العراق، نهاية المأزق وبدء الصراع السياسي

عصر ايران، رضا غبيشاوي

 لقد توصلت المجموعات السياسية الرئيسية على الساحة العراقية وبعد نحو ثمانية اشهر من الانتخابات البرلمانية، الى اتفاق لانتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب في العراق.

وهنا لابد من الاشارة الى عدة نقاط:

1- على الرغم من تقديم ملك السعودية، مبادرة تتضمن سفر رؤساء المجموعات السياسية العراقية الى الرياض بعد مناسك الحج لاجراء مباحثات لتسوية الازمة السياسية العراقية، فان المجموعات السياسية العراقية حالت من خلال تسوية القضية داخليا من نقلها الى خارج البلاد وذلك لسد الطريق على التدخلات الاقليمية في الشؤون الداخلية للعراق، ليسجل ذلك هزيمة وفشلا لسياسات السعودية في العراق.

2- وقد اجتمع رؤساء المجموعات السياسية العراقية المهمة في مدينة اربيل بشمال العراق استجابة لمبادرة اطلقها مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان العراق.

وكانت هذه المرة الاولى التي يلتقى فيها جميع رؤساء المجموعات السياسية العراقية خلف طاولة واحدة، بعد اولى جلسات البرلمان العراقي والتي استمرت 20 دقيقة.

والنتيجة النهائية التي تحددت يوم الخميس وتم خلالها انتخاب الرؤساء الثلاثة اي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان، كانت النتيجة المباشرة لمباحثات اربيل، ما اسهم في تعزيز دور مسعود البرزاني لاسيما الاكراد العراقيين.

3- ان تولي نوري المالكي لرئاسة الوزراء على منافسه الرئيسي اي اياد علاوي رئيس قائمة العراقية، يعد بحد ذاته نجاحا لايران في مقابل السعودية وسورية والاردن ومصر على الساحة العراقية لان هذه الدول كانت تدعم علاوي لتولي رئاسة الوزراء.

4- لقد قامت المجموعات والشخصيات السياسية البارزة التي حضرت الى البرلمان العراقي وعلى راسها جلال الطالباني ومسعود البرزاني ونوري المالكي بالتصويت لانتخاب طالباني رئيسا للجمهورية وتقديم نوري المالكي رئيسا للوزراء متجاهلة بذلك ما اقدم عليه اعضاء قائمة العراقية واياد علاوي شخصيا في مغادرة البرلمان.

وهذا يعني بان علاوي وقائمته "العراقية" اللذين يحظيان بدعم نسبي في خارج العراق، منعزلون في الداخل. فقادة المجموعات السياسية الكردية والشيعية في العراق، لم يسمحوا بعودة "العراقية" واعطائها تنازلات ولم تكن هناك ردة فعل من جانب باقي الشخصيات تجاه انسحاب اعضاء العراقية من البرلمان.

5- على الرغم من ان قائمة العراقية استطاعت الحصول على اكبر عدد من مقاعد البرلمان في الانتخابات البرلمانية، لكنها لم تستطع بسبب استياء سائر المجموعات السياسية، تشكيل تكتل يضم الاغلبية البرلمانية او نصف زائدا واحد، لذلك فانها اضطرت للقبول بتولي رئاسة البرلمان رغم انها كانت تتوقع على الاقل تولي رئاسة الجمهورية او رئاسة الوزراء لكنها اخفقت في تحقيق ذلك ايضا.

وبناء على الاتفاقات التي تم التوصل اليها، فان من المقرر تشكيل مجلس السياسات الاستراتيجية برئاسة اياد علاوي على ان يضم في عضويته كبار المسؤولين والورزاء الرئيسيين يتولى الاشراف على نشاطات الحكومة. ورغم ذلك فانه تم التاكيد على ان تتخذ قراراته بالاجماع والاتفاق التام بين اعضائه، لذلك يمكن القول بان هذا المجلس لن يكون له اثر على مجمل العملية السياسية، لان معارضة عضو واحد فقط، تؤدي الى اخقاق هذا المجلس في اتخاذ اي قرار.

6- وبناء على اتفاق غير مكتوب، فان الاحزاب والمجموعات التي تمثل مكونات الشعب العراقي اي الاكراد والعرب السنة والشيعة تطالب بغض النظر على نتائج الانتخابات بحصة لها في الحكم بما يتناسب مع دورها.

فعلي سبيل المثال، فالاكراد يعتبرون انفسهم بانهم ثاني اكبر مجموعة بعد الشيعة وقبل العرب السنة، لذلك وعلى الرغم من انها حلت في المركز الرابع في الانتخابات البرلمانية بعد قوائم العراقية ودولة القانون والائتلاف الوطني، لكنها حصلت على المنصب المهم الثاني في العراق اي رئاسة الجمهورية.

كما ان الحزبين الشيعيين اي دولة القانون والائتلاف الوطني اللذين احرزا الموقعين الثاني والثالث على التالي في الانتخابات البرلمانية، لكنهما حصلا على اهم المواقع السيادية العراقية اي رئاسة الوزراء. وهذان الحزبان شكلا من خلال ائتلاف، تكتل الاغلبية في البرلمان.

7- وعلى الرغم من الاتفاق للتقسيم المناسب للسلطة بين المجموعات السياسية العراقية، فان اولى الجلسات التي عقدت بعد هذا الاتفاق، اظهرت الانشقاق الواسع بين قائمة العراقية من جهة وباقي المجموعات السياسية من جهة اخرى.

كما ان قائمة العراقية تطاب بالحصول على الاقل على وزارتي الداخلية والدفاع من بين الوزارات الرئيسية الخمس، لكي تتمكن من الاضطلاع بدور ابرز واكثر تاثيرا في العملية السياسية في العراق. ويرى المراقبون ان هذا الشئ سيمهد الطريق لاندلاع صراعات عديدة بين الاحزاب الشيعية والكردية من جهة والعراقية من جهة اخرى، ما سيجعل الحكومة تواجه تحديات.