رمز الخبر: ۱۷۱۲۳
تأريخ النشر: 10:21 - 02 November 2009
عصرایران - سيشكل مؤتمر الحزب الوطني المصري الحاكم في مصر الذي من المقرر ان تختتم دورة انعقاده السادسة اليوم المحطة التي ستؤرخ رسمياً لترشيح السيد جمال مبارك نجل الرئيس لخلافة والده، ليس لان هذا المؤتمر قرر تصعيده الى موقع الامين العام المساعد فقط، وانما بسبب الطريقة التي خاطب فيها السيد جمال المؤتمر، والتصريحات التي نسبت الى كبار قادة الحزب حول شرعية ترشحه لمنصب الرئاسة دون اي مواربة.

السيد جمال تحدث امام المؤتمر كرئيس قادم، فقد تحدث عن المستقبل، مستقبل مصر، وهمومها الداخلية والخارجية، وكان حديثه موجهاً الى الشعب المصري وليس الى اعضاء الحزب فقط.
اللغة التي استخدمها السيد جمال مبارك جديدة، وخطابه الذي استغرق القاؤه ساعة كاملة، صيغ ايضاً بطريقة مختلفة عن كل الخطابات السابقة، والتصفيق الحار الذي قوبل به كان تصفيقاً لشخص يستعد للقيادة، وتعبيراً عن مبايعة غير محدودة له.

مشاكل الفقراء احتلت مساحة كبيرة من هذا الخطاب، وكذلك الوعود بمواجهتها من خلال سياسة محددة ووعود جازمة، مثل التركيز على الفقراء والارامل والمطلقات واليتامى، مما يعني ان الرئيس المصري المقبل يريد ان ينفي عن نفسه تهمة الانحياز الى القطط السمان، وطبقة رجال الاعمال الفاسدة التي نهبت ثروات البلاد وتصرفت وكأنها فوق كل القوانين مدعومة بحكم الرئيس واجهزته الامنية.

لا نعرف كيف سيتقبل الشعب المصري، وطبقة المسحوقين منه التي تشكل الاغلبية العظمى، مثل هذا التوجه الجديد للسيد جمال مبارك، ولكن ما نعرفه ان الجولات التي قام بها، بترتيب خاص ومدروس، الى بعض القرى، والتجمعات السكانية في ريف مصر لم تحقق ما هو مرجو منها، اي تقريب ابن الرئيس من القاع المصري، واقناع هذا القاع بانه يحس بهمومه، ويتفاعل معها، ويمكن ان يكون الشخص الاصلح لمواجهتها.

السيد جمال مبارك لا يعرف الفقر وربما لم يسمع عنه الا من خلال بعض الصحف والافلام المصرية القديمة، على افتراض انه مستعد لتحمل بعض المناظر المزعجة حول الفقراء في هذه الافلام. فالرجل عاش معظم حياته مرفهاً يلعب بالملايين ان لم يكن بالمليارات، وقضى فترات طويلة في الخارج، خارج مصر، منخرطا في ميدان الاعمال. وحتى عندما يتواجد في مصر، فانه يعيش في مجتمع مختلف، في مصر مختلفة، اندية فخمة يؤمها علية القوم واثرياؤه، واللغات المستخدمة فيها هي اللغات الاجنبية مثل الانكليزية والفرنسية، لان الحديث باللهجة المصرية المحبوبة لدى كل العرب، يمثل عنوان تخلف.

التقرب من الفقراء ومحاولة كسب ودهم، ومغازلة مشاعرهم، ربما تصلح للعناوين الرئيسية لصحف الحكومة ونشرات اخبار محطات تلفزتها، ولكنها قد لا تقرب السيد جمال مبارك من قلوب هؤلاء وافئدتهم، فالمسألة اعمق من ذلك بكثير.

الشعب المصري يئن من استفحال الفساد، وانتشار البطالة، وغياب الحد الادنى من الخدمات الاساسية، وحوادث القطارات والحافلات نتيجة الاهمال، وبات على قناعة راسخة بان التغيير يجب ان لا يكون بالالفاظ، ولا باستبدال الابن بالأب، وانما يجب ان يكون تغييرا شاملا، من القمة الى القاعدة او العكس، تغييرا يطيح بدولة رجال الاعمال الفاسدة، ويأتي باناس يضعون مصلحة مصر وشعبها، وليس مصلحتهم وحساباتهم البنكية، فوق كل الاعتبارات.

ان يتحدث السيد جمال مبارك عن الفقر والفقراء فهذا شيء يشكر له على اي حال، ولكن عليه ان لا يتوقع ان هؤلاء سيتدافعون لمبايعته او انتخابه رئيسا في اي انتخابات نظيفة ونزيهة بعد عام ونصف العام من الآن.