رمز الخبر: ۲۶۰۹۴
تأريخ النشر: 12:04 - 02 October 2010
عصرايران - الوفاق - تمتد ذاكرة الثقافة العمانية في بعدها الحضاري عميقا الى جذور التاريخ الموغلة في القدم اذ اثبتت الابحاث والدراسات والحقائق التاريخية ان انسان هذه الارض العمانية قد اسهم بعطاءات واسعة وهامة في بناء صروح الحضارة وقدم للانسانية الكثير من ابداعاته في شتى صنوف العلم وضروب المعرفة كما كان للعقل العماني دور بارز في خدمة الثقافة الاسلامية والادب العربي منذ اشراقة شمس الاسلام الى يومنا هذا وقد رسخ في وعي التاريخ الاسلامي علماء وآدباء على اهمية كبرى وقيمة علمية عظيمة كان لها الاثر الاكبر في بناء الفكر العربي وحازت قصب السبق في اكتشاف وتوثيق وتأصيل العديد من العلوم الدينية والادبية والفلسفية والعسكرية وعلوم الفلك والطب والملاحة وغيرها.

ويشكل الثالث والعشرون من يوليو عام 1970م منعطفا بالغ الاهمية في تاريخ الثقافة العمانية فمنذ اشراقة ذلك اليوم الاغر الذي تولى فيه مقاليد الحكم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - يحفظه الله ويرعاه - بدأ العمل الثقافي في السلطنة يأخذ مسارات جديدة تقوم على التنظيم والدراسة والرؤية الواضحة للدخول ضمن منظومة الدولة الحديثة التي تسع لمواكبة متغيرات العصر على الصعيد العالمي مع التمسك بثوابتها الحضارية وقيمها الثقافية ومبادئها الدينية ومكونها التاريخي المتمثل في ارثها الكبير من العادات والتقاليد التي تشكل جزءا هاما من البنية المعرفية لدى الانسان العماني وقد اثبتت هذه الرؤية الحكومية في ايجاد مجتمع واع متحضر متمسك بهويته محافظا على تقاليده يتفاعل مع مستجدات العصر ومتغيرات الواقع بدراسة وادراك وروية.

ومن منطلق الاهتمام بالحفاظ على الثقافة العمانية والارتقاء بها فقد شهدت السلطنة في ظل هذا العهد الزاهر انشاء العديد من المؤسسات والهيئات الرسمية التي تعنى بالمثقف والثقافة على حد سواء ويأتي انشاء وزارة التراث والثقافة على رأس هذه المنجزات الثقافية المباركة لهذا العهد الميمون.

اذ تضطلع هذه الوزارة بالعديد من المهام الوطنية وتنفذ الكثير من النشاطات والفعاليات وتعقد الندوات الهامة التي تتناول مفردات الثقافة العمانية تاريخيا وشخوصا ونتاجات متنوعة ففيما يتعلق بالتراث فهناك عدة دوائر داخل الوزارة تقوم كل منها بدور مختلف فيما يتعلق بالمحافظة على الارث الثقافي للسلطنة مثل القلاع والحصون والمتاحف والمخطوطات والوثائق والاثار.

اما فيما يختص بالثقافة فتنضوي في اطاره عدة دوائر ايضا تعنى بالجانب الحديث من الانتاج الابداعي والفني كالشعر والقصة والمسرح والفن التشكيلي وغيره الى جانب المنتدى الادبي الذي يقع تحت ادارة المديرية العامة للثقافة بوزارة التراث والثقافة ويقوم بتنفيذ برنامج سنوي من الفعاليات الادبية والنشاطات الثقافية والامسيات الشعرية والندوات الفكرية الى جانب طباعة البحوث والدراسات من حصاد تلك الندوات التي يقيمها المنتدى ويستضيف فيها مختصين واكادميين في مختلف المجالات.
يقوم المنتدى الادبي كذلك بتنفيذ مسابقة ادبية سنوية دعما للمبدع العماني وابرازا لمشهد الثقافة العمانية ورصدا للاقلام الشابة التي تتطلع الى الدخول في عالم الكتابة والابداع وتشمل هذه المسابقة مجالات عدة مثل الشعر والقصة القصيرة والنص المسرحي والبحوث والدراسات والمقالة وغيرها.

تقيم وزارة التراث والثقافة كذلك عدة مهرجانات منها مهرجان الشعر العماني الذي يأتي انطلاقا من توجيهات سامية بالاضافة الى مهرجان الاغنية العمانية اللذين يقامان كل عامين وقد اعلن هذا العام عن تدشين مهرجان اخر للمسرح والذي يتوقع ان يشهد منافسة طيبة كما تقوم الوزارة بتنظيم اسابيع الثقافة العمانية في الدول المختلفة.

الهيئة العامة لانشطة الشباب الرياضية والثقافية من جهتها تضطلع بدور كبير في الاهتمام بشريحة المثقفين الشباب فيما دون سن الثلاثين حيث تقيم مسابقة صيفية كل عام بالاضافة الى الملتقى الادبي السنوي والذي يعتبر منطلقا ومنبرا للكثير من المواهب الابداعية الحقيقية انطلقت من رحابه لتحلق في فضاء الابداع وتأخذ دورها في مشهد الثقافة العمانية من اجل خدمة هذا البلد والارتقاء بثقافته ومبدعيه. النادي الثقافي يعد ايضا احد الصروح الثقافية التي جاءت ثمرة من ثمار عهد النهضة المباركة وللنادي الثقافي اسهامات عديدة في العمل الثقافي والادبي في السلطنة فقد قام خلال السنوات الماضية بتنظيم عدة مهرجانات منها مهرجان الشعر العربي ومهرجان الخنساء للشاعرات العربيات بالاضافة الى الملتقى الابداعي السنوي والمحاضرات والامسيات الشعرية وغيرها.

الى جانب المؤسسات الثقافية فقد شهدت السلطنة اهتماما بالصحافة الثقافية والاعلام الثقافي الذي قدم الاديب العماني وأولاه عناية خاصة حتى برزت من هذا البلد اسماء اثبتت حضورها الواضح في خارطة الثقافة العربية.

وتتطلع السلطنة ان تكون عاصمة للثقافة العربية عام 2006م حيث يجري العمل الان على قدم وساق وتقوم الجهات المختصة بجهود دؤوبة لاستقبال هذا الحدث وفقا لما يتلاءم وتاريخ هذ البلد ويحقق طموحات قيادته وشعبه ومثقفيه.

فن المقامة في الأدب العماني

المقامة كلمه مشتقة من مادة ( قوم ) وهذه المادة تدل على القيام والإقامة، ووردت في القرآن الكريم اسما لموضع القيام كما في قوله تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وموضع الجنة في الآيه الكريمة (وحسنت مستقرا ومقاما) أما المعنى الاصطلاحي للمقامة فهو جنس أدبي نثري يتميز بخواص معينة وله سماته المختلفة عن سائر الأجناس. فهو نوع من الحكايات القصيرة غايتها لغوية أدبية ترفيهية وكل مقامة نكتة ادبية أو لغوية وفيها صناعة لفظية وبيانية إذ تمتلئ بالسجع وبأساليب البديع والوصف والتشبيه، وتروي المقامة على لسان أحد الرواة، وبطلها رجل أشتهر بالدهاء وقنع القليل من الرزق. وقد يحتال عادة للحصول على الطفيف من الرزق، مستعينا على ذلك بما أوتي من قوة البيان، وبراعة القول وحذق الإنشاء وتتكون المقامة من ثلاثة عناصر:

1- الرواية: الذي يروي المقامة مثل عيسى بن هشام في مقامات بديع الزمان الهمذاني .

2- مكد: وهو شخص خيالي في الأغلب وواسع الحيلة وهو بطل المقامة؛ حيث تدور القصة حولة وتنتهى بانتصاره في كل مرة مثل أبي الفتح الأسكندري في مقامات بديع الزمان .
3- ملحة أو نكتة أو عقدة تحاك حولها المقامة.

سمات المقامة وموضوعاتها:

إن الناظر إلى فن المقامة يلاحظ أنها تبنى على الإغراق في الصناعة اللفظية خاصة، والصناعة المعنوية عامة وموضوعاتها، أما أن تكون أدبية أو فقهية أو فكاهية أو حماسية لذلك نجد المقامات تحتوي على النوادر والأخبار والإشارة إلى وقائع الزمن وأعلام التاريخ، وهي حافلة بالحكم والأمثال، والنكت اللغوية والأدبية، والأحاجي النحوية والرسائل المبتكرة، والخطب المحيرة، والمواعظ المبكية، والأضاحيك الملهية في المقامة.

ويشيع في المقامة أسلوب الحوار بين الأشخاص وخاصة بين الراوي والبطل وكذالك يشيع في المقامة الشكل اللفظي المسجوع، ذو الفقرات القصار، والبديع المتواتر، والاستشهاد بالقرآن الكريم والحديث النبوي وأشعار العرب، ومن السمات الواضحة في فن المقامة عنايتها بالمكان قلبا وقالبا فهي تستوحي اسمه وجغرافيته وذاكرته التاريخية، بالإضافة إلى عادات أهله وتقاليدهم، كما ترسم ملامح من طباعهم وميولهم وأذواقهم.