آل سعود ، خطوتان حتى السقوط!

عصرایران - حسین شریعتمداری*

 

1- التف عدد من الاطفال من اعمار مختلفة ونحيفين وهم يرتدون الدشداشات الباهتة ، حول جنازة ابيهم او امهم او احدى اخواتهم ممن استشهدوا قبل دقائق على اثر الغارات الجوية التي شنتها المقاتلات السعودية وهم يقرأون التعازي ويذرفون الدموع. وباقي منازل منطقة "حيدان" الفقيرة في محافظة صعدة اليمنية تمر بنفس الظروف ، فصوت انين النساء والاطفال الذين نجوا او اصيبوا من الصواريخ والقنابل العنقودية التي اطلقتها الطائرات الحربية لال سعود ، اختلط مع انين الاطفال الرضع الذين فقدوا امهاتهم ولا يعرفون ما حدث. وبين عزاء المفجوعين ، يسمع صوت جملات مثل يا ابوالفضل ... نفديك يا زهراء (س) ... نفديك يا حسين (ع) بصورة متقطعة ... وهذا المشهد لا يدوم كثيرا فبعد ساعة تلقي عدة مقاتلات لجيش ال سعود قنابل عنقودية على منطقة حيدان ... ويبقى حينها تل من التراب والدماء....

ومنذ 10 ايام قبل حيث دخل السعوديون الحرب رسميا ضد الشيعة في صعدة لدعم الحكومة اليمنية ، فان سائر مدن محافظة صعدة تواجه كارثة مماثلة. ففي الرزامات وذات السبيل وشافعة ومران و... فانهم يحرقون جثامين الشهداء بالبنزين ويربطون اجساد الرجال امام اعين اطفالهم بالعربات العسكرية بواسطة الحبال ويجوبون شوارع المدن لكي يكون ذلك عبرة للاخرين. ان حكام ال السعود سفاكي الدماء والعملاء يرتكبون في صعدة نفس الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في غزة وجنوب لبنان وكفر قاسم و... حتى ان الصحفي العربي الشهير فهمي هويدي الذي انتبه الى جزء ضئيل من جرائم الى سعود في صعدة ، يقول "يجب تسمية صعدة بدارفور اليمن" ففي فلسطين هناك الصهاينة وفي صعدة ال سعود.

2- في فبراير 2005 قال صموئيل هنتينغتون الاستراتيجي الامريكي الشهير وصاحب نظرية "صراع الحضارات" والذي تخلص العالم من دنسه قبل اشهر ، قال في ملتقى دولي في نيقوسيا عاصمة قبرص "ان اكثر الدول الرجعية في المنطقة اي العربية السعودية التي لا تقام فيها اي انتخابات ولا يضطلع فيها الناس باي دور في الحكم بل ان اسرة واحدة تحكم هذا البلد الغني على طريقة العصور الوسطى ، تقيم اوثق العلاقات الودية مع اميركا وفي نفس الوقت فان اميركا تناصب الجمهورية الاسلامية العداء ، الجمهورية الاسلامية الايرانية البلد الاكثر ديمقراطية في المنطقة وينتخب برلمانه وحكومته عن طريق اصوات الشعب. اعرف طبعا بان الدبلوماسية الامريكية لا يمكن توضيحها في الرؤية السعودية والايرانية ، وتبدو متناقضة لكن في المستقبل ستكون هناك اخبار ملفتة من السعودية".

وفي تلك الايام قوبلت تصريحات هنتينغتون باحتجاج رسمي من وزارة خارجية ال سعود وجه الى وزارة الخارجية الامريكية وان وكالة انباء يونايتدبرس التي بثت هذا الجزء من تصريحات هنتينغتون قالت في تقرير مقتضب انه قد يكون حدث خطأ في نقل التصريحات!

وبعد عدة اسابيع من وجود اوباما في البيت الابيض ، رفع سيمون هندرسون مسؤول "مؤسسة واشنطن للابحاث" والتي تعد مركزا استخباريا مشتركا ل سي اي اية والبنتاغون وينشط تحت عنوان الدراسات الاستراتيجية في السياسة الخارجية الامريكية ، رفع تقريره في الفصل المتعلق بالعربية السعودية الى اوباما وقال فيه "يتوقع بان يشهد نظام الحكم في السعودية تغيرات وتطورات واسعة خلال السنوات الخمس المقبلة ويرجح بان يحكم عدد من الملوك هذا البلد خلال هذه الفترة". وهذا التقرير رغم انه لم يشر الى تصريحات صموئيل هنتينغتون التي ادلى بها قبل اربع سنوات في نيقوسيا الا ان بعض اجزائه يمكن ان تشكل توضيحا لتصريحات هنتينغتون. فثمة ثلاثة عوامل رئيسية وردت في شرح اسباب الهشاشة التي تؤدي الى السقوط المحتمل لنظام حكم ال سعود ، وهذه العوامل الثلاثة التي وردت في التقرير المذكور هي :


اولا : تاسيس الجمهورية الاسلامية في ايران التي على الرغم من مواجهة اميركا لها على مدى 30 عاما اتخذت خطوات جبارة في المجالات التكنولوجية والاقتدار الاقليمي وان اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية فيها اثار رغبة الشعب السعودية خاصة الشبان والدارسين بان يكون لديهم بلد ديمقراطي يشاركون فيه في ادارة شؤونه. يذكر انه جاء في هذا الجزء من التقرير ان الشبان السعوديين ومقارنة بشبان سائر الدول يصابون بالاكتئاب واحيانا الخجل بسبب ان اسرة واحدة تتحكم بمصائرهم ولا يضطلع الشعب باي دور في تقرير مصيرهم.

ثانيا : وورد في التقرير المذكور الثروة الطائلة والاسطورية للامراء السعوديين الى جانب الفقر المدقع للعديد من الناس في السعودية خاصة الشيعة والسنة غير الوهابيين كعامل ثاني واضاف انه على الرغم من ان الحكومة السعودية خصصت خلال السنوات الاخيرة ميزانية لتوفير الرفاهية والسكن للشرائح المحدودة الدخل الا ان الدراسات الميدانية اظهرت بان هذه الاجراءات لم تحقق نجاحا يذكر في كسب رضا هؤلاء.

ثالثا : ان الاتصال الوثيق بين ال سعود واميركا والمواقف العديمة التاثير وفي العديد من الحالات المتسمة بالدعم السعودي لاسرائيل ونظرا الى الكراهية التي تكنها الشعوب الاسلامية لاسرائيل ، جعلت الحكام السعوديين باعتبارهم – خادم الحرمين – يواجهون اسئلة محرجة. وقد تصاعدت هذه الاحتجاجات خاصة بعد حرب ال33 يوما في لبنان و حرب ال22 يوما في غزة ، في حين ان ايران المنافس القوي للسعودية استطاعت من خلال تقديم الدعم الواسع لحزب الله وحماس وارسال الاسلحة -!!- والمساعدات الدوائية والغذائية الى ارهابيين مثل حزب الله وحماس! - الاسم الذي يليق اميركا واسرائيل والسعوديين – استطاعت ان تثير استحسان واشادة المسلمين تجاهها.

3- ان القرير المذكور والعديد من الشواهد الاخرى التي لا يسع ان نتطرق اليها هنا ، تظهر بان عمر حكم ال سعود قد شارف على نهايته واذا كانت اميركا ترغب – وهي راغبة – لكنها لا تستطيع الحد من هذا السقوط. لذلك فانه يبدو بان اميركا ومن خلال دفع السعودية الى خوض القتال ضد الشيعة في صعدة ، تتابع هدفين منفصلين. فمن جهة تقويض مقاومة الحوثيين من خلال ابادت شيعة صعدة الذين يحظون بدعم حركات المقاومة الاسلامية – سواء الشيعية او السنية – ومن جهة اخرى استخدام حكم ال سعود الذي يشارف على نهايته وتحول الى ورقة محروقة كاداة لمواجهة النهضة الاسلامية في صعدة.

4- وعلى الرغم من مزاعم وسائل الاعلام الغربية والصحف والقنوات الفضائية السعودية ، فانه منذ شن الغارات الجوية والبرية – ومنذ يوم امس الحصار البحري – السعودية ضد المقاومة الاسلامية في صعدة ، فان المقاومة مستمرة بقوة والحقت خسائر كبيرة بالمعتدين والمترفين من ال سعود. ان الغارات الجوية والبرية للجيش السعودي ضد الناس العزل في المدن والقرى والجرائم الوحشية ضد النساء والاطفال ، تهدف الى بث الرعب اضافة الى انها مؤشر على الاخفاق في مواجهة رجال المقاومة، حتى ان العديد من المحللين الاقليميين والدوليين قارنوا نتائج هذه الحملات الوحشية مع نتائج الهجوم الوحشي الصهيوني على لبنان وغزة وهي تمهد من الان لهزيمة ال سعود.