رمز الخبر: ۱۸۹۷۶
تأريخ النشر: 08:13 - 23 December 2009
ان سلسلة تقارير المنظمات الدولية لتحطيم جدار التستر السعودي ، اعدت للفت انتباه العالم الى الانتهاك المنظم لحقوق الانسان في السعودية ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ، كيف ان السعوديين بقوا بمأمن من التحديات؟ ان العلاقات والصفقات الاقتصادية والنفطية السعودية مع اميركا والقوى الغربية حالت دون ان يتحمل السعوديون مسؤولية ادائهم.
عصر ايران – نشرت في الايام الاخيرة تقارير عدة منظمات دولية حول حقوق الانسان في السعودية. وتتضمن هذه التقارير نقاطا يجب التوقف عندها حول الاوضاع الاجتماعية والسياسية للسعودية وتعرض لاول مرة صورة عن الوضع المؤسف للشيعة في هذا البلد.

واعلن مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بوصفه ارفع مرجع دولي ، في تقرير بان الشيعة السعوديين يتمتعون باقل قدر من الحريات الدينية كما اعتبر السعودية بانها من اكثر الدول المنتهكة للحريات الدينية وحقوق المراة في العالم. وبعد هذا التقرير نشرت منظمة راصد حقوق الانسان بحثا عن اداء الحكومة السعودية في المناطق التي يقطنها الشيعة وذكرت بان الشيعة بوصفهم اكبر اقلية دينية في شبه الجزيرة يواجهون اكثر التضييقات والقيود. وصرح راصد حقوق الانسان بان معظم الشيعة يقطنون المناطق النفطية في السعودية لكنهم يعتبرون من اكثر شرائح المجتمع حرمانا ويحرمون من العديد من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. ان الشيعة في السعودية غير قادرين حتى على القيام بمراسمهم الدينية وقد تم خلال الايام الاخيرة اغلاق اكثر من 10 مساجد وحسينيات لهم.

ان تقارير ومعطيات المنظمات الدولية تظهر بانه بعد اندلاع الحرب في اليمن ، اتخذ الامراء السعوديون قرارات وقوانين قاسية ضد الشيعة في هذا البلد.

فالشيعة يشكلون نحو 15 بالمائة من سكان السعودية البالغ عددهم 22 مليون نسمة ( وفقا للتعداد العام الذي اجرته الحكومة السعودية عام 2004 ) فيما تؤكد بعض المصادر ان الشيعة يشكلون مالا يقل عن 30 بالمائة من مجمل سكان السعودية. ويقطن الشيعة المناطق الشرقية (وتضم محافظات الاحساء وحتى القطيف) وامتداد الحدود الجنوبية للسعودية (عسير ونجران). كما ان عددا ملفتا من الشيعة يعيشون في المدينة المنورة وجدة.

ومع ذلك ، فان العدد او "الثقل السكاني" للشيعة ليس وحدة الذي زاد من موقعهم في الساحة السياسية لشبة الجزيرة. بل انهم يعيشون في اهم المختصات الجغرافية والجيوسياسية في شبة الجزيرة. ان اكثر المراكز النفطية السعودية ونقاط التلاقي في هذا البلد مع البحر الاحمر هي مناطق يقطنها الشيعة. ومنذ اندلاع الحرب في اليمن خلال الاشهر الستة الاخيرة طبق السعوديون سياسة مراقبة صارمة في هذه المناطق. فقد تم ايفاد عدة وحدات من الجيش وقوات الامن السعودية الى مناطق نجران وعسير على الحدود مع اليمن وحوالي البحر الاحمر. وقد صرح تقرير منظمة العفو الدولية بان السعوديين يتبعون تصرفا يتسم بالعنف في المناطق الحدودية مع اليمن. ووفقا لهذا التقرير فانه في منطقة نجران التي يقطنها الشيعة الاثنى عشرية والاسماعيلية ، فاضافة الى سيادة الاجواء البوليسية ، تنشط العناصر المتطرفة الوهابية ورجال الدين المتطرفين بصورة واسعة النطاق. فقد تحول ايذاء وازعاج الشيعة الى ممارسة يومية في المناطق الحدودية السعودية.

ان سلسلة تقارير المنظمات الدولية لتحطيم جدار التستر السعودي ، اعدت للفت انتباه العالم الى الانتهاك المنظم لحقوق الانسان في السعودية ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ، كيف ان السعوديين بقوا بمأمن من التحديات؟ ان العلاقات والصفقات الاقتصادية والنفطية السعودية مع اميركا والقوى الغربية حالت دون ان يتحمل السعوديون مسؤولية ادائهم. بحيث تم التاكيد في تقارير المنظمات الدولية بان انتهاك حقوق الانسان على هذا المستوى ان كان قد حصل من قبل اي حكومة لكان يواجه موجة من العقوبات والتوبيخات من جانب الاطراف الغربية لاسيما اميركا ، لكن وبعد نشر هذه التقارير لم تكن هناك ان ردة فعل من جانب الدول الغربية.

ويرى المراقبون بان السعوديين يتمتعون باكبر هامش من الامن بين الدول. وان هذا الهامش الامني وفره الامريكيون ابتداء من بوش وانتهاء باوباما للرياض. وعلى الرغم من السياسة المحافظة للحكومات الاوروبية فان حركات المعارضة السعودية نشطة في الاوساط الغربية ، فعلى سبيل المثال فان نواة مهمة من المعارضة توجد في لندن وتحت قيادة اشخاص مثل حمزة حسن ومحمد المسعري ومحمد ابراهيم وهي تعارض لسنوات النظام السعودي. ان هذه التيارات استطاعت حتى تحدي الصفقات التي يبرمها الغرب مع السعوديين خلال زيارة الملك السعودي وتستفاد من وسائل اعلام غربية قوية لالقاء ضلال من الشك على الاتفاقيات العسكرية السعودية مع بريطانيا.

الا ان العلاقات القديمة للسياسيين السعوديين مع الغرب مبنية على ارادة قوية ، الارادة التي استطاع السعوديون في ظلها الاحتفاظ بتقارير انتهاك حقوق الانسان في الارشيف. ومن بين العديد من المنظمات الدولية التي ترصد حالات انتهاك حقوق الانسان في شبه الجزيرة لم يستطع اي منها لحد الان ضمان اقرار حقوق المراة او النشطاء السياسيين والاقليات الدينية. فعلى سبيل المثال فقد طالب راصد حقوق الانسان في تقريره بشان اجراءات التمييز التي تمارسها الحكومة السعودية ضد الشيعة ، طالب بتشكيل لجان تحقيق لدراسة حالات انتهاك حقوق الشيعة في السعودية. وقد طالب مجلس حقوق الانسان في بيانه رسميا بان تتخذ الحكومة السعودية فورا خطوات باتجاه تحسين هذا الوضع وزيادة الحريات الدينية لاتباع المذاهب المختلفة بمن فيهم الشيعة. وقد الزمت هذه المنظمة حتى الرياض بمنح الشيعة حقهم من حيث المناصب الحكومية لانه لا يوجد حتى وزير او مساعد وزير من الشيعة في هذا البلد. لكن جميع هذه المطالب تحطمت على جدار الاعتبارات السياسية للقوى الكبرى.