رمز الخبر: ۲۰۱۸۹
تأريخ النشر: 08:20 - 28 January 2010
عصر ايران – تعتبر ايران والسعودية بلدان محوريان في منطقة الشرق الاوسط ومن هذا المنطلق فان العديد من التطورات في هذه المنطقة من العالم ناتجة عن التعامل والمنافسة او النزاع والمواجهة بينهما.

ويمكن الاتيان على ذكر اسباب مختلفة لذلك بدء من الاسباب التاريخية وانتهاء بالاسباب الدينية والايديولوجية وكذلك مجالات المنافسة السياسية والاقتصادية و....

وفي اطار تبيان الظروف الحالية للتنافس الاقليمي بين ايران والسعودية يمكن دراسة الوضع الحالي في 5 مناطق متازمة في المنطقة :

1- فلسطين : من وجهة نظر المصالح الوطنية للجمهورية الاسلامية الايرانية فان دعم القضية الفلسطينية وعدم المساومة مع الكيان الصهيوني يشكل فرضية بديهية في السياسة الخارجية الايرانية.

لكن في المقابل فان الوضع في السعودية يختلف تماما. ان حكام السعودية لا يطبقون ايدلويوجيا خاصة في سياستهم الخارجية وينظرون الى القضية الفلسطينية من منطلق عملي وطبعا تساومي بحت.

لكن هذا لا يعني ان حكام السعودية ليس لديهم اسبابهم لاقناع شعبهم بخصوص التساوم مع الكيان الصهيوني ، فاستطلاعات الراي التي اجريت اخيرا في هذا البلد تشير الى ان ما مجمله 17 بالمائة فقط من الشعب السعودي ليس لديه مشكله لقبول اسرائيل كدولة. ( وقد نشر استطلاع الراي هذا في الموقع الالكتروني ل فارن بوليسي) وان باقي السكان في السعودية يعارضون بشدة القبول باسرائيل كدولة. وواضح انه لو كانت هناك حكومة ديمقراطية في السعودية فان الحكومة السعودية ونظرا الى معارضة الراي العام الشديدة لما كان بامكانها اقحام نفسها في موضوع السلام في الشرق الاوسط. لذلك فان موقف الحكومة السعودية من السلام في الشرق الاوسط ودعم عملية التسوية يعتبر موقفا تساوميا من وجهة نظر الشعب السعودي.

2 – لبنان : وفيما يخص لبنان فالوضع يشبه تماما فلسطين. ففيما تدعم الرياض ائتلاف 14 مارس وبالتحديد سعد الحريري (رئيس وزراء لبنان) فان ايران تدعم حزب الله وحركة امل وبعبارة اخرى ائتلاف 8 مارس.

لذلك وفي اطار السياسة الاقليمية الجديدة للرياض ، فان حكام آل سعود ونظرا الى الدور الحاسم لسورية على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية وكذلك نظرا الى العلاقات الاستراتيجية بين ايران وسورية ، يحاولون اجتذاب بشار الاسد الى محور الرياض – القاهرة لابعاد احدى الاوراق المؤثرة في التطورات الاقليمية من ايران.

ان الزيارات الاخيرة لملك السعودية الى دمشق وكذلك زيارة بشار الاسد الاخيرة الى الرياض تمت في اطار هذا السيناريو على وجه الدقة. لذلك فان الخطوة اللاحقة لسورية في هذا التوازن الاقليمي بين طهران والرياض ستكون مؤثرة الى حد كبير في نتيجة التنافس الاقليمي بين طهران والرياض.

3- والمنطقة الاخرى للمواجهة بين طهران والرياض هي اليمن. وطبعا فان اليمن انضم خلال الاشهر الاخيرة الى احد اضلاع المعادلات الاقليمية. وتزعم الرياض بان ايران تدعم الميليشيات الزيدية الانفصالية في شمال اليمن وفي المقابل تتهم طهران ، الرياض بقمع الشيعة الزيدية في اليمن.

ان الصراع الدائر في اليمن ، يمكن اعتباره صراعا اندلع في الحديقة الخلفية للسعودية وان حكام ال سعود يحاولون تحميل ايران مسؤولية هذا الصراع. ان الوضع في اليمن يمكن اعتباره مرتبطا بنوع ما مع النار التي اشعلتها السعودية في الحديقة الخلفية لايران الامر الذي سنتناوله في الفقرة الرابعة من هذا المقال.

4- افغانستان وعودة طالبان : لا يخفى على احد دور السعودية في الازمة الافغانية والدعم السعودي الى جانب بعض كبار ضباط الاستخبارات الباكستانية لمجموعة طالبان .
لقد لعبت السعودية دورا كبيرا اثناء توغل طالبان في افغانستان بعد انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي السابق من افغانستان. وتم متابعة هذا الدور الى جانب الامارات العربية المتحدة وفي الحقيقة بمساعدة ودعم جهاز الاستخبارات الباكستاني في توغل طالبان لتسلم السلطة في ارجاء افغانستان في خلال اعوام عقد 1990.

واعتبارا من عام 1996 وما بعده اطلقت طالبان شعار انهاء الحرب وبسطت نفوذها شيئا فشيئا في ارجاء افغانستان، وانتقلت الى جبهة الشمال (المدعومة من ايران) وهاجمت مزار شريف وقامت في اول اجراء انتقامي من ايران ، بقتل الدبلوماسيين الايرانيين في القنصلية الايرانية في مدينة مزار شريف.

ان هذا الاجراء كان بمثابة مؤشر مشؤوم على نوايا مجموعة متحجرة وسلفية اتخذ ضد ايران واظهر بان ثمة ايد تقف وراء هذا الاجراء لزعزعة الامن على الحدود الشرقية لايران والتعرض للمصالح الاستراتيجية الايرانية في هذه المنطقة.

ان تشكيل حكومة طالبان على الحدود الشرقية لايران ، كان مشروعا صمم (حسب الوثائق والادلة الدامغة) من جهة على يد الرياض استهدف نقل عناصر القاعدة الى افغانستان ، وتصدير الاصولية السلفية – السنية الى الحديقة الخلفية لايران وايجاد تهديد وتحد للامن القومي للجمهورية الاسلامية الايرانية لكي يتم استخدامه في التنافس الاقليمي السعودي والامريكي مع ايران.

وبعد مضي اكثر من 8 اعوام على الهجوم الامريكي على افغانستان وسقوط طالبان ، فان السلطات السعودية اخذت تفكر مرة اخرى بالتدخل في الشؤون الداخلية الافغانية بحيث تابعت الرياض منذ العام الماضي ولحد الان بجدية مشروع اعادة طالبان الى السلطة وازاحة العناصر القريبة من ايران من السلطة في كابل.

لقد اعتمدت سلطات الرياض نشاط وتواجد الاصوليين السلفيين – السنيين وكذلك الوهابيين على الحدود الشرقية لايران كاستراتيجية في سياستها الاقليمية وانطلاقا من ذلك اعتبرت تصعيد الوضع الامني في اليمن كرد من جانب طهران على مغامراتها هذه في شرق ايران. (ذلك الترابط الذي اشرنا اليه حول اليمن).

5- العراق : لم يكن خافيا على احد بان الدعم الذي قدمته الرياض لبغداد خلال الحرب التي فرضها نظام صدام على ايران ، كانت بمثابة ردة فعل على شعور الرياض بالتهديد من جانب الثورة الاسلامية الفتية.

لكن الهجوم الامريكي على العراق والاطاحة بصدام ، ورغم انه اطاح بحكومة خطرة بالنسبة للرياض ، الا ان نتيجة هذا الهجوم لم تكن مرضية بالنسبة للرياض لان اغلبية الشيعة في العراق تسلمت زمام الامور فيه.

ان سياسة الحكومة السعودية في العراق كانت حتى عام 2008 سياسة انفعالية تقريبا. ان السعودية ومن خلال مقاطعة المجموعات السنية العراقية لانتخابات عام 2005 لم تدخل في صلب الموضوع وشعرت بانه يمكن من خلال ازالة الشرعية عن الحكومة الشيعية في بغداد عن طرق مقاطعة الانتخابات ، دفع العواصم العربية الاخرى الى اتباع نهجها واستطاعت الى حد ما النجاح في تحقيق هدفها الثاني وهو منع الدول العربية من تمتين علاقاتها مع بغداد وعدم استئناف العلاقات الدبلوماسية والقنصلة مع العراق ، لكنها لم تنجح في تحقيق هدفها الاول وهو المساس بشرعية حكومة المالكي.

ولم تسفر هذه السياسة عن نتيجة للرياض لذلك فان السعوديين وفي هذه المرحلة من الانتخابات العراقية المقررة في 7 مارس قرروا التدخل بشكل فاعل واعطوا مئات الملايين من الدولارات للاحزاب والمجموعات السنية المقربة منها وكذلك العناصر البعثية لتنشيطها واحيائها في العراق.

وفي ظل هذا المشروع فانه يبدو انه في حال فشلت الرياض في تطبيقه في العراق ، فانها ستسلك طرقا اخرى للتواجد في العراق مثل زعزعة الامن في العراق والعمل على تقسيمه وتشكيل حكومة سنية في مركز العراق وهو المشروع الذي يبدو ان له انصارا في داخل الهيئة الحاكمة في اميركا مثل نائب الرئيس الامريكي جو بايدن وحتى ان بايدن قدم عام 2007 مشروعا بهذا المضمون الى الكونغرس الامريكي.