رمز الخبر: ۲۰۰۷۸
تأريخ النشر: 09:06 - 25 January 2010
Photo
عصرایران - (رويترز) - في قرية النبي صالح بالضفة الغربية يشعر الفلسطينيون بالاحباط لان محادثات السلام لم تحم أرضهم من التوسع الاستيطاني اليهودي وهم متأهبون ومستعدون لمواجهة الغاز المُسيل للدموع.

هذا هو أحدث مثال على لجوء الفلسطينيين الذين تتدنى ثقتهم في عملية السلام باطراد الى ما يسمونه المقاومة الشعبية وهو تعبير يعنون به الاحتجاجات التي يقول نشطاء ان اسرائيل تتصدى لها بصرامة متزايدة.

ويخشى بعض المراقبين من احتمال ان تتصاعد مثل هذه الاضطرابات الى صراع جديد لكن لا يتوقع الا قلة منهم اندلاع "انتفاضة ثالثة" على غرار اشتباكات الشوارع في الانتفاضة الاولى في الثمانينات أو التفجيرات الانتحارية التي ميزت الانتفاضة الثانية قبل عشر سنوات.

وقال دبلوماسي غربي "الاسرائيليون قلقون لان هذا الاسلوب اذا استخدم على الوجه الصحيح فهو يحوي كل العناصر اللازمة لتشكيل الرأي العام العالمي."

وأضاف "انه خيار للتنفيس عن الضغط لكنه ينطوي بشدة على خطر التصاعد والتحول الى العنف."

واعتمد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي فقدت استراتيجيته التفاوضية قوتها الدافعة فكرة الاحتجاج الشعبي ودعا الى المزيد حتى في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة استئناف المحادثات المتوقفة منذ اكثر من عام.

وفي النبي صالح تتبدى "المقاومة الشعبية" في محاولات اسبوعية يقوم بها عشرات من أبناء القرية للخروج في مسيرات نحو السياج المحيط بالمستوطنة. ويقول أهل القرية ان حاجز الاسلاك الشائكة يتوغل في أرضهم مزيدا من التوغل.

وتقول ايمان التميمي (34 عاما) وهي ام لاربعة ابناء شاركت في احتجاجات أهل القرية على مدار الشهر الماضي "حتى والمفاوضات جارية كان المستوطنون يقيمون سورا على أرضنا."

وأضافت التميمي التي تطل نافذة حجرة المعيشة في بيتها على منازل المستوطنين ذات الأسطح الحمراء على الجانب الآخر من الوادي وبرج للمراقبة للجيش الاسرائيلي "ذهب الناس لجمع الزيتون فقال لهم المستوطنون هذه أرضنا."

وتحولت الاحتجاجات الى مشاجرات بالأيدي مع المستوطنين ومواجهة مع الجيش الاسرائيلي الذي يحتل الضفة الغربية منذ عام 1967.

وأطلق الجنود الاسرائيليون عشرات من عبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين رشقوهم بالحجارة بدورهم. وقال نشطاء ان ستة من أبناء قرية النبي صالح اعتقلوا خلال أحدث احتجاج في القرية.

وحث عباس قيادات حركة فتح على المشاركة. وكان حسين الطيراوي وهو من كبار شخصيات فتح ورئيس المخابرات الفلسطينية السابق من بين المتظاهرين الذين احتجزتهم القوات الاسرائيلية لفترة قصيرة في مظاهرة في الآونة الأخيرة.

ويعد تأييد "المقاومة الشعبية" بالنسبة الى عباس وسيلة لاظهار دعمه لشكل ما من أشكال الكفاح العملي حتى لو لم يكن الكفاخ العسكري الذي تستخدمه حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة وتتهمه بشكل متكرر بالتفريط.

ويقول محللون ان التزام عباس بهذه "المقاومة" يبدو حتى الان تكتيكيا الى حد بعيد ويهدف من بين ما يهدف اليه الى الرد على هذه الانتقادات.

لكن اذا لم تستطع الولايات المتحدة استئناف محادثات السلام قريبا فقد لا يمكن تفادي التعبئة الاوسع نطاقا. وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما الاسبوع الماضي انه أساء تقدير مدى صعوبة إحياء محادثات الشرق الاوسط.

وقال المحلل السياسي هاني المصري انه حين يتراجع الامل في المفاوضات يزيد الامل في خيارات أخرى مضيفا أنه ما دام الخيار العسكري غير مرجح تبقى المقاومة الشعبية هي الخيار الوحيد المتاح.

وكان المجلس الثوري لحركة فتح قد قرر تصعيد ما أطلق عليه "حملة المقاومة الشعبية". غير أن مدى استعداد الفلسطينيين للمشاركة غير واضح.

وقال جورج جياكامان المتخصص في العلوم السياسية بجامعة بيرزيت قرب رام الله "ليس هناك في الوقت الحالي ما يشير بوضوح الى أننا نتحدث عن حركة ضخمة."

واستطرد قائلا "لكن هذه الامور يصعب قياسها... حين اندلعت الانتفاضة الاولى كانت الظروف الاقتصادية أفضل مما هي عليه الان بكثير."

واندلعت الانتفاضة الاولى في الاراضي المحتلة عام 1987. ويتذكرها الناس في الخارج بمشاهد الشبان المسلحين بالحجارة وهم يواجهون الجيش الاسرائيلي.

وتختلف هذه عن الانتفاضة الثانية التي اتسمت بمزيد من النشاط العسكري وبدأت عام 2000 واستمرت عدة سنوات.

وقال فهمي الزعارير القيادي بحركة فتح لرويترز ان الانتفاضة الاولى كانت نموذجا يفخر به كل الفلسطينيين وان هذا النموذج هو القادر على اعادة القضية الفلسطينية الى الخريطة السياسية.

وتضررت صورة اسرائيل في العالم في الانتفاضة الاولى ثم تضررت من جديد من جراء الانتقادات العالمية لحملتها على قطاع غزة قبل عام التي قالت انها قامت بها لوقف الهجمات الصاروخية من القطاع.

كما تركز الانتقاد الدولي على الحصار الذي تفرضه اسرائيل على غزة حيث تسير الاوضاع من سيء الى أسوأ.

وقال جوناثان بولاك المتحدث باسم لجنة تنسيق الكفاح الشعبي ان اسرائيل تريد تجنب المزيد من الانتقادات في الصحف ولهذا تسعى الان الى القضاء على الاحتجاجات في مهدها.

وأضاف "يريدون قمعها الان قبل حدوث ضرر كبير."

ويقول بعض منظمي الاحتجاجات ان القمع اشتد في الشهر الاخير. ويضيفون أنه منذ ديسمبر كانون الاول ألقي القبض على 20 فلسطينيا في قرية نعلين فيما يتصل باحتجاجات على جزء من الجدار والسياج "الجدار الفاصل" الذي تبنيه اسرائيل داخل الضفة الغربية.

وقال مسؤول عسكري اسرائيلي انه لم يحدث تغيير في السياسة المتبعة بشأن المظاهرات وان الجيش لا يمانع في المظاهرات السلمية. وأضاف "المشكلة حين تنحو هذه المظاهرات الى العنف في كل الحالات وبشكل عمدي."