رمز الخبر: ۱۷۵۷۷
تأريخ النشر: 11:14 - 16 November 2009
عصرایران ـ القدس العربي ـ أدت الاتهامات التي وجهتها المعارضة الموريتانية للحزب الحاكم والتي أكدت فيها أن الحزب فاز في انتخابات الشيوخ بشراء الذمم وبالترهيب والترغيب، لتفجر حرب بيانات بين الطرفين.

واشتد الأحد الجدل السياسي بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا وتحالف المعارضة الموريتانية الذي يضم الجبهة الوطنية للدفاع عن الديموقراطية بزعامة مسعود ولد بلخير وتكتل القوى الديموقراطية بزعامة أحمد ولد داداه.

فقد أكد الحزب الحاكم في بيان شديد اللهجة أمس "أن المعارضة عاجزة عن تحقيق أي نجاح أو التوفيق في التعامل مع أي فرصة".

واتهم الحزب بالسعي إلى حبس البلاد في دوامة الانتخابات للتغطية على فشلها السياسي.

وذكر بيان الاتحاد من أجل الجمهورية بأن "نتائج انتخابات تجديد ثلث الشيوخ (جرت يوم 8 الجاري)، أظهرت فوزا كاسحا مستحقا غير مسبوق للوائح الحزب في الدوائر التي جرت فيها انتخابات التجديد.. فكانت هذه النتائج مؤكدة أن الشعب الموريتاني خبر بما فيه الكفاية طبيعة بعض قوى المعارضة، ومدى عجزها عن تحقيق أي نجاح، أو التوفيق في التعامل مع أي فرصة تتاح لها مهما كانت الظروف والضمانات، نتيجة انعدام الرؤية الواضحة والتحليل السليم للمعطيات، والبصيرة النافذة ونكران الذات، ونتيجة استعجال النجاح قبل توفر شروطه، مما أوقعها في تناقضات يستغربها العامي ويستهجنها الغِرّ فضلا عن من له أدنى وعي بمفردات السياسة".

وتابع الحزب الحاكم بيانه قائلا "فرغم الظروف الجيدة التي جرت فيها هذه الانتخابات، وما صاحبها من ضمانات بالشفافية المطلقة، والتدابير والإجراءات التي اتخذت لأول مرة، مثل: عدم ترقيم بطاقات التصويت ومنع المستشارين من الدخول بهواتفهم النقالة، فرغم كل ذلك عجزت هذه المعارضة عن نيل ثقة الهيئة الناخبة"ممثلي الشعب"، وبدل الاعتراف بالأخطاء وممارسة النقد الذاتي، نجد هذه المعارضة ترفع صوتها عند كل إخفاق محملة المسؤولية للأغلبية دون مبررات موضوعية ومسوغات مقنعة".

وذكر البيان بما أسماه "التنازلات الكبيرة التي قدمها الرئيس محمد ولد عبد العزيز والأغلبية الداعمة له، قبل الانتخابات الرئاسية الماضية، مما اعتبره البعض انتحارا سياسيا ومغامرة غير محسوبة وتنازلا غير مسبوق.

وعلى الرغم من كل هذه التنازلات التي قصد بها توفير ضمانات تسمو فوق كل الشبهات، ومع تزكية الهيئات الدولية والأجهزة المحلية المعارضة لنتيجة الانتخابات، طلعت علينا المعارضة، بطلب للتحقيق في النتائج مع غياب أي مرتكز من المرتكزات التقليدية التي تبرر المطالبة بالتحقيق وتؤسس لها، فلا توجد أي ملاحظة سلبية لممثلي المعارضة في جميع المكاتب الانتخابية على امتداد التراب الوطني".

واستغرب البيان "مطالبة المعارضة بالتحقيق في النتائج في غياب "أي ملاحظة جوهرية سلبية من المجموعة الدولية، وأي مظهر من مظاهر عدم الشفافية فلا توجد المكاتب المتنقلة ولا طرد لممثلي المعارضة من المكاتب، ولا مضايقة الطوابير بإغلاق المكاتب في وجهها قبل أن تنهي تصويتها، فالمبرر الوحيد للمطالبة بهذا التحقيق هو أن المعارضة التي لم تذق قط طعم النجاح، قد أخفقت هذه المرة أيضا، مما يجعل المراقب يعتبر طلب التحقيق هذا، أمرا عبثيا هدفه إرباك المؤسسات وحبس الدولة في دوامة الانتخابات، وصرفها عن الاضطلاع بدورها في ميادين التنمية والإنتاج واستشراف المستقبل".

وأكد البيان أنه "لو أن التحقيق أجري لبرهن على إخفاق المعارضة، ولطالبت بالتحقيق في التحقيق، ولما لم تجد هذه المعارضة صدى لمطالبتها بالتحقيق لقناعة جميع الجهات ذات الصلة بمن فيهم المعارضة ذاتها بنزاهة وشفافية الانتخابات، بدأت تتحدث عن انتقائية مزعومة في مسيري المال العام، ولو أن معارضتنا تنفعها الأدلة، لقدمنا لها قائمة طويلة من المقربين سياسيا ممن هم في دائرة الموالاة، ومع ذلك تناولتهم إجراءات المساءلة والعقاب ولكن معارضتنا فيما يبدو لا يهمها إلا الإثارة، فلا ترى الإيجابيات ولا تشيد بالإنجازات ولا تؤازر العمل البناء، فالإصلاح الذي كانت تنادي به، أصبحت تنادي بضده باعتباره تجنيا على من أخل بمقتضى مسؤولياته، وبدأت تتدخل في صميم صلاحيات المفتشين وتسلبهم جوهر مسؤولياتهم وهو سلطتهم التقديرية لمن يقدمون أو يؤخرون في عملية تفتيش شاملة لن تستثني أحدا، فلا يمكن بناء الدول بواسطة حماية المفسدين وانتحال المبررات بغية إبعادهم عن المساءلة والعقاب".

وأضاف البيان قائلا "ولو كانت المعارضة تحترم نفسها وتحترم الشعب الموريتاني لما تحدثت عن عدم وفاء الرئيس بالتزاماته، التي أخذ على نفسه الوفاء بها على مدى مأموريته كلها، قبل انقضاء ثلاثة أشهر من انتخابه، وهو ما يزال يعالج مشكلات موروثة من الماضي، ويضع الأساس الضامن للانطلاقة المستقبلية نحو الإصلاح؛ ولو أن المعارضة هي التي كسبت الانتخابات فهل كانت ستحقق الإصلاح الذي تتحدث عنه في مدة كهذه إن صدقت تعهداتها، فهذه المغالطات المكشوفة لا تنطلي على أحد، وليست مطية صالحة لاختصار المسافات نحو الوصول للسلطة، فلتجرب وسيلة أنصع وأنجع لبلوغ ثقة الجماهير".

أما اللغط المثار من طرف المعارضة حول انتخابات الشيوخ الأخيرة، يضيف البيان، فهو الثابت الوحيد الذي عرف في مسيرة هذه المعارضة المتقلبة المواقف إلى حد التناقض، بحيث يصعب على أي مراقب أن يرصد لها سمات ثابتة لا تتغير، غير اللجوء إلى التعويض بإسقاط عوامل الفشل على الآخ-ر كلما أخفقت في كسب رهان انتخابي وطني أو محلي".

وختم الاتحاد من أجل الجمهورية بيانه مجددا تمسكه بـ"الحوار والانفتاح على كل الموريتانيين دون استثناء، فلن يكون لدينا موقف مسبق من أي كان..".

وجاء بيان الرد سريعا من تحالف المعارضة الذي أكد أن "نتائج انتخابات تجديد ثلث مجلس الشيوخ الفئة ( أ) لهذا العام، شكلت صدمة كبيرة للرأي العام الوطني، حيث فاجأته في العديد من الدوائر الانتخابية، إذ استغرب السلوك الممنهج الذي اتبعه النظام القائم وحزبه لكسب رهان هذه الاستحقاقات".

وأوضح التحالف في بيانه "أن النظام الحاكم وحزبه اتبعا سياسة ترغيب وترهيب غير مسبوقة، تجسدت في شراء الذمم على نطاق واسع وبمبالغ مالية وصلت حد الملايين إلى جانب مختلف أنواع التهديد والوعيد بالفصل والمتابعات وغيرها الشيء الذي أدى إلى فوز شبه كامل للحزب الحاكم وحلفائه".

وأكد التحالف "إدانته الشديدة لسلوك النظام في هذه الانتخابات، التي يسعى من خلالها - ضمن إستراتيجية بعيدة الأمد- إلى العودة بالبلاد إلى المربع الأول حيث الحكم الدكتاتوري وهيمنة الحزب الواحد".

وحمل البيان "نظام الرئيس ولد عبد العزيز مسؤولية الخيانات التي حدثت في صفوف مناضليهما جراء ما تعرضوا له من ضغط الإغراءات المادية والتهديد والوعيد ؛ مكرسا بذلك نهج إضعاف الأحزاب بدل تقويتها وإشاعة ثقافة الفساد الأخلاقي- الذي هو أساس الفساد الإداري والمالي- الذي يدعي - زيفا – محاربته".

وأكد التحالف "رفضه الاتهام الذي وجه إليه بالضلوع في هذه الخيانات التي هي مسؤولية أشخاص وليست إرادة أحزاب، لأن ذلك لا يخدم إلا مصلحة النظام الذي يريد شق صفوف التحالف بدل التعامل معهم كشريك ديمقراطي".

وأعلن البيان عن عزم التحالف تشكيل لجنة تحقيق مشتركة، تباشر التحقيق فورا في ملابسات ما جرى، مؤكدا استمرار تحالف المعارضة الاستراتيجي وتماسكه في مواجهة مخططات مخابرات النظام الهادفة إلى تفكيكه وإرساء نظام دكتاتوري لا يخدم إلا مصلحة القائمين عليه".