رمز الخبر: ۲۶۹۱۰
تأريخ النشر: 10:17 - 06 November 2010
عصرایران - وکالات - ضمن احتفالات الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010وفي إطار الأيام الثقافية الإيرانية شهدت أمس القرية التراثية على الكورنيش فعاليات اليوم الثاني الذي تمثلت بعرض جميل للرياضة الشعبية التراثية الإيرانية (الزورخانه)، وبحضور سعادة سيد محمد حسيني وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسعادة عبدالله سهرابي السفير الإيراني بالدوحة والسيد محمد مهدي أحمدي المستشار الثقافي بالسفارة الإيرانية والسيد جمال فايز نائب رئيس مكتب الاحتفالية، إلى جانب حشد كبير من المواطنين قدّم اللاعبون الإيرانيون مجموعة من عروض البهلون الرائعة على إيقاع الموسيقى وتمثل بعضها بعروض للشهامة والفروسية والقوة والدفاع عن الوطن، وبحركات بهلوانية رياضية تعكس صورة مما كان يعشقه شباب أيام زمان، أمتع اللاعبون كل الحضور بحركات عكست رموزا حية للطقوس التاريخية؛ فاللوحة الخشبية التي رفعها البهلوان ترمز إلى السيف، كما أن حركاته الدورانية تجسّد دعوته للمبارزة والقتال، أما أدواته التي يستخدمها في هذه الرياضة الجميلة فترمز إلى الدرع الذي يحميه من العدو المتربص.

والأجمل من كل ذلك أن كل تلك الحركات المتناغمة التي قدّمها البهلوان كانت منسجمة مع إيقاعات المرشد في (الزورخانه) والذي كان يُنشد قصائد حماسية مستوحاة من ملحمة (الشاهنامة)، ومن ديوان المثنوي للشاعر جلال الدين الرومي المولوي وشعراء كبار آخرين من ايران.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الرياضة التقليدية الإيرانية (الزورخانه) تعتبر إحدى أبرز رموز التاريخ والتراث الإيراني العريق لكونها مستلهمة من ملحمة (الشاهنامة) أو رسالة الملوك للشاعر الكبير أبو القاسم الفردوسي ومن شخوص وأساطير هذه الملحمة الرائعة وحكاياتها وبطولاتها، كما أن المبدأ الذي ترتكز عليه الألعاب البهلوانية التراثية هذه هو الفتوة والأخلاق والروح الرياضية الرفيعة والتي كان يتمتع بها أبطال إيران كما تجسدها حكايات الشاعر الفردوسي الطوسي، كذلك ان احترام المنافس هو مبدأ يلتزم به البهلوان انطلاقا من الروح الرياضية لهذه الألعاب التراثية والثقافية والتمسك بالخلق السامي.

مهرجان للقصة والشعر إلقاءً وبحثاً بالصالون الثقافي
وفي الصالون الثقافي الذي شهد جلسة شعرية عذبة وورقة بحثية تناولت المضمون الأدبي الإيراني العربي وكيفية تمتينه حضرها سعادة سيد محمد حسيني وزير الثقافة الإيراني وسعادة عبدالله سهرابي السفير الايراني بالدوحة، والأستاذ جمال فايز نائب رئيس مكتب شؤون احتفالية الدوحة إلى جانب نخبة من المهتمين والمثقفين العرب والإيرانيين، استفاض الشاعر والمترجم الدكتور موسى بيدج والباحث الأكاديمي صادق خورشا من ثراء الشعر الفارسي والبحث العميق في التراث الفكري والثقافي العربي والفارسي، وقد أدار الأمسية الشاعر عادل عبد الله، حيث ذكر في البداية على عمق العلاقات الثقافية العربية الإيرانية وتجذرها في التاريخ، ومشيرا إلى أهمية الحركة الإبداعية والشعرية الإيرانية وتميزها، وأضاف أن من شأن مثل هذه المناسبات الثقافية أن تنمي وتحكم التواصل العربي الإيراني، ثم قدّم الضيفين الإيرانيين موسى بيدج وصادق خورشا، باعتبارهما من المثقفين والباحثين الذين أعطوا الكثير في مجال التبادل الثقافي العربي الفارسي.

ومن ثم ألقى الشاعر الإيراني سياوش كسرائي قصيدة من الشعر الفارسي القومي ترجمها حميد رضا مهاجراني وقدمتها الطفلة الإيرانية مرواريد سادات مهاجراني يقول فيها: أخذ البرد يتساقط.. اخذ البرد يتساقط فوق الشوق والصم الصلاب.. الجبال صامة.. والوديان ملولة.. والطرق عين انتظار لقافلة بصلصل فيها صوت الجرس.. إن لم يتصاعد دخان من سقف الأكواخ.. وإذا لم يتردد وقع الأقدام على الطرق المبتلة.. ماذا كنا نصنع في بحر القلب المضطرب ذي النفس البارد.. وهناك في مواجهتي كوخ يرسل ضوءا من فوق التل.. فتحت الباب.. أبديت الود.. وعلمت سريعا أن بعيدا عن قصة غضب الثلج ووخزه.. بجوار النار المشتعلة.. كان العم نوروز يقص على أطفاله..

ومن ثم تحدّث د. موسى بيدج معبرا عن سعادته بالمشاركة في هذا اللقاء العربي الإيراني داخل روضة احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010، مؤكداً أنه ترجم الكثير من الأعمال الإبداعية والثقافية العربية إلى الفارسية، لكنه للأسف لم يترجم الإبداع القطري، وذلك لعدم توفر نصوص مطبوعة من هذا الإبداع، رغم وجود بعض النصوص على الإنترنت.

وأضاف: لقد تمكنت أخيراً من ترجمة نصوص للشاعرة القطرية سعاد الكواري ولذلك أقترح على الإخوة القطريين تأسيس تنسيق أدبي عربي إيراني ولو على مستوى نادي "صداقة أدبي" يعمل على تنمية التواصل الثقافي والأدبي بين البلدين الشقيقين.

ثم قرأ الشاعر موسى بيدج نصوصا شعرية عربية وفارسية جميلة عطّرت المجلس، منها قصيدته"صلاة الشاعر" التي يقول فيها:
وردة في يده
حين قام للصلاة
قال: بسم الله ثم
شمّها في ركعات
وأخرى بعنوان "بلال الحبشي" يقول فيها:
يا بلال
قتلك حلال!
هكذا قال الظلام
فخاف الأنام
أن يناموا
>>>
هل يُقتل بلال
ويُطفأ الهلال
>>>
قالت الجبالُ
لا تبالوا
قالت البحارُ
لا تحاروا
قالت العبيدُ
بلالٌ منا
بلال عبدُ
ومن قصيدته "خيمة سوداء" نذكر منها:
إنما للبحر فمٌ
وأسنانٌ
تصطك خوفاً من خيمة سوداء
>>>
يا صديقي
غاب الملح عن المياه
غاب الملح عن الخبز
غاب الملح عن الكلمات
ومن ثم تحدّث الدكتور صادق خورشا معبراً عن سعادته بالمشاركة في هذه المناسبة الأدبية، مباركا لقطر احتفاليتها الثقافية العربية، وأوضح خورشا إلى أن الكاتب الإيراني جلال آل أحمد يُعد من أهم المثقفين الإيرانيين الذين عرفتهم إيران في النصف الثاني من القرن العشرين، مذكرا بأن المترجم له إلى اللغة العربية لم يتجاوز ثلاثة أو أربعة كتب، منها كتابه المتميز (التغرب) أو (غرب زدكي) الذي ترجمه المرحوم الأستاذ إبراهيم دسوقي شتا، وقصته (مدير المدرسة) ترجمها الأستاذ عادل سويلم أستاذ اللغة الفارسية في جامعة عين شمس، وكتاب (نون والقلم) الذي ترجمته الدكتورة ماجدة العناني رئيسة قسم اللغة الفارسية في جامعة حلوان.

وتمنى المتحدث أن تتم إعادة ترجمة كتاب (التغرب) لجلال آل أحمد، مؤكدا أنه كتاب في غاية الأهمية، فمن خلاله يمكن للقارئ أن يتعرف على الفكر والتاريخ السياسي والأدبي الإيراني منذ عام 1930م، وأضاف خورشا أن جلال آل أحمد ركّز عمله على كشف معاناة العقل.
وفي ختام كلمته قرأ المتحدث بيتا للشاعر الفارسي حافظ الشيرازي يقول فيه: "منذ أمد بعيد والقلب يطلب منا كأس جمشيد، ولايدري أنه يبحث لدى الأغيار عما هو موجود لديه". مشيرا إلى أن هذا البيت يلخص فكرة كتاب (التغرب) للكاتب جلال آل أحمد.

الأوركسترا الإيرانية تعزف أجمل مقطوعاتها الموسيقية
ومن ثم أحيت فرقة الأوركسترا السيمفونية الإيرانية ولأول مرة على خشبة مسرح قطر الوطني حفلاً موسيقياً وبحضور سعادة سيد محمد حسيني وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسعادة عبدالله سهرابي السفير الإيراني بالدوحة والسيد محمد مهدي أحمدي المستشار الثقافي بالسفارة الإيرانية والسيد جمال فايز نائب رئيس مكتب الاحتفالية اكتظت صالة المسرح بالجمهور الذي وقف لأكثر من ساعتين وصفق لوقت طويل احتفاءً بالمناسبة، وقدّمت خلالها فرقة الأوركسترا الإيرانية أجمل مقطوعاتها التي تناولت سيرة النبي الأكرم محمد بن عبدالله رسول الأمة صلى الله عليه وسلم، وقد تفاعل الجمهور مع تلك المقطوعات بالتصفيق الحار، كما قدّمت الفرقة معزوفات بالآلات الاوركسترالية والإيقاعات الموسيقية، وذلك من خلال تقاسيم تراثية وعالمية استهوت الجمهور كثيراً، سيما الذين لديهم اهتمام بالموسيقى التقليدية وتقاسيمها.

ويُذكر أن الفرقة السمفونية الإيرانية تأسست عام 1934 على يد المايسترو الأستاذ غلام حسين مين باشيان وكانت تضم 40 عازفا بعضهم من الأجانب، ولكن بعد تأسيس المعهد العالي للموسيقى بدأت الفرقة نشاطها بمشاركة عازفين من تشيكوسلوفاكيا، كما واصلت فرقة الأوركسترا السمفونية الإيرانية أعمالها من خلال تأليف وعزف ألحان سمفونية كلاسيكية وإيرانية لاقت استحسان الجمهور، وعلى إثر انتصار الثورة الإسلامية بدأت الفرقة مرحلة جيدة من فعالياتها من خلال عزف ألحان تقليدية وأناشيد حماسية تتناسب مع مشاعر الجماهير وألحانها من حياتهم اليومية فوجدت صدى واسعا في قلوب الناس بعد أن كانت حكراً على طبقات اجتماعية معينة، ومن أهم أعمال الفرقة (رسول العشق والأمل) من تأليف جنكاوريان و(اقرأ هذا الفصل معي) من تأليف مجيد انتظامي الذي ألف أيضاً معزوفة (الثورة) من إنشاد سالار عقيلي ونيما مسيحا وكانت قيادة الأوركسترا في هذ المعزوفة بعهدة المايسترو منوجهر صهبائي حيث قدّمت أعمالها في ايطاليا وهولندا وسويسرا بقيادة المايسترو شهرداد روحاني حيث كان القائد الضيف للفرقة.