تعد منطقة آذربايجان العامة بشطريها الغربي والشرقي (شمال غرب ايران) واحدة من هذه المناطق الكثيرة المنتشرة على إمتداد هذا البلد. إن الطبيعة الخلابة الرائعة الجمال بجبالها التي تناطح السماء وسهولها الفسيحة الخصبة الخضراء والأنهار التي تجري فيها.
عصرایران - تنتشر على إمتداد الأرض الإيرانية الواسعة المترامية الأطراف قرى صغيرة مجهولة لكنها تعد بمثابة الذاكرة التي تحفظ في طياتها معالم خالدة من التراث الثقافي الإيراني العريق.
لقد أصبح السفر الى الأماكن المجهولة تحت مسميات كالسياحة القروية أحد أبرز الفروع في قطاع السياحة اليوم. إن الحاجة للإسترخاء والراحة بعيداً عن ضجيج وصخب الحياة العصرية في المدن الكبرى هي من أهم العوامل التي تدفع الناس للسفر إلى القرى البعيدة والنائية.
تعد منطقة آذربايجان العامة بشطريها الغربي والشرقي (شمال غرب ايران) واحدة من هذه المناطق الكثيرة المنتشرة على إمتداد هذا البلد.
إن الطبيعة الخلابة الرائعة الجمال بجبالها التي تناطح السماء وسهولها الفسيحة الخصبة الخضراء والأنهار التي تجري فيها، وكروم العنب والمزارع المثمرة، فضلاً عن التنوع المناخي كانت عوامل جعلت من هذه المنطقة واحدة من أكثر المحافظات جذابية في غرب ايران.
تعد قرية (تازه كند نصرت آباد) التابعة لمدينة تكاب في محافظة آذربايجان الغربية نموذجاً بارزاً لتلك القرى. تقع هذه القرية في منطقة جبلية باردة المناخ نسبياً ونصف جافة، بعض سكانها شيعة والبعض الآخر سنة شافعيون، واللغات التي يتكلم بها سكان هذه المنطقة اضافة الى الفارسية هي التركية الآذرية والكردية. وتضم هذه القرية إلى جانب طبيعتها الخلابة واحداً من أهم الآثار التاريخية في البلاد وهو (تخت سليمان).
إن الأهمية التاريخية لهذا الأثر تكمن في أنه استناداً الى الآثار التي عثر عليها خلال التنقيبات الأثرية في هذا الموقع وتطبيقها مع ما هو موجود من النصوص التاريخية فإن تخت سليمان كان يوجد فيه واحد من أهم ثلاثة معابد للنار (أو آتشكده كما تسمى بالفارسية) في العهد الساساني وهو معبد (آذركشسب Azargoshasb) وكان وجود هذا المعبد هو السبب الذي دفع الملك الساساني خسرو برويز إلى تشييد قصره في هذا المكان.
يقع تخت سليمان ومجموعة الآثار التاريخية التي يضمها وسط حصن بيضي الشكل يحتوي في داخله على مربعين مختلفين من حيث المركز ومتحدين في محورهما. وهناك بحيرة و(آتشكده) في مركز المربع الجنوبي.وكان يوجد في الناحية الشمالية الغربية من البحيرة إيوان رائع يسمى (إيوان خسرو) لم يبق منه الآن سوى بعض الخرائب.
وهناك مبنى في هذا الإيوان ينسب إلى الملك خسرو برويز يعتقد بأنه المكان الذي كان ينام فيه. كما يوجد في الناحية الجنوبية الغربية خارج تخت سليمان تمثال صخري طوله 300 متر وإرتفاعه 9 أمتار يطلق عليه الأهالي إسم (إجدهاي سنكي) أي التنين الصخري. كما يوجد بالقرب من هذه المجموعة معلم غامض آخر يسمى (زندان سليمان = سجن سليمان) يشتمل على بقايا لمعبد يعود تاريخه إلى عصور ماقبل التاريخ وعصر الماديين.
وهناك أيضاً بركان خامد في المنطقة المحيطة بالقرية يبلغ إرتفاعه وقطر دائرة فوهته 150 متراً أما عمقه فهو 70 متراً، كما توجد عينان إحداهما تتدفق منها مياه حارة على شكل نافورة وأخرى تنبع منها مياه باردة، حيث تشكل هاتان العينان منظراً جميلاً وساحراً.
تعرض (تخت سليمان) للدمار أثناء الغزو الذي قام به هرقل عام 624 ميلادية. وبعد أن جاء أباقاخان - وهو إبن أخ هولاكو خان – الى الحكم وإعتنق الإسلام أمر ببناء مسجد على أنقاض (تخت سليمان) وفعلاً تم ذلك خلال الفترة بين الأعوام 663 و680، لكن هذا المسجد لم يتبق منه الآن سوى بعض من قطع الفسيفساء والبلاطات المزينة بزخارف وخطوط بارزة. وقد تم في هذا الموقع إكتشاف مجموعة من المسكوكات وأنواع من البلاط وطنجرة نحاسية كبيرة يعود تاريخها جميعاً إلى العصر الإسلامي.
إن وجود (تخت سليمان) بالقرب من قرية (تازه كند نصرت آباد) جعل من هذه القرية موقعاً سياحياً هاماً ذو قيمة تاريخية عالية. وقد بادرت منظمة التراث الثقافي في المحافظة إلى إنشاء ورشة خاصة تقوم بترميم وصيانة هذا الأثر التاريخي، وهي (أي الورشة) تعد حالياً واحدة من أكثر ورش الترميم التابعة لمنظمة التراث الثقافي نشاطاً حيث قامت بإتخاذ إجراءات جديرة بالملاحظة خلال الإعوام الأخيرة لترميم هذا الصرح الأثري والمحافظة عليه.
وهناك قرية تاريخية أخرى في محافظة آذربايجان الغربية هي قرية (قرة كليسا)، وهي تقع على مسافة 26 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من قرية (سيه جشمه) التابعة إدارياً لمدينة (جالدران). وتشتهر هذه القرية بإحتوائها على واحد من أهم الأثار التاريخية الدينية في ايران وهو كنيسة (قرة كليسا) التي تعتبر من مزارات الطائفة الأرمنية.
وكلمة (قرة) في اللغة الآذرية تعني أسود. ويعود السبب في تسمية هذه الكنيسة بهذا الإسم (أي الكنيسة السوداء) إلى أن المبنى الرئيس لها كان مشيداً بإستخدام صخور سوداء اللون إلا أن بعضاً من هذه الصخور السوداء إستبدل بأخرى بيضاء بعد إعادة بناء قسم من الكنيسة.
ومن المحتمل جداً أن هذا الإستبدال كان متعمداً وبهدف الحفاظ على هذا المعلم التاريخي المهم لكي تتعرف عليه الأجيال القادمة. ولهذه الكنيسة مكانة خاصة عند طائفة الأرمن لكونها تضم مرقد ومزار القديس (تادي أو طاطانيوس المقدس) وهو أحد مبعوثي السيد المسيح عيسى بن مريم (ع).
وتشير لوحتان إحداهما باللغة الروسية والإخرى باللغة الفارسية كانت ثبتت هناك بأمر من عباس ميرزا القاجاري إلى أن تاريخ هذا المبنى يعود إلى العام 1299 هـ. ق. وتحتوي كنيسة (قرة كليسا) على قبتين سوداويتين قطرهما 18 و60 متراً، وقبة أخرى بيضاء اللون قطرها 42 متراً. والكنيسة مزينة بزخارف بارزة جميلة وصور مستوحاة من الأساطير القديمة.
جدير بالإشارة هنا أن هذه الكنيسة تم تسجيلها في صيف عام 2008 ضمن قائمة التراث العالمي وذلك خلال الإجتماع الثاني والثلاثين للجنة التراث التابعة لمنظمة اليونسكو وهي تاسع معلم سياحي إيراني يتم تسجيله ضمن تلك القائمة العالمية.