رمز الخبر: ۲۹۵۵۳
تأريخ النشر: 11:30 - 16 March 2011
ومن الناحية السياسية يجب القول بان السعوديين يرون الاوضاع الحالية في البحرين مناسبة لا لانقاذ اسرة "ال خليفة" بل لاقامة استغلال عربي حديث في هذا البلد الصغير. وفي الحقيقة فان الرياض، تفكر بايجاد موطئ قدم لها في البحرين وزيادة قوتها الاقليمية "على حساب الشعب البحريني" قبل ان تكون تفكر بانقاذ ديكتاتوريي البحرين.
عصر ايران – ان دخول جيوش بعض الدول العربية بمنطقة الخليج الفارسي الى البحرين، لقتل المحتجين العزل يمكن اعتباره منعطفا في تاريخ المنطقة. ورغم ان سلطات هذه الدول تزعم بان هذا الاجراء ياتي في اطار الاتفاقات البينية للدفاع عن احدهم الاخر لكن ايا منهم لم يشر الى ان هذه الاتفاقات المشتركة قد ابرمت لصد الاعتداءات الاجنبية لا ان يتم ارسال هكذا قوات عسكرية لقتل محتجين عزل يطلقون شعارات سلمية في الشارع.

واذا ما كانت البحرين تواجه انتفاضة مسلحة وشبه عسكرية، ربما كان بالامكان تبرير ارسال هذه الحشود العسكرية لكن ما حدث خلال الاسابيع الاخيرة في البحرين، هو مجرد احتجاج مدني سلمي تمثل في تجمعات الناس في ميدان اللؤلؤة في المنامة.

لذلك فان ما يحدث من قبل الجيش السعودي وبعض الجيوش العربية بالمنطقة في البحرين، يمكن النظر اليه من زاوية جرائم الحرب ضد المواطنين العزل فحسب.

ومن الناحية السياسية يجب القول بان السعوديين يرون الاوضاع الحالية في البحرين مناسبة لا لانقاذ اسرة "ال خليفة" بل لاقامة استغلال عربي حديث في هذا البلد الصغير. وفي الحقيقة فان الرياض، تفكر بايجاد موطئ قدم لها في البحرين وزيادة قوتها الاقليمية "على حساب الشعب البحريني" قبل ان تكون تفكر بانقاذ ديكتاتوريي البحرين.

لذلك فان الجيش السعودي قد دخل البحرين من دون اي اذن وترخيص من المؤسسات الدولية بما فيها مجلس الامن الدولي، وبدا على الفور بقتل الناس العزل في مختلف مدن البحرين، مثلما قام في اليوم الاول بقتل واصابة 204 اشخاص في مدينتين بالبحرين.

وبلا شك فان هذا الوضع غير قابل للاحتمال من قبل ايران من ناحيتين على الاقل، الاولى ان السعوديين بصدد تغيير موازين القوى في المنطقة وهذا يشكل خطا احمر بالنسبة لايران والثانية ان ضحايا هذا الحشد العسكري، هم الشيعة الذين لا يملكون سلاحا للدفاع عن انفسهم في مواجهة جيش الوهابيين.

وبناء على ذلك، لا يظنن السعوديون بان ايران ستقف موقف المتفرج في هذا الصراع. ففي ايران، هناك الراي العام المناهض بشدة للسعودية وال خليفة الذين حولوا عملية قتل الشيعة الى اسلوب دارج، من جهة، اضافة الى ان المصالح الطويلة الامد للجمهورية الاسلامية الايرانية لا تحتمل هكذا تغيرات غير مالوفة في المنطقة من جهة اخرى.

ورغم انه من المستبعد ان تكون هناك حشود عسكرية ايرانية في المقابل الى البحرين للدفاع عن الشيعة (رغم ان هناك من يدعم هذه الفكرة) لكن لا يجب الشك انه مع انهيار الوضع السابق، فان ايران لن تبقى بانتظار اعادة تاهيله من قبل السعودية، مثلما حدث في لبنان حيث انتصرت الدبلوماسية الايرانية على الطرف الاخر رغم النفوذ الامريكي والسعودي والفرنسي الذي كان سائدا هناك.

ان الشيعة في البحرين الذين يشكلون اغلبية بنسبة 70 الى 80 من مجمل السكان والشيعة في السعودية الذين يشكلون اقلية بنسبة 20 بالمائة، كانوا لحد الان يعتبرون الشريحة الصامتة في منطقة جنوب الخليج الفارسي لحد الان. وان ايران وبحكم علاقات حسن الجوار مع جيرانها الجنوبيين، كانت تقيم علاقات متعارفة ومبنية على حسن النية مع هذه المجموعات. في حين ان السعوديين وطوال جميع هذه الاعوام حاولوا اثارة النزاعات الطائفية في ايران وبث الحقد الطائفي من خلال اجراءات مثل دعم زمرة ريغي الارهابية، لكن لحسن الحظ لم ولن يحدث صراع شيعي سني في ايران في ظل وعي وتيقظ الشعب الايراني.

لكن الان وقد اشهرت السعودية السيف ولجات رسميا الى قتل الشيعة من اجل تغيير موازين القوى في المنطقة واحتلت البحرين عسكريا على ارض الواقع، فيجب عليها انتظار تغيرات هائلة من جراء قرارها غير الحكيم هذا.

ان السعوديين وحكام البحرين الذين كانت لهم لقاءات وحديث مع الشيعة، يعرفون جيدا بان ثقافة الشيعة هي ثقافة الصبر والاحتمال ، لكن عندما ينفد الصبر ويطفح الكيل، فان السلام الحسني سيتحول الى النهضة الحسينية وهذا يعد "رمزا" بحد ذاته.

وبلا شك، فان ال سعود وال خليفة لا يرغبون بان تتشكل الى جانبهم تيارات قوية وصاحبة اثر تشبه حزب الله اللبناني لكنهم دفعوا الى هكذا تطور من خلال لجوئهم الى العنف العسكري. ولو افترضنا ان السعوديين تمكنوا من قتل مئات الشيعة البحرينيين والاستيلاء على ميدان اللؤلوة ، فماذا سيفعلون لاحقا بسبب الحقد الذي زرعوه والتدبير الذي سيعتمده الشيعة في البحرين والسعودية لتعزيز قدراتهم الدفاعية ويستفيدون فيه من خبرات اصدقائهم؟

وليعلم السعوديون بان شيعة جنوب الخليج الفارسي، لن تكون تلك الشريحة الصامتة التي كانت في العقود الاخيرة، بل ان احقاق الحق والثار لدمائهم التي اريقت، ستشكل خصوصيتهما الجديدتين اللتين ستزعجان وتربكان الديكتاتوريين. لقد خلطت السعودية الاوراق لكنها لن تعيد ترميم وتاهيل الاناء الذي تكسر.