال ستقوم الجهات الوصية بتقييم العمل الذي قامت به شركة "سيوز".

وألمح إلى أن الجزائر لن تكون بحاجة إلى تجديد العقد، على اعتبار أن هناك الكثير من الكوادر الجزائريين العاملين في الشركة الفرنسية قادرين على القيام بهذه المهمة حتى في حالة رحيلها، مشددا في المقابل على أن شركة "لامارسييز دي زو" التي منح لها حق استغلال شبكة المياه بولاية "قسنطينة" ( 450 كيلومتر شرق العاصمة) لم تقم بالعمل المنتظر منها، وأن التخلي عن خدماتها مستقبلا وارد.

وعلى جانب آخر قال المصدر ذاته أن قضية الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني الذي تتهمه باريس في تدبير عملية اغتيال المعارض الجزائري علي مسيلي في باريس عام 1987 ستجد طريقها إلى الحل قريبا، وأن الدبلوماسي الذي رفعت عنه الرقابة القضائية جزئيا قبل أشهر سيبرأ نهائيا من التهمة.

واعتبر أن فرنسا كانت تعلم منذ البداية أن الدبلوماسي الجزائري بريء، ولكنها أصرت على اتهامه، كورقة ضغط على الحكومة الجزائرية، وكذا محاولة لإحراج اللواء المتقاعد العربي بلخير الذي كان مديرا لديوان رئيس الجمهورية الأسبق الشاذلي بن جديد عند وقوع عملية اغتيال مسيلي، مؤكدا على أن بلخير الذي كان يعالج بفرنسا اضطر للمغادرة بسبب إثارة هذه القضية.

وأشار إلى أن إعادة فتح ملف مقتل 7 رهبان فرنسيين عام 1996، وتوجيه أصابع الاتهام للجيش الجزائري، سببه صراع فرنسي ـ فرنسي بين أجهزة الأمن والاستخبارات.