رمز الخبر: ۲۳۵۷۲
تأريخ النشر: 09:56 - 13 June 2010
حميد رضا مهاجر
عصر ايران ، حميد رضا مهاجر/ بيروت – بدات بطولة العالم لكرة القدم في جنوب افريقيا، الحلم الجميل الذي ربما لم يكن السكان السود المحليون في هذا البلد قادرين على تصوره ابان عهد التمييز العنصري. وذلك خلال الاعوام التي كان يمارس فيها الاستعمار الابيض ابشع انواع الجرائم العنصرية بحق السكان السود المحليين في جنوب افريقيا.

وفي البداية قام المستعمرون، بشراء الاراضي التي كانوا يستطيعون شراءها من الاسياد، وقاموا في الاعوام الاربعين السواداء اللاحقة بالاستيلاء على ما تبقى من اراضي السكان المحليين ودمروا المنازل وعمروا المقابر والسجون.

وقام العنصريون بتشريد اصحاب الارض الاصليين واطلقوا على الذي ابدوا احتجاجا ، اسم الارهابيين ، كل ذلك من اجل ان يبقوا لكنهم لم يبقوا ورحلوا وبقيت اليوم من تلك العنصرية البغيضة ذكريات مريرة فحسب وتجربة النصر المبين، التي يبينها جيل "السود" المضطهدون للجيل الحر من "الانسان الاسود". نشيد الحرية والمساواة الذي سمعه العالم اجمع يوم افتتاح كاس العالم لكرة القدم والحلم الذي شهده بام اعينهم السكان السود المحليون الذي اضطهدوا ابان عهد الفصل العنصري.

وعندما نحول انظارنا من جنوب افريقيا الى قلب الشرق الاوسط ، سنرى ارضا مازالت تعاني من نفس التاريخ الاسود الذي قاسى منه السود في جنوب افريقيا : الارض ترزح للاحتلال ، والمنازل مدمرة والمقابر معمرة والسجون مليئة بالناس الذين اضطهدوا على يد الصهاينة.

ان مصير العرب الفلسطينيين اشبه بكثير بمصير السكان المحليين في جنوب افريقيا. فالاستعمار الصهيوني اشترى ما تمكن شراؤه من الاراضي ، وقام خلال كل هذه السنوات الستين السوداء باحتلال ما تبقى من الارض وهدم المنازل وعمر المقابر والسجون.

وقام الصهاينة بتشريد اصحاب الارض الاصليين واطلقوا على المقاومة التي تبدى ضدهم ، اسم الارهاب لكي يبقوا. ان هذا هو التاريخ نفسه مع اختلاف ان مكافحة الصهيونية اصعب بكثير من مكافحة الفصل العنصري.

لقد حدثت المساومة ، لكي تبقى اسرائيل الا ان المساومين ، لم يحققوا اي مكسب حسب اعترافهم هم لكي يقدموه لشعبهم.

ان الذين ارادوا السير على نهج المساومة، يشاهدون ظلال الاهانة والاذلال الصهيوني على رؤوس شعبهم.

وقد انتبه ابوعمار متاخرا بان السلام مع اسرائيل ، لن يحقق تطلعه الكبير وهو القدس المحررة لكنه انتبه الى ذلك عندما كانت الدبابات الاسرائيلية تحاصر مقر السلطة الفلسطينية في رام الله.

لكن الذين قاوموا وصمدوا، حرروا قسما كبيرامن ارضهم وهم يعيشون اليوم بعزة وكرامة والاهم من ذلك انهم عاقدوا الامل على ان يشهدوا بام اعينهم سقوط الصهيونية.

اني ارى هذا الامل في عيونهم. وعندما ذهبت قبل ايام مع اصدقائي الى بوابة فاطمة بمناسبة الذكرى السنوية لتحرير جنوب لبنان، شاهدت على بعد مترين من الحدود بين لبنان وفلسطين ، اطفالا يرنون بحنين الى الجانب الاخر من الاسلاك الشائكة ، وكأنهم يعرفون بان النصر قريب.

واطلقت صفارة بدء حفل افتتاح كاس العام لكرة القدم في استاد ساكر سيتي بجوهانسبورغ وراى العالم كله كيف ان هذه المدينة الحرة ، كانت اسيرة يوما ما في سجن التمييز العنصري لكنها تقيم اليوم احد اكبر الاحداث الرياضية في العالم. لقد تحقق حلم السود، ويمكن تصور يوم بان تتحرر هنا الارض يوما ، وتعمر المنازل وتتحول المقابر الى روضة زهور والسجون الى متاحف وان تطلق صفارة بدء حفل افتتاح كاس العالم في القدس ويتحقق الحلم الكبير في هذه المدينة العزيزة على قلوبنا جميعا.

اعرب انه حلم ، لكن انظروا الى جنوب افريقيا ، لتتاكدوا بان الحلم قابل للتحقق.