رمز الخبر: ۲۲۴۸۲
تأريخ النشر: 09:26 - 03 May 2010
محمد صادق الحسيني
عصرایران - ما تناقلته وكالات الانباء نقلا عن صحيفة كويتية مفاده الكشف عن شبكة تخابر تضم كويتيين وعربا لصالح الحرس الثوري الايراني، مثله مثل خبر تهريب صواريخ سكود ايرانية لحزب الله عبر سورية، ومثله مثل تلك الشبكة البحرينية التي ضمت وزيرا، مثله مثل اتهام المجاهدين المصريين واخوانهم العرب واللبنانيين بتهديد الامن والاستقرار المصريين فيما بات يعرف بخلية حزب الله، ومهما اختلفت الحيثيات والانباء التفصيلية التي سيتم 'تأكيدها' او نفيها فيما بعد انما تصب في رأيي في اطار التغطية على عمل الاستخبارات الاسرائيلية والامريكية الناشطة على امتداد المنطقة للتحكم بمساراتها بعد تشويه سمعة المقاومين فيها !

والا لماذا تخرج علينا مثل هذه الاخبار المجهولة المصدر كلما اقترب موعد لقاء زعيمين او قوتين عربيتين او اقترب موعد زيارة امير هذه البلاد او تلك لايران؟! منذ اسابيع ورئيسا كل من الامارات والكويت يحضران زيارة رسمية لايران، وقد خطت الكويت خطوات كبيرة في اتجاه تعزيز التعاون مع جارتها ايران، حتى وصلت الامور الى قرب الغاء التأشيرة بينهما كما اعلن هنا في طهران، فما عدا مما بدا حتى صار الحرس الثوري الايراني وبقدرة قادر مخترقا لوزارتي الدفاع والداخلية؟!

اليس هو السيناريو نفسه الذي ارادوا ولا يزالون من خلاله افشال زيارة الحريري لدمشق وامتدادها في الانفتاح على طهران، والتشويش على ما بات يعرف بجبهة الممانعة والمقاومة حتى لا ينضم اليها لبنان الرسمي؟! اليس كل هذا يقع في اطار اتفاق مجرمة الحرب وقاتلة اطفال غزة تسيفي ليفني مع كونداليسا رايس للسيطرة على طرق الامداد لغزة هاشم الصامدة؟! واذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي قلقة من المناورات الايرانية الدفاعية كما يدعي بعض وعاظ السلاطين من اشباه المثقفين، فلماذا تشترك كل من قطر وسلطنة عمان في هذه المناورات، فيما يؤكد الآخرون على حق ايران فيها ويستعجلون التواصل معها ولم يصدر عن دار الامارة في اي منها بيان رسمي يعرب عن قلق اشباه المثقفين ممن باتوا يعيشون العصر الخشبي؟!

هل يريد مثل هؤلاء من خلال اشاعة ما يسمونه بالقلق المشروع تجاه قوة ايران المتنامية ومناوراتها الدفاعية والطاقة النووية السلمية، التغطية على شبكات عملاء الموساد التي خططت لاغتيال المبحوح، وهي في طريقها بالتأكيد لمطاردة سائر المجاهدين بذريعة يقدمها لها امثال هؤلاء بعد ان تكتمل دورة تشويه سمعة كل القوى الحية في الامة؟!

ان الخلاف او الاختلاف مع ايران الجارة المسلمة الثابتة القدم في الدفاع عن قضية امة العرب والمسلمين المركزية، لا يمكن ان يبرر لاحد بخلط الاوراق عن وعي او دون وعي لصالح التغطية على الورقة الاخيرة لعملاء الموساد والمخابرات الامريكية الا وهي السيطرة على طرق البحار ومضائقها، او ان يترك غواصات العدو الصهيوني واساطيل القوى المهيمنة تصول وتجول في مياهنا الدافئة بحجة القلق من الجارة المسلمة اير ان؟! لكن المشكلة برأيي بدأت من مكان آخر، من هناك حيث يعجز الكبار والصغار عن شن الحروب من جديد فليجأون الى مثل هذه السيناريوهات ! فذلك المشهد الدمشقي الشهير لا يزال يرعبهم، لانه يذكرهم بطريق الوحشة الذي ينتظرهم فيما لو اقدموا على اية خطوة غير محسوبة !فالاسرائيليون يعلمون علم اليقين بان حزب الله بات يملك منظومة صاروخية متطورة ورادعة بامكانها ان تحول اي عدوان اسرائيلي ضد لبنان ليس فقط الى مغامرة بل الى مقامرة قد تودي بحياة الكيان هذه المرة، والامريكيون من جهتهم ايضا باتوا على يقين بان توجيه اي ضربة لايران بات اشبه بمن يشعل فتيل حرب كونية قد تجعل من بقاء القوات الامريكية في المنطقة مغامرة لا يجرؤ الرئيس اوباما على تحمل نتائجها، واما من يسمونهم بـ 'عرب الاعتدال' فهم من جهتهم ايضا باتوا يعرفون تماما بان تصعيد الموقف ضد ايران او اي من حلفائها كمن يشعل برميل البارود الذي قد يطيح برؤوس العديدين في المنطقة !

اذا كان ما تقدم صحيحا كما تؤكد التقارير المتداولة في الاروقة الخلفية للمشهد السياسي المحيط بجبهة المقاومة والممانعة، فلماذا اذن كل هذا الضجيج الذي يكاد يصل صداه الى عنان السماء حول النووي الايراني من جهة، وقصة صواريخ سكود من جهة اخرى، ولماذا تم توقيت صدور تلك الاحكام القاسية بحق ما بات يعرف بخلية حزب الله في مصر العربية في هذه اللحظة بالذات؟!

هل يريدون فعلا تهيئة الارضية للقيام بعمل ما ضد ايران او سورية او لبنان على خلفية هذه الهمروجة الاعلامية والدعائية، وهم الذين يعرفون ان ذلك سيكون بمثابة اعلان الحرب الشاملة في المنطقة؟! ما الغرض اذن من كل ما يحصل من تصعيد اعلامي ونفسي ودعائي على هذا الصعيد؟

ثمة من يعتقد شبه جازما ويملك من المعلومات التي لا يمكن الافصاح بكثير منها لكن القدر المتيقن منها هو ان الجماعة يطلبون الامان في الملفات التالية: اولا: ان لا يفاجىء حزب الله العالم بعمل 'غير محسوب' قد يفضي الى خلط الاوراق في المنطقة، ما قد يسبب ليس فقط في تغيير وجهها وهو ما سبق ان حذر منه الامين العام للحزب في وقت سابق ويريدون لذلك ضمانات يظنون انها لن تعطى من قبل حزب صاعد في قوته بشكل صاروخي الا في اجواء متوترة كهذه ! ثانيا: ان لا تغير ايران من تكتيكاتها او استراتيجيتها المعروفة حتى الآن في كل من العراق وافغانستان، بما يؤمن الخروج المطمئن والمبرمج للقوات الامريكية من البلدين دون مفاجآت غير محسوبة، ويريدون ضمانات لذلك، ومثل تلك الضمانات غير متاحة بنظرهم الا في مثل هكذا ظروف ! ثالثا: ان تتراجع ايران من ساحة الاشتباك الفلسطيني - الاسرائيلي وتتعهد عبر آلية تعاون دولي معين بعدم وضع العصي في دواليب ما يسمونه بقطار 'التسوية السلمية' التي بات يحتاج اليها اوباما كحاجته للماء ! رابعا: ان تتعهد سورية بالتعاون البناء في كل الملفات الآنفة الذكر من خلال وضع حد لدور' جسر العبور الحربي' الذي تلعبه بين ايران وحزب الله، بعد ان ثبت بالبرهان القاطع باستحالة فصلها او تفكيك تحالفها التاريخي والاستراتيجي مع قوى المقاومة والمواجهة في المنطقة !

وهذا يعني بان الموساد والمخابرات الامريكية، يبحثون الآن عن 'اتفاق جنتلمان' مع القوى الداعمة للمقاومة بما يساوي عمليا وضع 'سقف محدد' لسباق الردع بين قوى المقاومة والكيان الاسرائيلي، يمكنهم من المضي قدما في استراتيجية السلام - تصفية القضية الفلسطينية باقل الاضرار الممكنة ! ولما كان الوصول الى هذا الهدف وانجازه في المدى المنظورليس ممكنا بسهولة فكان لابد من تصعيد الموقف على عدة مستويات هي:

اولا: التهويل بالنووي الايراني عالميا الى حده الاقصى وجعله بمثابة الخطر العالمي الداهم على الامن والاستقرار العالميين !

ثانيا: اختراع قصة تهريب صواريخ السكود مترافقة مع حملة اعلامية وامنية واستخبارية اقليمية وعالمية حول الحدود اللبنانية السورية وعلاقة كل ذلك بالقرار 1701 من اجل التشويش على علاقات حزب الله مع كل من سورية وايران ووضع هذا المثلث في المزاد الاقليمي الضاغط لوقف تسارع معادلة الردع المتبادل بين الجانبين ! ثالثا: اصدار الاحكام القاسية والظالمة بحق 'خلية سامي شهاب' والتي كما يعلمون علم اليقين بانها ليست سوى حلقة واحدة من حلقات خلايا المجاهدين على طريق خط الامداد المقاوم، في هذا التوقيت بالذات حتى تكتمل دائرة الحرب النفسية على حزب الله اللبناني وحشره في زاوية التسويات والتنازلات المتبادلة!

ان هذا التصعيد المفتوح فوق الطاولة من جهة والمطالبة بتحديد هذا السقف الآنف الذكر كما توحي المفاوضات الجارية من تحت الطاولة انما يحصل لاعتقادهم الراسخ بانه بات الاجراء الوحيد القادر ان يحميهم من اية مفاجآت غير منتظرة او غير متوقعة، بعد ان فقدوا القدرة على تقدير ميزان الردع الذي بات يملكه مجموع اطراف جبهة المقاومة والممانعة !

القدس العربی