رمز الخبر: ۱۸۳۴۱
تأريخ النشر: 08:37 - 07 December 2009
عصرایران ـ وکالات ـ بعد توجه نحو الانفراج بحل عبر التراضي، تطورت الأحد قضية ثلاثة رجال اعمال موريتانيين من أقارب الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، نحو التأزم والتعقد وبدات تأخذ أبعادا سياسية.

وتمثل ذلك في إيداعهم السجن بأمر من النيابة وبإصدار أمر نيابي بمصادرة ممتلكاتهم لحملهم على إعادة الأموال التي قدمتها إليهم الحكومة عام 2003 (في عهد ولد االطايع) دعما لأنشطتهم في مجال الزراعة. لكن نظام الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز يعتبرها أموالا منهوبة مشددا على استعادتها بأصولها وفوائدها.

وأكدت هيئة الدفاع عن رجال الأعمال المعتقلين، وهم الشريف ولد عبد الله رئيس بنك الوفاء، ومحمد ولد انويقظ، رئيس البنك الوطني، وعبده ولد محمد مورد أدوية، في بيان وزع أمس الأحد أن النيابة العامة والبنك المركزي الموريتاني خرقا الاتفاق الموقع مع المشمولين بالقضية.

وأشار البيان إلى أن البنك المركزي يطالب رجال الأعمال بتسديد تعويضات جزئية من خسائر لحقت بالفاعلين الاقتصاديين في القطاع الزراعي.
وأضافت هيئـة الدفـاع أن رجـال الأعمـال الثلاثة موجودون في حجز مؤقت غير قانوني.

وأوضحت أن اشريف ولد عبد الله وعبدو ولد محم و محمد ولد انويقظ تم وضعهم الحجز المؤقت على ذمة التحقيق بعد تلقي شركات تابعة لمجموعاتهم لتسديدات من الدولة تمثل تعويضا جزئيا عن الخسائر التي لحقت بهؤلاء الفاعلين الاقتصاديين في القطاع الزراعي، وذلك استجابة لطلبهم الموجه إلى وزير التنمية الريفية بهذا الخصوص، حسب بيان الدفاع.

وأضاف البيان أن هـذا التسديد الأولي يمثل الخسائر المتعلقة بشراء محصول أرز "بادي"، أما الخسائر الأخرى المتعلقة بالنشاطات الزراعية فقد تعهدت الدولة بأن تكون موضوع تحمل سيحدده الأطراف فيما بعـد، حسب البيان.

وأضاف البيان قائلا "ورغم وضوح معطيات هذه القضية ذات الطابع التجاري البحت ألزم البنك المركزي الموريتاني المعنيين بإرجاع المبالغ الممنوحة لهم حيث تم استدعاؤهم من طرف إدارة محاربة الجرائم الاقتصادية والمالية لتقتادهم أمام وكيل الجمهورية رغم الطابع التجاري للقضية".

وذكرت هيئة الدفاع أنه وفي يوم الأحد 22/11/09 قام وكيل الجمهورية بوضع الأشخاص الثلاثة أمام خيارين: إما المفاوضة مع البنك المركزي حول شروط إرجاع المبالغ، أو إيداعهم في السجن. وقد غادر المعنيون مباشرة مكتب وكيل الجمهورية إلى البنك المركزي لمباشرة المفاوضات مع محافظ البنك المركزي ليتوصلوا في يوم الأربعاء 25/11/09 إلى الاتفاق ينص على دفع على أقساط تبدأ الآن وتنتهي العام المقبل وبعده، لكن البنك تراجع عن الاتفاق بعد أسبوع من إبرامه.

وتابع البيان قائلا "تبعـا للاتصالات المختلفة وافق البنك المركزي على الرجوع إلى الاتفاق المبدئي (ليوم 25/11/09) ليلزم موكلينا بالاحترام التام للأقساط المتفق عليها بتسديد القسط الأول يوم الخميس 03/12/09 قبل نهاية الدوام،وتنفيذا للاتفاق قام موكلونا بتسديد القسط الحال بواسطة محولين وشيك تم قبض المبالغ موضوعها من طرف البنك المركزي يوم 03/12/09 على تمام الساعة الحادية عشر وأربعين دقيق، غير أنهم فوجئوا باستدعائهم من جديد في نفس اليوم عند الساعة الثانية زوالا لدى إدارة الجرائم الاقتصادية والمالية لتقتادهم بالقوة العامة إلى مكاتب وكيل الجمهورية و المدعي العام الذي وضعهم في الحراسة النظرية بنفس الإدارة" .

وواصلت هيئة الدفاع توضيحاتها قائلة "يتضح من ذلك أن كل الإجراءات المتخذة من طرف النيابة العامة تشكل خرقا سافرا للإجراءات المعمول بها وبصفة خاصة عدم احترام حقهم المقدس في الدفاع بسبب حرمانهم من محاميهم في الوقت الذي لا يوجدون فيه موضع متابعة قضائية ولا تعدو فيه القضية كونها قضية تجارية لا تكتسي أي طابع جزائي" .

وخلصت هيئة الدفاع لتؤكد في بيانها الى أن المعنيين "اتفقوا مع محافظ البنك المركزي الموريتاني على ترتيبات الاتفاق المحدد لكيفية وشروط استرجاع المبالغ وقبل بالفعل تنفيذه إثـر تسلمه للمبالغ الحالة، إلا أنه تراجع عن تعهده خرقا للالتزامات المتفق عليها،كما أن النيابة العامة خرقت المبادئ الأساسية للإجراءات و حقوق الدفاع مفضلة اتباع أسلوب الترهيب والضغط كوسيلة مستحدثة للمتابعة".

وقال المحامون انه "أمام هذه الوضعية الخطيرة التي تنم عن عدم احترام البنك المركزي الموريتاني لالتزاماته وعـن خرق القانون من طرف النيابة العامة وحجز المواطنين الأبرياء، فإن الدفاع يلجأ إلى السلطات العليا في الوطن ممثلة في شخص رئيس الجمهورية ليطالب بتحكيمه وتدخله من أجل تصحيح هذه الخروقات الخطيرة على مصداقية الدولة وعلى المساطر القضائية من أجل حماية قوة القانون والحريات الفردية للمواطنين".

وطالبت هيئة الدفاع بأمور منها إنهاء الحجز المؤقت "التعسفي لمواطنين أبرياء وتنفيذ مقتضيات الاتفاق المصادق عليه مع البنك المركزي الموريتاني" .

هذا وأدت الاجراءات المتخذة بحق رجال الأعمال الثلاثة لردود فعل داخل موريتانيا من أبرزها تظاهر أقاربهم احتجاجا على اعتقالهم وهو التظاهر الذي واجهته الشرطة بقمع شديد.

مواقف حزبية

وفي نفس السياق اتهمت تسعة أحزاب موريتانية معارضة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بالإقدام على احتجاز عدد من رجال الأعمال "كرهائن". وأوضح بيان وزعه تكتل القوى الديمقراطية وأحزاب الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية أن هذه الخطوة تمثل مرحلة "مقلقة" من استخدام محاربة الرشوة لتصفية الخصوم السياسيين.

وأضاف البيان" أن السبب الوحيد لاعتقال رجال الأعمال هو دعمهم مرشحا غير ولد عبد العزيز خلال انتخابات 18 تموز/يوليو 2009، مشيرة إلى أن الأمر يأتي في وقت تواجه فيه قوات الأمن "تحديات كبيرة" وعلى نحو خاص اختطاف مواطنين من بلد جار وصديق جاؤوا إلى موريتانيا في مهمة إنسانية، في إشارة إلى قضية الرعايا الأسبان.

وأكدت الأحزاب الموقعة على البيان أن تطهير الاقتصاد الوطني وإضفاء الأخلاق على تسيير الأمور العامة يظل أحد مطالبها ويمثل تطلعا مشروعا لدى الشعب الموريتاني، بيد أنها حذرت من أن كل سياسة بهذا الاتجاه "مصيرها الفشل ما لم تكن ثمرة لتعاون كافة القوى الحية وما لم تكن ترجمة للخيار الوطني الواعي والمسؤول والمتشاور عليه" حسب البيان.

واعتبرت الأحزاب أن كل جهد لمحاربة الرشوة لن يكون "ذا مصداقية" في غياب إلقاء الضوء على الفترة الانتقالية التي قادها ولد عبد العزيز، مشيرة إلى أن محاربة الفساد العائد إلى ما قبل 2005 لا يمكن أن تتم في غياب إطار شفاف متشاور عليه ومتوافق مع القوانين والنظم السارية.

وحذرت الأحزاب السلطات من مغبة نتائج سياستها "الانتقائية" الأقرب إلى سياسة تصفية حسابات لا قيمة لها سوى أنها تشكل تهديدا خطيرا على الاقتصاد الوطني وعلى مصداقية الدولة واستقرار البلاد، حسب ما جاء في البيان.

ودعت المعارضة الرأي العام الوطني والدولي إلى وضع "السياسة الديماغوجية" التي ينتهجها ولد عبد العزيز في موضعها الصحيح وتأييد مقترح المعارضة من أجل تجنيب موريتانيا الوقوع في الفوضى التي بات شبحها يخيم على موريتانيا".