رمز الخبر: ۱۸۱۹۸
تأريخ النشر: 13:21 - 02 December 2009
عصرایران ـ تعميم مجلس الوزراء الاردني بخصوص حظر نقل دفاتر العائلة وسجلات الاحوال المدنية قبل الانتهاء من اعداد قانون الانتخاب الجديد لا يعني فقط ان الحكومة تتجه بسرعة نحو اجراءات الاستعداد لانتخابات عامة مبكرة في البلاد.

بل يعني ايضا ان التوجيهات العليا هذه المرة تطال التفاصيل الاجرائية والحيثيات التي كانت سببا في اسوأ انتخابات برلمانية شهدتها المملكة انتهت بقرار حل البرلمان منذ اسبوعين. والاصرار على تجميد نقل السجلات المدنية الى ان تنتهي ورشة صياغة تعديلات قانون الانتخاب الجديد خطوة مقصودة لاظهار الشفافية مسبقا فواحدة من ابرز مظاهر الانتخابات السابقة كانت نقل السجلات وشراء الاصوات بعد عمليات النقل، لكن الخطوة الحكومية مؤشر على الرغبة في حرمان اثرياء الانتخابات من شراء الاصوات وفي ابقاء الناخبين في دوائرهم الانتخابية.

ومستوى التسارع في التجهيز للانتخابات دخل كعنصر لافت في المشهد السياسي والوطني فخلال ساعات يفترض ان تتشكل لجنة وزارية عليا هدفها الاعداد للنسخة الجديدة من قانون الانتخاب وسط نقاش يومي تشهده الساحة بعنوان المضامين والدلالات السياسية للتعديلات التي يدرسها مطبخ الدولة.

وحتى الآن تؤكد مصادر "القدس العربي" عدم التوصل بعد لوصفات انتخابية محددة لكن المؤسسات المرجعية حسمت امرها فيما يبدو باتجاه الاستعداد فورا ودون تباطؤ للانتخابات المبكرة المقبلة، الامر الذي يعني توفر الارادة لتنظيم الانتخابات في اسرع وقت ممكن وخلال الاشهر الاربعة او الستة المقبلة على ابعد تقدير، مما يعكس السعي لاظهار خطوة حل البرلمان كحلقة استراتيجية ذات بعد اصلاحي هدفها امتصاص النقمة الشعبية من اداء مجلس النواب السابق وازالة الالتباس عن شرعية التجربة البرلمانية.

والتقديرات التي تتداولها نخب قنوات القرار الضيقة تتحدث عن التوصل فعلا لقناعات ومبادىء محددة يفترض ان تترجمها اللجنة الوزارية المشكلة الى نصوص قانونية وبدون الاسترسال في حوارات صاخبة غير منتجة وانطلاقا من وحي المبادئ الانتخابية التي حددتها لجنة الاجندة الوطنية الشهيرة التي ترأسها وزير البلاط الاسبق الدكتور مروان المعشر.

ومن المرجح ان ثمة توافقات في مستويات القرار العليا برزت خلال الاسابيع القليلة الماضية وساهمت في تغيير قواعد اللعبة وحل البرلمان قبل وقته الدستوري بعامين تفاعلا مع ترتيبات داخلية اولا وتجاوبا مع ترتيبات اقليمية لا يعلم ابعادها الا اصحاب القرار المركزي.

وتتعلق هذه التوافقات بقرار سياسي باجراء انتخابات مبكرة فعلا وتجنب المماطلة في التنظيم مما يفسر دخول البلاد السريع وخلال ايام فقط بالمزاج الانتخابي، وتتعلق كذلك بالسعي لتدشين خطة اللامركزية في المحافظات قبل الانتخابات العامة.

ومن الواضح مبكرا ان تقسيمات الدوائر الانتخابية لن تبقى في وضعها الحالي وستتغير بحيث تراعي الاهداف الابعد للانتخابات، ومن المتوقع ان يؤخذ بالاعتبار قليلا ونسبيا مبدأ الربط بين الكثافة السكانية في المنطقة الانتخابية وحصتها من كراسي التمثيل البرلماني وان التفكير جدي جدا هذه المرة بتخصيص صوتين للمواطن بدلا من الصوت الواحد الاول للدائرة والثاني للوطن على اساس كتل وبرامج سياسية معلنة.

ومطبخ القرار مشغول جدا بضمان انتخابات نظيفة قدر الامكان مما يعني ان منظومة خاصة لاجراءات النزاهة ستقررها اللجنة الوزارية المكلفة بعد تشكيلها. ويعتقد حسبما يتسرب من معطيات ومعلومات ان تقسيمات الدوائر متجهة نحو خارطة جديدة قوامها 80 دائرة انتخابية على الاقل مقابل كرسي واحد لكل دائرة مع تخصيص حصة من هذه الدوائر للقوائم النسبية الوطنية.

كما يعتقد ان سلطات القضاء سيتعزز دورها في الاشراف على مجريات العملية الانتخابية وان مطبخ القرار يتفحص الافكار حول تأسيس مفوضية عليا لشؤون الانتخابات تكمل حلقات منظومة النزاهة كما يدرس آليات للسماح بوجود عين لمراقبة الاجراءات من شخصيات موثوقة في الداخل والخارج لتحقيق قبول اقليمي ودولي.

وليس سرا ان التعليمات المتداولة حتى الآن تتحدث عن انتخابات اكثر عدالة هذه المرة واكثر مشاركة مع تمثيل اكبر للفئات الاجتماعية التي يعتقد دائما انها خارج السياق لاسباب سياسية مفهومة.

ويعني ذلك ببساطة ان الخطوات والاجراءات التي تتخذها الحكومة او ستتخذها لاحقا تنطوي على اعتراف ضمني من قبل مؤسسات القرار بأن الصفحات الانتخابية السابقة لم تكن عادلة ولم تكن شفافة، ولا تمثل جميع المواطنين وتنقصها منظومات النزاهة.