رمز الخبر: ۱۷۲۷۲
تأريخ النشر: 10:19 - 07 November 2009
عصرایران - شهدت الولايات المتحدة أول من أمس، أكبر هجوم على قاعدة عسكرية أميركية من حيث الضحايا، أودى بحياة 12 جنديا ومدنياً في ظرف دقائق.

 وكانت الصدمة واضحة في وزارة الدفاع الأميركية والقوات المسلحة الأميركية على إثر الحادث، لأنه لم يقع في ساحات القتال في العراق أو أفغانستان، بل على أراضٍ أميركية وفي أكبر قاعدة عسكرية محصنة، وكان الجاني جندياً أميركيا يلبس البدلة العسكرية الأميركية.

وفي حدث وصفه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بـ«انفجار شنيع للعنف»، قتل 12 جندياً ومدنياً وأصيب 28 آخرون بعد أن فتح النار الميجور، نضال مالك حسن، النار على رفاقه في قاعدة «فورت هود» في ولاية تكساس.

وعلى الرغم من أن الأسباب وراء الهجوم لم تكن واضحة حتى يوم أمس، تبين أن المتهم الرئيسي هو حسن، طبيب نفسي من أصول فلسطينية ولد في الولايات المتحدة، كان يعارض الحربين في أفغانستان والولايات المتحدة، وكان قد طلب الإعفاء من الجيش، لكن رفض طلبه وحصل على أوامر بالالتحاق بالحرب في أفغانستان.
وتم التركيز على عنصرين في تغطية الحادث يوم أمس في الأوساط السياسية والعسكرية والإعلامية الأميركية، أولا وقوع هجوم بهذا الحجم في قاعدة أميركية على أراضٍ أميركية، وثانيا خلفية المتهم الوحيد في الحادث وأصوله العربية والمسلمة.

وكان هناك إرباك أولي حول تفاصيل الحادث، الذي وقع في الساعة الواحدة والنصف ظهر أول من أمس بتوقيت تكساس (السابعة والنصف مساء بتوقيت غرينتش)، إذ أعلن ناطق باسم الجيش بأن «أكثر من قناص» شارك في الهجوم، وان «المتهم الرئيسي قتل». إلا أنه سرعان ما تبين بأنه لم يكن هناك شريك لحسن في الهجوم، وأنه على الرغم من إطلاق أربع رصاصات عليه، لم يتوف حسن، بل نقل إلى مستشفى مدني، حيث تتم مراقبته.
 وأعلن الكولونيل، ستيف بريفرمان أمس، أن كل الجرحى في وضع مستقر، بما فيهم حسن. ورفض بريفرمان، وهو كان قائداً لحسن في وحدته، حيث كان طبيباً نفسيا يعالج الجنود في القاعدة، الحديث عن المتهم، لكنه اكتفى بالقول: «ليس لنا تقارير حول سوء أداء في عمله، وكانت لديه أوامر للالتحاق بوحدة في أفغانستان».
ويجري مكتب المباحث الفدرالي «إف.بي.آي» تحقيقاً في الحادث الذي هز الولايات المتحدة، بالتعاون مع وزارة الدفاع الأميركية ومعسكر «فورت هود».
 وزار الرئيس الأميركي مستشفى «والتر ريد» للجنود الجرحى الأميركيين شمال واشنطن أمس، ليعبر عن تضامنه مع القوات المسلحة. يذكر أن المتهم حسن كان قد عمل في «والتر ريد» كطبيب نفسي في السابق، قبل أن ينقل إلى «فورد هود».
 وصرح أوباما بأن «الأمر صعب بما فيه الكفاية عندما نفقد هؤلاء الأميركيين الشجعان في القتال في الخارج، لكن من المروع أن يطلق عليهم النار في قاعدة للجيش على تربة أميركية».

وصرح نائب قائد «فورت هود» الكولونيل جون روسي صباح أمس، بأن «التحقيق مستمر، ويبدو أن هناك قاتلاً واحداً وقد أطلق النار عليه، وهناك 13 قتيلاً و28 جريحاً»، لكنه رفض الخوض في الحديث عن المتهم حسن أو خلفيته المسلمة والعربية، ملتزما بأهمية انتظار نتائج التحقيق.

وأضاف روسي في مؤتمر صحافي «أن الدعم من الأجهزة الفدرالية والمحلية استثنائية ونقدرها، الجيش يزود المزيد من الدعم الإنساني واختصاصيين»، موضحا «أن التركيز الآن على 3 جوانب: مساعدة الجرحى، تأمين القاعدة ومساعدة عائلات الضحايا».

وأقر بوجود «تخبط» فور وقوع الحادث وصدور معلومات خاطئة عن مقتل المتهم، لكنه أكد «في كل الأوقات هناك مسيطرون عليه تماما وكنا مخطئين في المعلومات الأولية واحتجنا إلى بعض الوقت للتأكد من المعلومات للإعلان عنها»، موضحاً: «هناك متهم واحد حتى الآن، فقط القناص الوحيد.. ولا توجد لدينا أفكار حول النوايا، فالمحققون يبحثون بذلك». وتبين أن المسلح استخدم سلاحين، لكن لم يتبين إذا كان السلاح من داخل القاعدة أو من خارجها.

ويذكر أن الحادث وقع في منطقة «إدارية» من القاعدة، أي منطقة لا يحمل الجنود السلاح فيها مما أعطى المسلح فرصة إطلاق النار لفترة 3 دقائق قبل أن تصل إليه شرطية تدعى كيمبرلي مانلي وأطلقت النار عليه لتوقفه. وقال اللوتنت جنرال وربرت كون، قائد «فورت هود» أمس، «إن الضابطة دونلي وصلت إلى مكان الحادث خلال 3 دقائق وواجهت المسلح وقد أصيبت، لكنها استطاعت إصابة القناص بـ4 طلقات». وأصيبت مانلي أيضا وتمكث مثل حسن في مستشفى مدني في تكساس في حال مستقر.

ووضعت تعليمات على موقع «فورد هود» الالكتروني للجنود المقيمين في المعسكر، وكانت الأوامر بأن العمل مستمر مع إجراءات أمنية مشددة، مع الإعلان عن يوم أمس كيوم حداد على القاعدة.

ووضع رقم للطوارئ لعائلات الجرحى والضحايا على الموقع. وكان قد وضع حظر لدخول المعسكر والخروج منه فور وقوع الحادث ولم يرفع حتى مساء أول من أمس، لكن بقت إجراءات مشددة على أكبر قاعدة عسكرية أميركية، بالإضافة إلى رفع حالة الإنذار في القواعد الأميركية في كافة أرجاء البلاد.

وبعدما تبين أن القاتل من أصول عربية ومسلمة، سارعت منظمات أميركية عربية ومسلمة في التعبير عن رفضها للحادث وتعزية الجيش الأميركي، بالإضافة إلى التحذير من انتشار الكراهية للأميركيين العرب والمسلمين والتشكيك بولائهم للولايات المتحدة.

وأصدرت «جمعية العرب الأميركيين الوطنيين في الجيش» بيانا حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه جاء فيه «بعد هذه المأساة الفظيعة، من المهم أكثر من أي وقت سابق ألا نكرر أخطاء التشهير والأخطاء الكبيرة التي حدثت بعد مآسٍ سابقة، جمعية العرب- الأميركيين الوطنيين في الجيش تطالب الإعلام والمسؤولين الحكوميين وكل الأميركيين بالإقرار أن تصرفات حسن هي تصرفات قاتل مجنون ولا تعكس بأي شكل المجتمع الأميركي – العربي أو الأميركي المسلم».

 يذكر أن هناك حوالي 3500 أميركي من أصول عربية في الجيش الأميركي، بينما عدد المسلمين في الجيش يتراوح بين 10 إلى 20 ألف جندي. وأصدر «مجلس قضايا المسلمين الأميركيين في القوات المسلحة» بياناً مشابها، يعزي جنود «فورد هود». وقالت الجمعية «إن الإسلام يعتبر الهجوم على الأبرياء خطيئة كبيرة»، مضيفة «أن هذا العمل الإجرامي يجب التعامل معه من خلال تطبيق القانون».

وعقد «مجلس العلاقات الأميركية – الإسلامية» مؤتمرا صحافياً مساء أول من أمس للتعبير عن رفض المنظمة الإسلامية للاعتداء وإدانته.

وقالت المنظمة إنه «لا توجد عقيدة دينية أو سياسية يمكن أن تبرر مثل هذا العنف الوحشي»، مضيفة «أن المسلمين الأميركيين يقفون مع المواطنين في الدعاء للضحايا وتقديم تعازينا الحقيقية لعائلات المقتولين والجرحى». ولم تكن الأصوات العربية والمسلمة وحدها في التحذير من تأثير الهجوم في «فورد هود» على المسلمين، فوزع الحاخام اليهودي آرثر واسكو، من «مركز شالوم» الداعي للسلام في الولايات المتحدة، بياناً يدعو فيه للنظر إلى الحادثة على أنها دلالة لرفض بعض الأميركيين للحرب في أفغانستان، ومطالباً بوقف الحرب و«التخلي عن الجهد الذي يدمرنا لفرض الديمقراطية من خلال طائرات برديتور» الحربية. وأضاف أنه في حال أوقفت الولايات المتحدة الحرب يمكن أن «ينمي الأميركيون علاقة جديدة مع مئات الملايين من المسلمين الذين يريدون تحديد مستقبلهم بأنفسهم بسلام».